بطلب من سكان حي كيش لوداية بالرباط، عقد بمقر الحزب بأكدال يوم 16 أبريل 2009، اجتماع موسع بين النائبة البرلمانية للاتحاد الاشتراكي وعدد من مستشاريه الجماعيين بممثلي السكان ومسؤولي التعاونيات والوداديات بالحي المذكور، لتدارس تظلماتهم من الحيف اللاحق بهم، جراء إلحاقهم قسرا بإقليم الصخيرات-تمارة في إطار التقطيع الانتخابي الجديد. وتجدر الإشارة إلى أن التقطيع الجديد لم تتم استشارة منتخبي مجلس مدينة الرباط، أو النواب أو المستشارين بمقاطعة أكدال الرياض بشأنه، في خرق سافر لمذكرة وزير الداخلية التي ألحت على اعتماد مقاربة تشاركية وعلى ضرورة التشاور مع ممثلي الساكنة، واعتبار معايير موضوعية ضمنها الأبعاد الاجتماعية والديمغرافية. إذ أعد قرار اجتزاء حي كيش لوداية من مدينة الرباط في تستر تام ليفاجأ به الجميع، ساكنة ومنتخبين، ويوضعون أمام الأمر الواقع، ضدا على مبدأ الشفافية الذي اعتمدته المذكرة ضمانا لمصداقية العملية الانتخابية، ودليلا على إرادة الدولة للقطع مع سلوكات الماضي التي كان يوظف فيها التقطيع الانتخابي لصنع الخرائط السياسية على المقاس. كما يسجل التعجيل غير القانوني بتسليم السلط بين عاملي الرباطوتمارة قبل صدور المرسوم في الجريدة الرسمية وقبل إجراء الانتخابات، مما يضع العملية خارج القانون. وقد أكد كل المتدخلين على تطلعهم لاسترجاع الثقة في الحياة السياسية والعملية الانتخابية، والتعبئة من أجل رفع نسبة المشاركة وتعزيز مصداقية المؤسسات المنتخبة، غير أن كل التدخلات أكدت على ما أصاب ساكنة هذا الحي من خيبة أمل وإحساس بالحيف وامتهان للكرامة بالتعامل معهم كقطيع ينقل من مدينة ليلحق بأخرى، دون أي اعتبار لأوضاعهم ومصالحهم وإرادتهم، وللهوية الاجتماعية والثقافية للحي. فحي كيش لوداية أنشئ كامتداد عمراني لمدينة الرباط، منذ سنة 1984 وظل تابعا لجماعة أكدال الرياض ثم مقاطعة أكدال الرياض، ولا يمكن التشطيب عليه من عمالة الرباط ووضعه خارج حدود دوائر جماعة الرباط بجرة قلم، دون أي اعتبار للانعكاسات الوخيمة على أوضاع الساكنة ودون احترام للقواعد المعتمدة في إعداد التراب الوطني. إن استقرار آلاف المواطنين والمواطنات بهذا الحي، وأغلبهم من الأطر والأساتذة الجامعيين والمسؤولين الإداريين لهم ارتباط عضوي بمؤسسات العاصمة، وهو أساس اختيارهم لمدينة إقامتهم، ولا يستسيغون أن يفرض عليهم الانتماء إلى مدينة أخرى ضدا على إرادتهم واختيارهم الحر، وكل أبنائهم يدرسون بمؤسساتها التعليمية وكل مصالحهم الإدارية والصحية والخدماتية ترتبط بها، كما أنهم اقتنوا مساكنهم بكلفة ترتبط بقيمة العقار بالعاصمة. ويعتبر السكان عدم مراعاة كل هذه الاعتبارات استهتارا بمصالحهم وضربا لحقوقهم الأساسية، وخاصة حقهم في الاختيار الحر لمكان سكناهم وفي الولوج إلى الخدمات الأساسية، وإرباكا لتمدرس أبنائهم وضربا لحقهم في التنقل السلس لأنهم جميعا مرتبطون بالرباط، ولأن أغلبهم يستعمل سيارات الأجرة التي لم يعد مسموحا لها بإيصالهم من وإلى حيهم، مما ترتبت عنه متاعب جمة لهم ولأبنائهم ومرضاهم. كما استنكر السكان منطق الإلحاق بمدينة تمارة التي تشهد أصلا تضخما سكانيا يصعب تدبيره، والتي تعج بمشاكل كبرى كمدن الصفيح والسكن العشوائي والأمن وإشكالية النقل، وتدبير النفايات التي من الحري بها أن تنكب على حلها، وهي غير قادرة على تدبير أحياء إضافية. إن إلحاق وحدات عمرانية بتراب عمالة ما، ينبغي أن ينبني على ما سيضمنه هذا الضم من تحسين للخدمات ولظروف عيش ساكنته والارتقاء به، وما حصل سيتفاقم غدا بالنسبة لكيش لوداية هو تردي شروط الحياة فيه، وعرقلة مصالح ساكنته. وقد بدأت تداعيات هذا القرار تنعكس سلبا على الحي من تراكم للأزبال وتدهور للأمن وصعوبات في التنقل، مما أربك تمدرس أبناء الحي وتنقل الساكنة إلى مقرات عملهم، وكذا في الحصول على وثائقهم الإدارية. ومن ردود الفعل الأولى والتلقائية للسكان، العزوف الكبير عن التسجيل في اللوائح الانتخابية، ورفض أغلب المواطنين لطلب وثائقهم الإدارية من المصالح المرتبطة بمدينة تمارة رغم أهميتها. المتدخلون خلصوا إلى أن المشكل المفتعل أدى إلى تيئيس السكان وفقدانهم الثقة في مصداقية الانتخابات المقبلة، وعدم استعدادهم للمشاركة فيها وهو ما يضرب في الصميم تطلع البلاد، وسعيها للحد من ظاهرة العزوف وضمان انخراط أكبر عدد من المواطنين في الاستحقاقات المقبلة. ودعوا إلى أن تعمل الحكومة وخاصة وزير الداخلية على تصحيح الوضع، ورفع هذا الإجحاف عن سكان حي أساسي من أحياء مدينة الرباط وصون حقوقهم ومصالحهم وكرامتهم. فالمرسوم رقم 2.08.520 لم ينشر بعد في الجريدة الرسمية وهو في كل الأحوال لا يدقق في حدود الجماعات، بل يحيل ذلك على وزير الداخلية الذي تعود إليه صلاحية تعيينها بموجب قرار منه كما جاء في المادة الأولى منه. لذلك يهيب السكان بوزير الداخلية أخذ حقوقهم ومصالحهم بعين الاعتبار، ومراعاة مصلحة البلاد في ضمان الانخراط الإيجابي لكافة المواطنين في الاستحقاقات المقبلة، بالعمل على مراجعة هذا الحيف الذي لم يتم في شأنه التشاور حتى مع ممثلي السكان المنتخبين، ضدا على فلسفة ومقتضيات المذكرة الصادرة عنه. وفي نهاية الاجتماع أكدوا استمرارهم في التعبئة المسؤولة، وأملهم في تظافر جهود الجميع لوضع حد لما لحقهم من ظلم وحيف، كما التزمت النائبة البرلمانية والمستشارون الجماعيون الحاضرون بالإجماع، بمتابعة ملفهم.