انتهت رسميا صباح أمس الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة في إيران في انتظار موعد الحسم عند فتح صناديق الاقتراع يومه الجمعة، بعد حملة ساخنة لم تشهد البلاد لها مثيلا وسط حشد شعبي وتبادل للاتهامات بين المتنافسين وتحذيرات وتهديدات. واللافت أن مدير الأمن الداخلي الإيراني حذر أي طرف من خرق القانون، موضحا أن الحكومة لن تتساهل مع أي خرق للحملة الانتخابية، إذ على عكس الأيام السابقة التي لم تظهر فيها قوات الأمن انتشرت الشرطة منذ المساء في الشوارع، حيث حصل بعض التشنج بين أنصار نجاد وموسوي. واختار نجاد العاصمة طهران لإنهاء حملته الانتخابية، في حين اختار موسوي المناطق النائية التي تعتبر معقلا للمحافظين ليختتم فيها حملته. وقبل ساعات من انتهاء الحملة الانتخابية اتهم رئيس المكتب السياسي للحرس الثوري الإيراني يد الله جواني خصوم الرئيس أحمدي نجاد بالتحضير لما سماها «ثورة مخملية » في إيران، مع احتدام الحملة الانتخابية. وهدد جواني بسحق أي محاولة لإثارة العنف بعد الانتخابات إذا خسر منافسو نجاد، مشيرا إلى أن استخدام لون معين من جانب مرشح معين «يظهر بداية مشروع الثورة»، وذلك في إشارة إلى استخدام المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي اللون الأخضر في حملته الانتخابية. من جانبه قال نجاد إن حكومته تتعرض لما سماها «حربا نفسية»، واتهم خصومه بترويج الأكاذيب عنه وعن حكومته، مشيرا إلى أن هدفهم من ذلك إثارة تشنج في الشارع وتشويش أفكار الناخبين قبل الانتخابات. واعتبر الرئيس الإيراني -في كلمة ألقاها أثناء تجمع انتخابي في طهران أول أمس- أن منافسيه يستخدمون ما قال إنها أساليب تجريح استخدمها الزعيم النازي أدولف هتلر، ملوحا بأنهم قد يواجهون السجن على خلفية ما اعتبره إهانة منهم في حقه. وفي هذا الصدد قال نجاد إن «إهانات واتهامات من هذا القبيل ضد الحكومة هي عودة إلى أساليب هتلر، وهي تكرار الأكاذيب والاتهامات حتى يصدق الجميع تلك الأكاذيب»، متهما منافسه موسوي بالكذب لتضليل الناخبين بشأن حقيقة المشاكل الاقتصادية التي تواجه البلاد. وكان الرئيس الإيراني قد اتهم مؤيدي موسوي - ومن بينهم الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني - بالفساد، ورد الأخير بغضب مطالبا مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي «بكبح جماح» أحمدي نجاد. وفي المقابل يقول موسوي ومرشحان آخران إن أحمدي نجاد كذب بشأن حالة الاقتصاد الذي يعاني من ارتفاع التضخم وانخفاض إيرادات النفط عن المستويات القياسية التي بلغتها العام الماضي. ويتهم موسوي الرئيس الإيراني بعزل البلاد بهجومه اللاذع على الولاياتالمتحدة وبنهجه «المتشدد» في ما يتعلق بسياسة إيران النووية وبإنكاره «المحرقة اليهودية». ويدعو موسوي إلى تخفيف التوترات مع الدول الغربية، لكنه يرفض مطالبة طهران بوقف برنامجها النووي الذي يخشى الغرب من أنه قد يستخدم في صنع قنابل نووية. ويعتقد العديد من الخبراء والمراقبين أن الانتخابات الرئاسية العاشرة التي تجري يومه الجمعة ستكون مصيرية، ونقطة فاصلة في تاريخ الثورة التي انطلقت عام 1979. فإيران في زمن الرئيس أحمدي نجاد عاشت في عزلة إقليمية ودولية، وهذه الانتخابات ستكون فرصة ذهبية لأجل تغيير الرئيس نجاد وإزاحته. على اعتبار أن بقاء نجاد في سدة الحكم يعني أن إيران مقبلة على كوارث . وفي حال فوز مير حسين موسوي فإن إيران ستعيد النظر في الكثير من القضايا الإقليمية. ويرى المتتبعون أن رسالة الرئيس رفسنجاني كانت تحمل الكثير من التهديدات المبطنة، وأنها إشارة واضحة للمرشد خامنئي بأن إيران ستدخل في أتون حرب الشوارع إذا ما جددت الحكم مجددا للرئيس أحمدي نجاد. وتحدثت عدة تقارير عن تحريك الحرس الثوري لعدة كتائب داخل طهران خوفا من حدوث انقلاب مخملي، لذلك فإن المتتبعين يعتقدون أن الساعات المقبلة قد تكون حبلى بالمفاجآت. وفي مشهد يعكس حالات العداء بين أقطاب النظام السياسي في إيران أكد نجاد أول أمس في وسط طهران بأنه لن يتراجع عن تصريحاته ضد عائلة رفسنجاني وإنه يمتلك الوثائق الكاملة للفساد الاقتصادي. واتهم نجاد خصومه بأنهم شكلوا مع أعداء إيران جبهة لمحاربة الدولة في البرنامج النووي. وخاطب نجاد رفسنجاني قائلا« إذا كنتم تموتون حرقا على الأربع سنوات، فأنا أقول لك ماذا عملت الحكومات السابقة وطيلة 16 عاما لإيران؟ أين مشاريعها العمرانية؟ لقد انشغلت تلك الحكومات بالسرقة ولدي وثائق تثبت ذلك». ورفض الرئيس السابق محمد خاتمي تلك الاتهامات، وقال في مهرجان في مدينة مشهد «إن الرئيس نجاد يكذب لأن حكومته من أكثر حكومات البلاد فسادا».