رحل عن دنيانا فجر يوم السبت الماضي، بالقاهرة، المفكر والناقد المصري الكبير محمود أمين العالم، عن سن يناهز 87 سنة، إثر أزمة قلبية مفاجئة. وبرحيله تفقد مصر والعالم العربي واحدا من كبار مناضلي اليسار في العالم العربي، الذي جسد فعليا مثال « المثقف العضوي » الملتزم ميدانيا ونضاليا بمصالح الشرائح الواسعة من أبناء بلده. وظل يزاوج دوما بين الفكر والممارسة، كونه من الأوائل الذين اهتموا بفلسفة العلوم في عالمنا العربي وألف العديد من الكتب في هذال المجال. وقد سبق له أن حاز العديد من الجوائز لعل أهمها جائزة الشيخ مصطفى عبد الرازق في الفلسفة حول بحثه القيم المتعلق ب « فلسفة المصادفة الموضوعية في الفيزياء الحديثة ودلالتها الفلسفية ». مثلما اشتهر بمساجلاته الطويلة عبر الصحافة مع عميد الأدب العربي طه حسين، التي كان ينتصر فيها للإتجاه الواقعي في الأدب. وبعد طرده من الجامعة بسبب انتمائه للحزب الشيوعي المصري، اشتغل بمجال الصحافة لسنوات، مثل ذاق مرارة الإعتقال في عهد الناصرية بسبب مواقفه من مشروع الوحدة مع سوريا. وبعد الإفراج عنه سنة 1964، بعد خمس سنوات من الإعتقال، تمت مصالحة بينه وبين جمال عبد الناصر، حيث أصبح رئيسا لمجلس الهيئة المصرية العامة للكتاب، ثم رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة المسرح والموسيقى والفنون الشعبية، وبعدها رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة جريدة « أخبار اليوم ». لكن مع مجيئ السادات عاد الرجل لانتقاد الإنحرافات التي طالت مجالات الإصلاح التي كان يقودها عبد الناصر واعتقل من جديد بتهمة الخيانة العظمى. وبعد إطلاق سراحه هاجر إلى لندن للتدريس بإحدى جامعاتها، وبعدها هاجر إلى باريس بطلب من المفكر الفرنسي الكبير جاك بيرك، حيث عمل محاضرا بجامعة باريس من سنة 1973 حتى سنة 1984.