أوقف السينمائي الفرنسي من أصل بولندي رومان بولانسكي السبت الأخير، بموجب مذكرة بحث دولية صادرة سنة 2005 لها علاقة بمذكرة توقيف صادرة عام 1978، وبناء عليها تم توقيفه لدى وصوله إلى سويسرا للمشاركة في مهرجان «زيوريخ للفيلم» . قرار التوقيف ، جاء بموجب اجراءات قضائية تصنف في اطار قضية أخلاقية، كان المخرج رومان بولانسكي (البالغ اليوم 76 عاما)، قد أوقف بشأنها سنة 1977 في لوس انجلس اثر شكوى تقدم بها والدا مراهقة في الثالثة عشرة ، تدعى سامانثا جيمير. وقد اعترف آنذاك ب «إقامة علاقات جنسية غير قانونية». وأمضى شهرا ونصف الشهر في السجن. وفي نهاية يناير1978 ، وغداة اجتماع بين محاميه وأحد القضاة الذي ألمح إلى إمكانية إعادة بولانسكي إلى السجن استقل المخرج الطائرة من الولاياتالمتحدة إلى فرنسا ليستقربها. ومع حصوله على الجنسية الفرنسية ، أصبح في مأمن من تسليمه إلى الولاياتالمتحدة ، لكنه يظل يواجه الاعتقال كهارب من العدالة في لحظة وضع قدميه على التراب الأمريكي. وقد سبق لرومان بولانسكي ، أن فشل في مسعاه لإلغاء هذا الحكم الصادر ضده قبل 30 سنة في محكمة لوس انجلس المحلية. وقال محامو المخرج، أنهم طلبوا من المحكمة إحالة أوراق القضية إلى مجلس قضاء كاليفورنيا لاختيار قاض «غير منحاز من خارج المنطقة». لكن كبير القضاة في محكمة لوس انجلس ، بيتر اسبينوزا ، قضى بأن خطوة الدفاع «تكشف عن غياب أرضية قانونية لإلغاء الحكم لذلك تقرر رفضها». وكان محامو بولانسكي قد أدرجوا طلبا آخر لإلغاء الحكم في دجنبر الماضي لإلغاء الحكم الذي صدر قبل 30 سنة ضد موكلهم حيث أثاروا وجود «أدلة جديدة» تبين الخروقات القضائية التي وقعت في إصدار الحكم السابق. وقائع القصة بعد 30 سنة من اغتصابها من طرف بولانسكي ، تحدتث سامانثا جيمير، لصحيفة «لوس انجليس تايمز» عن مشاعرها تجاه المخرج رومان بولانسكي ، فقالت: «التقيت رومان بولانسكي عام 1977 ، عندما كان عمري 13 عاماً. كنت في الفصل المدرسي التاسع في ذلك العام ، عندما أخبر بولانسكي والدتي أنه يريد أن يأخذ صورا لي لاحدى المجلات الفرنسية. هذا ما قاله لكن بدلاً من ذلك، قام بعد التقاط الصور بمنزل جاك نيكلسون في شارع مولهولاند درايف بفعل شيء مختلف تماماً. حيث أعطاني شمبانيا، وقطعة من كوالوود ، ثم استغل الوضع لينال مني». وتضيف سامانثا «لم تكن تلك ممارسة جنسية بالتراضي. قلت «لا» مراراً لكنه لم يضع اعتبارا لقولي. كنت وحيدة ولم أعرف، ماذا افعل... لقد كان الأمر مخيفاً ، وحين انظر للماضي أراه مثيرا للذعر الشديد. لقد كان ذلك منذ وقت طويل ، ومن الصعب تذكر الطريقة التي حدث بها كل شي على نحو دقيق. ولكن كان عليّ أن أردد القصة لمرات عديدة ، فأنا أحفظها عن ظهر قلب». وعن أطوار المحاكمة التي صاحبة القضية، تقول سامانثا «لقد رفعنا دعوى قضائية واعترف هو بأنه مذنب. وتم الاتفاق على تسوية للقضية بواسطة محاميه ومحامينا والنائب العام للمنطقة ، وتم قبول التسوية من جانب القاضي. لكن لدهشتنا تراجع القاضي في اللحظة الأخيرة عن موقفه وسحب موافقته على التسوية. وخوفاً من أن يتعرض لقضاء 50 عاما أخرى في السجن بعد الزمن الذي قضاه سلفا فإن بولانسكي فر من البلاد ولم يرجع قط. ولم يحدث أن رأيته أو تحدثت معه منذ ذلك الحين». وحين أنظر إلى الوراء ، فلا بد أن أقول أنه قام بفعل سيئ للغاية. إنه أمر مرعب أن يفعل ذلك لفتاة صغيرة، ولكن ما حدث وقع قبل 30 عاما». وعن إثارة الموضوع من جديد، تعتبر نفسها أنها « لا تحس بشعور بالبغض أو بالعطف نحوه». وتضيف بأنها تعلم «أن هناك ثمناً يجب دفعه مقابل الفرار، ولكن من الذي لا يفكر في الفرار، عندما يواجه حكما بالسجن 50 عاماً من قاض ، أتضح أنه أكثر اهتمام بسمعته عن اهتمامه بإصدار حكم عادل أو حتى الاهتمام بمصلحة الضحية؟ .. وإذا استطاع بولانسكي ، حل مشاكله سأكون سعيدة بذلك. وآمل أن يعني ذلك أنني لن أعود للحديث ابداً عن هذا الموضوع مرة أخرى. أحياناً أحس اننا نحن الاثنين تلقينا حكما يستمر مدى الحياة. وقد يستغرب العديدون من سلوكي. وذلك لأنهم لم يمروا بكل ما مررت به. ولا يعرفون كل ما أعرفه. إن الناس لا يعلمون أن القاضي تراجع عن موقفه. ولا يعرفون مدى ما تعرضنا له جميعا من الصحافة، وحدث ولا حرج عن انتهاك المشاعر. إن الاعلام جعل حياتنا جحيما ذلك العام، ولقد ظللت أحاول منذ ذلك الحين أن اضع الموضوع برمته وراء ظهري. واليوم، أنا سعيدة بحياتي. لي ثلاثة أبناء وزوج. وأعيش في مكان جميل واستمتع بعملي، فما الذي أرغب فيه أكثر من ذلك؟ لا أحد يجب أن يقلق بشأني». تداعيات توقيف بولانسكي في هذا السياق ، قررت ادارة مهرجان زيوريخ ارجاء تسليم المخرج جائزة تكريم على مجمل أعماله، كان من المقرر تسليمه له الأحد الأخير إلى أجل غير مسمى. ومن جهته قال محامي المخرج السينمائي رومان بولانسكي ،إنه سيطعن في عملية اعتقاله في سويسرا، ومحاولة تسلميه الى الولاياتالمتحدة. كما نقلت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، عن محاميه القول «سنطالب باطلاق سراحه ونناضل ضد عملية التسليم». وأدانت فرنسا اعتقال الشرطة السويسرية لبولانسكي أثناء حضوره لمهرجان أقيم لتكريمه على أراضيها. وقال وزير الثقافة الفرنسي، فريدريك ميتران، إنه شعر ب «الذهول» لدى سماعه بنبأ إلقاء القبض على بولانسكي، مضيفا أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يتابع تطورات القضية عن كثب. وجاء في بيان أصدره مكتب وزير الثقافة الفرنسي: «إننا نأسف بشدة لأن محنة جديدة تُسبَّب لشخص سبق له أن خبر العديد من المحن قبلها». ومعلوم ، أن سويسرا ترتبط مع الولاياتالمتحدة بمعاهدة لتبادل الفارين من وجه العدالة، بينما لم توقع فرنسا على مثل تلك المعاهدة مع واشنطن.