تنشر «الاتحاد الاشتراكي»، على امتداد شهر رمضان، سلسلة من المقالات والحوارات الساخنة والصور النادرة، التي يتم الكشف عن بعضها للمرة الأولى. سلسلة شيقة وغنية بالتفاصيل المثيرة، تحمل في طياتها حقائق عن شخصيات وأحداث تشكل علامات بارزة في التاريخ القومي العربي، من أبو إياد وأبو عمار إلى صدام حسين. يكشف الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي أعدم نهاية دجنبر 2006، في وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومي الأمريكي مؤخرا خفايا كثيرة عن حروبه وأيامه الأخيرة في الحكم وحتى اعتقاله وظروفه في السجن. والوثائق هي عبارة عن محاضر 20 استجوابا رسميا وخمسة محادثات عادية أجراها جورج بيرو، وهو محقق من مكتب المباحث الفيدرالي الأمريكي «إف.بي.آي»، للرئيس السابق ما بين 7 فبراير و28 يونيو 2004. ويغطي صدام في أجوبته على أسئلة المحقق وصوله للسلطة والحرب مع إيران وغزو الكويت وأسلحة الدمار الشامل والمزاعم عن علاقته ب«القاعدة». قبل الجلسة السابعة عشر، أحيط صدام علما بأن الجلسة ستكون استكمالا للمقابلة السابقة. وأُعلم بأن هذه المناقشة ستتضمن استعراضا للجزء المتبقي من الفيلم الوثائقي الخاص بالموقف في جنوب العراق عام 1991 في أعقاب حرب الخليج الأولى. وقد أنتج الفيلم الذي جاء تحت عنوان «آخر حروب صدام حسين عام 1993». روى أحداث الفيلم المعلق البريطاني مايكل وود. وقد بدأ المحقق تلك الجلسة بمشاهدة الفيلم الذي استغرق حوالي 22 دقيقة وثلاثين ثانية. سأل صدام حسين عن مصدر رقم 300,000 الذي تحدث عنه المعلق في الفيلم حيث ذكر المعلق أن التقديرات بأعداد القتلى في جنوب العراق قامت بها الحكومة العراقية. وأشار المحقق إلى أن هذا الرقم نوقش خلال جزء الفيلم الذي تمت مشاهدته في الجلسة السابقة وأن مصدره هو الحكومة العراقية. وبحسب الفيلم أعلمت الحكومة العراقية الأكراد بعدد الشيعة الذين قتلوا. وأضاف المحقق أنه يعتقد أن هذه الرسالة من الحكومة العراقية يقصد منها تحذير الأكراد بعدم تحدي الحكومة. أظهر الفيلم مشاهد من عمليات الحكومة العراقية ضد أهوار شط العرب في جنوب العراق كان من بينها تسميم المياه مما نتج عنه قتل الأسماك وتدمير القرى وتجفيف الأهوار. وعلق صدام بأن بعض تلك المشاهد لا تبدو وكأنها صورت في أماكن الأهوار. ثم أظهر الفيلم بعد ذلك بعض المشاهد الأخرى وعلق على معاملة الحكومة العراقية للشيعة في جنوب العراق والأكراد في الشمال وأهوار شط العرب، وناقش الفيلم إمكانية مقاضاة صدام على تلك الجرائم؟ فقال صدام معلقا: «الآن وقد اعتقلوني، دعوهم يقدموني للمحاكمة». انتهى الفيلم بعد ما يقرب من حوالي خمس وخمسين دقيقة وخمسين ثانية. وبناء على طلبه أعلم المحقق صدام بأن الفيلم أُعد عام 1993. وبشأن تولي بعض كبار القادة العراقيين مسؤولية التعامل مع انتفاضة في جنوب العراق عام 1991 قال صدام: «أوكلنا المسؤولية لمن لديه القدرة على التعامل مع الموقف»، وأنكر أنه قال من قبل إنه لم يكن يرغب في معرفة تفاصيل كيفية وقف الانتفاضة، وأنه كان يرغب فقط في معرفة النتائج. وتساءل: «من الذي قال إنني لم أكن أرغب في معرفة الكيفية التي سيتم بها التعامل مع الانتفاضة». وعندما أعلمه المحقق أنه قال ذلك في جلسة سابقة، قال: «إن الهدف الرئيسي لأي فرد كان يتمثل في وقف الاضطرابات ووضع حد للخيانة». أشار المحقق إلى أن الفيلم الوثائقي أظهر تكلفة وضع حد للخيانة سواء من البشر والأشياء الأخرى. وقال صدام: «إن شيئا لم يظهر في الفيلم، فهو يظهر الأفراد الذين اعتقلتهم الحكومة العراقية وبعض المسؤولين الحكوميين الذين تصرفوا بصورة خاطئة». واعترف بأن الفيلم يضم مشاهد لقضايا أخرى. تحولت المحادثة بعد ذلك إلى مناقشة تعريف الخيانة في مقابل الثورة. قام المحقق بتذكير صدام أنه شاهد قسما من الفيلم في الجلسة السابقة يزعم أن الرئيس بوش حرض الشيعة على الثورة ضد الحكومة العراقية عام 1991. وذكره أيضا أن صدام ذكر من قبل أن الشيعة بعد تشجيع بوش انقلبوا ضد بلدهم وأنه اعتبرهم متآمرين. أشار المحقق إلى أن البعض قد يلجأ إلى إطلاق نفس التسمية على حزب البعث للمحاولات الانقلابية التي قام بها والانقلابات الناجحة عام 1959 و1963 و1968 وأوضح لصدام أن البعض يشبه الانتفاضة الفاشلة بالخيانة بينما الناجحة ينظر إليها على أنها ثورة. وقال صدام: «ليس لدي تعليق». وأضاف أن الفيلم أدنى من أن أعلق عليه. ووصف الفيلم بعدم الحيادية وأنه صنع كمبرر إضافي «للمؤامرات التي تحاك ضد العراق»، من بينها تقسيم الدولة. وقال صدام إن المتهم يجب أن يمنح الفرصة للدفاع عن نفسه وتساءل هل مُنح العراق الفرصة للدفاع عن نفسه بشأن المعلومات التي وردت في الفيلم. وتساءل أيضا حول معقولية استجواب رئيس دولة حول فيلم دعائي كهذا، وأضاف: «يجب أن نوقف هذا البرنامج»، وأكد أنه أجاب على كل أسئلة المحقق وأنه لن يعلق على مثل تلك الأفلام الدعائية. اعترف صدام أن محمد حمزة الزبيدي وكمال مصطفى عبد الله، أرسلا إلى الناصرية عام 1991 لمواجهة انتفاضة الشيعة في هذه المنطقة، كما أرسل حسين كامل إلى كربلاء وعلى حسن المجيد إلى البصرة وعزة إبراهيم الدوري إلى الحلة. عن دنيا الوطن