بمناسبة مرور ربع قرن على تولي جلالة الملك محمد السادس العرش على اسلافه المنعمين، اجرت اتحاد بريس بمؤسساتها الإعلامية جريدة «الا تحاد الاشتراكي» وجريدة «ليبيراسيون» وموقع « انوار بريس» حوارا مع الكاتب الأول ادريس لشكر في شخص مدرائها على التوالي عبدالحميد جماهري ومحمد بنعربية ومحمد الرامي، هذا الحوار الذي يستعرض ابرز محطات العهد الجديد والتدبير المحكم والمنفتح لجلالة الملك محمد السادس انطلاقا من دعمه للتناوب التوافقي الذي بدأ مع المرحوم الحسن الثاني، ملف طي صفحة الماضي وهيئة الإنصاف والمصالحة والاصلاحات القانونية والتشريعية التي شهدتها البلاد كأسس لانطلاقة تنموية واقتصادية للمملكة ثم دور الاتحاد الاشتراكي الذي كان يقود الحكومة في الدفع بكل هذه الإصلاحات السياسية والتشريعية والقانونية، بالإضافة إلى وضعية المرأة المغربية والمساواة والدولة الاجتماعية والحماية والتغطية الاجتماعية، فضلا عن التدبير المتميز بجلالة في القضايا الكبرى التي عرفها المغرب المتمثلة في زلزال الحوز وجائحة كوفيد 19، والمشاريع الكبرى المهيكلة بالمملكة وقضايا أخرى كسياسة مواجهة الإجهاد المائي، والقطار الفائق السرعة وشبكة الطرق السيارة. الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كان في قلب الحدث السياسي في مرحلة الانتقال الديمقراطي ويقود حكومة التناوب التوافقي، هل يمكن أن تحدثنا حول هذه المرحلة الهامة في تاريخ المغرب؟ لابد من التنويه بمبادرة اتحاد بريس بكل مؤسساتها الإعلامية. جريدة الاتحاد الاشتراكي وجريدة ليبيراسيون ومواقعها الإلكترونية وموقع انوار بريس، هذه المبادرة التي تأتي والشعب المغربي يستعد للاحتفال بالذكرى 25 سنة لتولي جلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين. لماذا التنويه بالمبادرة؟ لأنه حان الوقت، ومن الضروري ونحن نحتفل بربع قرن على تولي جلالة الملك محمد السادس مقاليد الحكم وقيادة الشعب المغربي، أن نستحضر بهدوء كل السياقات الجهوية والقارية والعالمية، بالنظر إلى أن دولا كثيرة أدت بها مكوناتها الاثنية والاقليمية وما هو موروث عن الاستعمار علاوة على اوضاعها الداخلية، إلى كوارث، ففشلت وصارت عاجزة عن إعادة البناء واستنهاض هممها للتوجه نحو المستقبل، لكن نحن كأمة بفضل محورية المؤسسة الملكية في قيادة هذا الشعب وصلنا إلى ما و صلنا اليه ونسير في الاتجاه الصحيح بخطى ثابثة نحو التقدم والتنمية وتعزيز الاستقرار ودوله الحق والقانون والمؤسسات. وبالرجوع إلى سؤالك، و إلى ما وقع في أواخر التسعينات بتشكيل حكومة التناوب التوافقي بقيادة الراحل عبدالرحمان اليوسفي حين احتل حزب الاتحاد الاشتراكي المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، لا يمكن الحديث عن هذه المرحلة السياسية في التاريخ السياسي المعاصر للبلاد، دون التأكيد على أننا أمة لها تاريخ مجيد، و لها مؤسسات تنفيذية و تشريعية وقضائية قوية، ومؤسسات للحكامة الأمنية والدستورية صلبة وإدارة ترابية ، مركزية وجهوية متمرسة، وحركية دؤوبة في المجتمع المدني والحقوقي، وكل هذه المقومات والمؤسسات السياسية والدستورية والمدنية، كانت تؤكد على أن انتقال السلطة سيكون انتقالا هادئا و سلسا، طلك أن الدول التي لها مؤسسات قوية من هذا القبيل لا خوف عليها، ولايؤثر انتقال السلطة فيها على استقرارها واستمراريتها. شخصيا، لما وصلني خبر وفاة الملك المغفور له الحسن الثاني، لم أستسغه بل لم اصدقه و لكن حين تأكد لي ذلك عبر اتصالات و الوزراء ومسؤولين في الحكومة والراحل عبدالرحمان اليوسفي، شعرت بهول فاجعة كبيرة ألمت بي ليس وحدي فقط بل بالشعب المغربي قاطبة.. وقد كان مطروحا على البلاد يومها أن تستعد بالشكل الكافي والمناسب وعلى جميع المستويات باعتبار ان تشييع ملك وتكليف ملك جديد يفترض عدد من الترتيبات التي ينص عليها الدستور المغربي. و كان من أكبر الهواجس التي تتملك الإنسان المغربي في تلك اللحظة، هي أن تتوالى السكينة ويستمر الهدوء واليقظة والحذر لأن اللحظة ليس لحظة يسيرة. أما قياس هول الحدث المؤلم وحجمه فهو ذلك الحشد الكبير من رؤساء وقادة العالم الذين حجوا إلى عاصمة المغرب الرباط من أجل تشييع جثمان الملك الراحل الحسن الثاني، حيث أصبح موكب الجنازة بشارع محمد الخامس وشارع الحسن الثاني في اتجاه صومعة حسان وضريح محمد الخامس عبارة عن تيار بشري جارف، وأنهار بشرية من الشعب المغربي فوق قنطرة الحسن الثاني على وادي ابي رقراق الرابطة بين العدوتين الرباط وسلا. وكل ذلك مر بهدوء تام واطمئنان وتلقائية مما أكد مرة أخرى على أننا في دولة المؤسسات والقانون، وفي الاخير رجع كل واحد إلى بيته مطمئنين كل الاطمئنان. التناوب بدأ مع الراحل الملك الحسن الثاني واستمر مع جلالة الملك محمد السادس أطال الله في عمره هل يمكن الرجوع لهذه الفترة؟ ما ميز تاريخنا السياسي المعاصر، أننا أمة ظلت فيها مطالب الإصلاح السياسي والدستوري والاقتصادي والاجتماعي من صميم مطالب الحركة الوطنية وبتنسيق مع المؤسسة الملكية، ممثلة وقتها في المغفور له محمد الخامس، كما كانت مذكرة الحركة الوطنية تتضمن البعد الاجتماعي كالصحة والتعليم . ومع بداية الاستقلال، عشنا كذلك مرحلة الحكم مع المغفور له الملك محمد الخامس،و بناء الدولة الجديدة، وكان من الممكن أن يتم التناوب حينها.. و لما جاء حكم الراحل الملك الحسن الثاني، عجزنا جميعا عن إنجاز ما تتطلبه المرحلة، ( وانا اليوم لست في دور الحُكم على من كان المسؤول عن ذلك). وعلى كلٍّ وقعت فيما بعد المحاولات الانقلابية الفاشلة، وأدت ، من حسن الحظ إلى إحياء المفاوضات من جديد وكان من الممكن أن يكون التناوب خلال السبعينات لكنه تعثر مرة أخرى، ولم تتمكن البلاد انذاك من الوصول إلى التوافق على الدساتير . وأشهد أن ما ميز حكم الملك الحسن الثاني رحمه الله، كونه حافظ على التعددية السياسية التي آمن بها وأصبحت مكسبا سياسيا بالبلاد،- هذا في الوقت الذي كان كل حزب يعتقد أنه هو ممثل الشعب الوحيد وعمل رحمه الله على بناء الدولة الحديثة والمؤسسات السياسية والدستورية. واعتقد ان ما ميز بلادنا كذلك استمرار المطالب المتمثلة في الإصلاحات السياسية والدستورية والاقتصادية، مع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ عقود ، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحديث عن الدولة الاجتماعية، وما يسايرها من مطالب الحركة النقابية بدأ منذ ذلك التاريخ مع الحركة الوطنية، وهذا ما علم المغاربة الحوار المسؤول بدون اراقة أنهار من الدم، في حين قدمت شعوب أخرى تضحيات كبيرة ولم تصل إلى شيء. ويمكن أن نشير أن الإفراط في الحوار أدى أحيانا إلى التفريط كما حصل مع دستور 1992 الذي كان أكثر تقدما من دستور 1996 ، نظرا للمزايدات داخل الاتحاد الاشتراكي والاحزاب الوطنية والديمقراطية التي استمرت الى حين نجحت في التنسيق داخل الكتلة الديمقراطية.. مقابل ذلك، ظلت أبواب القصر مفتوحة. والحقيقة وللتاريخ ، أشهد أن جلالة الملك الحسن الثاني كانت له الإرادة الجدية منذ 1990 لاقرار التناوب، والدخول في تجربته،.. إلى ذلك، أسجل أن كل التشريعات والقوانين والتعديلات التي مستْ الترسانة القانونية والتشريعية التي ورثناها عن الحماية، جاءت مع حكومة التناوب في أواخر التسعينات. ففي هذه الفترة تم التراجع عن ماكان يطلق عليه «قانون ما من شأنه» وإطلاق سراح المعتقلين السياسين وعودة المنفيين، وتوفير هاته الظروف السياسية دفع الاتحاد الاشتراكي الى أن يصحح موقفه ويصوت بالايجاب على دستور 1996. وبالرغم من النقاش السياسي الحاد،ما زلت أتذكر جيدا المجهود الكبير الذي بذله الراحل اليوسفي وهو مجهود لابد أن يُحسب للرجل. من جهة أخرى، كان واضحا من خلال خطاب البرلمان و غيرها من الخطب الملكية، أن الراحل الحسن الثاني كان يتوق إلى تناوب،وكان يحكي أطوار المفاوضات علنيا بحيث كنا نتابع حوارا مفتوحا لم يبق سجين الأروقة ومع القيادات السياسية . لقد اختار الراحل أن يفاتح الرأي العام الوطني في الموضوع ويجعله يعيش رسميا رغبته في التناوب التي لم يستطع تحقيقها الا في السنين الأخيرة من حياته، ووقع التوافق بضمانات كبرى منه، بعد أن حاز الاتحاد الاشتراكي على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية.. وتم تعيين الراحل عبد الرحمان اليوسفي وزيرا أولا، من طرف جلالته، الذي كلفه بتشكيل الحكومة، من تحالف هش يضم سبعة احزاب، وداخل هذه الأحزاب كانت هناك مشاكل كبيرة خاصة مع حليفنا التاريخي حزب الاستقلال الذي تبوأ مرتبة متأخرة جدا. وهنا لابد من التذكير على أن المناضل الأستاذ عبدالقادر باينة، كان له دور كبير في الحفاظ على هذه الاغلبية، وقام بمجهود كبير باعتباره رئيسا للفريق الاشتراكي بمجلس النواب في بداية حكومة التناوب التوافقي وكان مطلوبا منه الحفاظ على وتوافق وانسجام احزاب الأغلبية في ظل الصراعات والنزاعات ما بينها ، من أجل التحضير لتمرير النصوص ، بعد التوافق عليها. لقد كنت أيضا رئيسا للفريق الاشتراكي وكانت مرحلة صعبة؟ اولا كنت رئيسا للفريق الاشتراكي في مرحلة الانتقال من ملك إلى ملك. وفي أول انتقال ديمقراطي،تحمل الاتحاد الاشتراكي وزر مسؤولية كبيرة في تلك المرحلة بالنظر أنه كان يقود الحكومة في شخص كاتبه الأول عبد الرحمان اليوسفي ورئاسة مجلس النواب في شخص عبد الواحد الراضي قيد حياته ، وعبد ربه على رأس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، بالفعل كانت مرحلة سياسية مطبوعة بالانتقال من ثقافة المعارضة إلى ثقافة المشاركة في الحكم والتدبير، كل الأطراف بمافيه رؤساء الفريق الاشتراكي السابقون انطلاقا من عبداللطيف بنجلون وفتح الله ولعلو ، والكفاءات الاتحادية كانت متشبعة ومتمرسة بنهج وثقافة المعارضة، وكانت لنا مسؤولية صعبة داخل الفريق الاشتراكي، بحيث كانت ثقافة كل أعضاء الفريق وتكوينهم السياسي يمتحان من ثقافة المعارضة ، وكانت عملية التأقلم صعبة، بالإضافة كان علينا ان نجد الجواب على السؤال: كيف سندبر أغلبية الكثير فيها غير راض عن وضعه في البرلمان ويطمح للاكثر، و نستحضر في نفس الوقت أن البلاد مقبلة على المصالحة وبرامج كبرى…. وأذكر أنني في هذه المرحلة ،تعاملت مع حزب العدالة والتنمية منذ أن كان مجموعة أفراد إلى أن تحول إلى مجموعة برلمانية ثم إلى فريق بمجلس النواب، وهنا من الضروري، في هذا الإطار الترحم على عبدالله بها الذي كان رئيس فريق حزب العدالة والتنمية، والذي تميز في ذلك الوقت برزانته واتزانه ومسؤوليته التي ساعدت كثيرا في تدبير بعض القضايا الخلافية وتسوية بعض المشاكل. و كاتحاديين ، علمتنا المسؤولية كذلكأن نعطي المعارضة حقوقها الدستورية كاملة، و كنا من حرصنا على أن يتضمن القانون الداخلي لمجلس النواب، والقواعد التي تنظم الرقابة والتشريع مبدأ إسناد رئاسة الجنة المكلفة لعضو من المعارضة، عكس ما يقع اليوم داخل القبة التشريعية من تحامل عل الحقوق المكتسبة للمعارضة . والدرس العميق هو عندما تكون لك الأغلبية فيجب أن تكون لك عدد من المَلَكات وفي مقدمتها مَلَكة الانصات.. عرفت البلاد مرحلة سياسية جديدة مع حكومة التناوب، مطبوعة بانفراج سياسي وطي صفحة الماضي مع هيئة الإنصاف والمصالحة كيف عشتم هذه المرحلة؟ شاهدنا مع العهد الجديد استمراريةً في الانتقال الديمقراطي، أن لكل ملك اسلوبه،. و،عليه ومنذ تولى جلالة الملك محمد السادس العرش بدأ أسلوبه في الحكم يتضح منذ لحظة البيعة التي اتخذت شكلا آخر أكثر عصرية ، ثم تلاها خطاب العرش الذي تابعناه وبرز معه أسلوب الملك وطريقته في الحكم و قراره بالاستمرار في الانتقال الديمقراطي، ثم ما تلى ذلك من مفهوم جديد للسلطة وتشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة فيما بعد. لقد كانت لحظة تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة، من أجل طي صفحة الماضي وتجاوز ما وقع في الماضي بالمغرب من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، لحظة غير مسبوقة وللحقيقة ، تعاملنا في البداية مع القرار بتحفظ لأننا لم نفهم معيار اختيار أعضاء هذه الهيئة ونحن حزب كما هو مثبَت من خلال ضحايا هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، جل أعضائه من الضحايا المعنيين بعمل الهيئة.. حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي قدم خلال مسيرته النضالية من أجل البناء الديمقراطي بالبلاد تضحيات كبيرة لازالت موشومة في الذاكرة الشعبية للمغاربة وراسخة في التاريخي النضالي لهذا الشعب الأبي.. دعوني أبوح لكم بأننا وجدنا صعوبة في التعامل مع هذه الهيئة من الناحية القانونية. وللتاريخ كنت في الاتحاد الاشتراكي الأكثر تواصلا وعلاقة مع رموز هذه المرحلة الحقوقية وعلى رأسهم إدريس بنزكري، احمد حرزني، إدريس اليزمي، و شوقي بنيوب .. الخ، و قددتأكد لي مصداقية العمل من خلال منهجيته و من خلال المجهود الجبار الذي تقوم به الهيئة، بالرغم من وجود مقاومات وقتها وكان هناك من كان متخوفا من هذا المسار الحقوقي و هذه التجربة المتفردة لطي صفحة الماضي والانتهاء الجسيمة لحقوق الإنسان بالمملكة المغربية.خصوصا وأن جلسات الاستماع شكلت لنا هزة ولم نكن نعتقد أن جدية الأمور ستصل إلى ذلك المستوى، وكان البعض يرفض ذلك ويتساءل أين سيؤدي بنا هذا، وبالرغم من كل ماسلف… نجحنا في ذلك. ويمكن أن أتحدث هنا عن مساهمتي المتواضعة في هذا الاطار، فمن خلال العديد من الحوارات والجلسات مع هؤلاء الأخوة كنا نطرح السؤال الاشكالي: كيف يمكن أن نجعل من تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة وثيقة ذات أثر وفعل مؤسساتي ومجتمعي؟ والجواب على هذا التساؤل هو المدخل الذي يسر لنا أن ننكون كفريق اشتراكي منْ عمل على إدخال تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة إلى البرلمان. و كان أن الاتحاد الاشتراكي ، من خلال فريقه هو من ابدع الصيغة المناسبة لمناقشة تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة بالبرلمان بحكم غياب صيغة دستورية لمناقشة تقرير هيئة ، وفي هذا المضمار، عملنا كفريق اشتراكي على استقبال هيئة الإنصاف والمصالحة من طرف رئيس مجلس النواب اخينا عبد الواحد الراضي، ونحن كفريق اشتراكي من نظمنا يوما دراسيا بمجلس النواب لمناقشة تقرير الهيئة، في نقاش مفتوح استدعينا له الفعاليات السياسية والحقوقية، وبهذا يكون الاتحاد الاشتراكي هو من ابدع طريقة عرض ومناقشة تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة بقبة البرلمان. لان الحكومة لم يكن بإمكانها أن تتخذ أي أجراء، والبرلمان لا حق دستوري له، وكانت هذه هي الصيغة من خلال الفريق الاشتراكي بمجلس النواب. ومن آثار هذا النقاش المفتوح للتقرير أن تحولت توصيات الهيئة إلى وسيلة رقابة في مجالات العدالة أو الحكامة الامنية … أما تشريعيا فقد حولنا كل الأفكارإلى مقترحات قوانين في مجال الحريات والحقوق، مجال محاربة التعديب ، حقوق المرأة والمساواة …. وللذكير أيضا كانت هناك مجموعة من الطابوهات في ذلك الوقت، عمل الفريق الاشتراكي على رفعها وطرح عددا من القضايا التي كانت تصنف من هذا القبيل، كما هو حال االمحكمة الجنائية، والقانون الدولي الانساني، الحكامة الأمنية… هذه المواضع التي فتحها الفريق الاشتراكي لأول مرة للنقاش داخل البرلمان، و اليوم الكل يرى التقدم والتطور الذي وصلت إليه البلاد في هذه المجالات، خاصة الحكامة الامنية. وأقول بكل مسؤولية أننا أحيانا كنا نجد صعوبة في هذه المبادرات التشريعية، عندما نأتي بمقترحات قوانين، و نحرص فيها أن نكون قوة اقتراحية، و من حسن الحظ أن الحافز الهام في ذاك كان هو انفتاح جلالة الملك محمد السادس، حيث كنا ننطلق من خطابات العرش أو خطاب افتتاح البرلمان التي كنا نجد فيها المقدمة والمبرر لوضع هذه المقترحات للقوانين. لاحظوا معي أننا كنا في ذلك الوقت نقود الحكومة و، نحن من جاء بمقترحات الاصلاح كما هو حال الورقة الفريدة للتصويت في الانتخابات الجماعية والتشريعية، كنا ننسق العمل داخل المشهد السياسي ونأتي باقتراحات سياسية إيجابية من أجل الدفع بالمسار الديمقراطي والتنموي للبلاد دون حسابات حزبية ضيقة. ولا تفوتني الفرصة للاشارة إلى كون، الفريق الاشتراكي في سنة 2007، كان فريقا قويا يزخر بالخبْرات والكفاءات السياسية، ويمكن القول انه كان أقوى من ناحية تركيبته السياسية والبروفايلات والشخصيات السياسية التي كانت وازنة في قطاعاتها ومهنها وامتداداها الجماهيرية وقوتها الاحترافية في تنشيط الحقل السياسي. كيف كان تعاملكم مع الحركات الاحتجاجية عندما كنتم تتحملون المسؤولية الحكومية؟ ما يجب التذكير ، ونحن نستحضر تحملي لوزارة العلاقات مع البرلمان هو ان المناخ العام مع حكومة التناوب التوافقي والعهد الجديد وإطلاق الحريات العامة كانت له أثار مهمة، منها مثلا، أن شارع محمد الخامس كانت تملأه الخيام التي نصبها المحتجون. والأدهى في الأمر أن خصومنا السياسيين حاولوا استغلال هذا الوضع، للتأجيج فكان الحزب الليبرالي بقيادة زيان مثلا يوزع القفف والمعونة للمحتجِّين. أضف إلى ذلك أنه لم تكن هناك ساحة في أي مدينة من المدن المغربية لا تعرف الاحتجاج. حقيقة أن الحاجات حين كنا في المسؤولية الحكومية كانت كبيرة، وعبر المغفور له الحسن الثاني عن ذلك بِحديثه في أواسط التسعينات عن السكتة القلبية، لأن الأوضاع الاجتماعية كانت صعبة للغاية بسبب توالي سنوات الجفاف. وكل الذين كانوا يلزمون الصمت في السابق و يتقبَّلون الوضع خرجوا للاحتجاج! تصوَّروا أن الفترة التي كنت فيها وزيرا للعلاقات مع البرلمان، اعترضتنا صعوبات في جلسات برلمانية وصلت حد تعطيل دخول الوزير المسؤول للنقاش مع النواب، ولعلنا عشنا في المغرب الحراك في جانبه الإيجابي ونحن نرى الدمارَ الذي خلفه في دول أخرى. الحراك ففي المغرب وجد شعبا واعيا ومؤسسات قوية وتراكمات، وقد وقعت تجاوزات، منها منع وزراء من دخول مقرات وزاراتهم.. كانت الأوضاع صعبة و الحراك جاء في سياق دولي أججها، لكن كانت هناك توجيهات صارمة من جلالة الملك بالتعامل معها بكل مسؤولية وعقلانية. ولهذا أؤكد أن ما جعلنا لا نعيش ما عاشته دول أخرى من تشتت وفتن داخلية وصراعات وانهيار للدولة، هو هذا التدبير العقلاني والمنفتح والمتسامح والديمقراطي. لا يعتقدن أحد أن التدبير كان تدبيرا أمنيا جيدا فقط، بل فضلا عن هذا الأخير كانت هناك ثقافة الإنصات للآخر والاستماع إليه. و بكل مسؤولية، كان يتعين عليَّ كوزير مكلف بالعلاقات مع البرلمان أولا تدبير هذا الأمر، وثانيا التعامل مع المطالب السياسية الموضوعة وقتها على المحك، وخاصة منها الإصلاحات السياسية وبشكل أدق في مجال الانتخابات.. وثالثا كنت حينها أعمل مع وزراء آخرين في مواضيع لا علاقة مباشرة لي بها ، مثل القانون العقاري وقانون التحفيظ والحقوق العينية وغيرها ، لتجاوز الصعوبات التي كانت للوزراء من أجل تمرير هذه القوانين، وقد تكفلت الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان بطلب قوي من المعنيين، بتمريرها، ذلك أن البلاد كانت بحاجة إلى مثل هذه القوانين كقانون العقار المتعلقة بمشاريع استثمارية كبرى. ولذلك كان لابد من المصادقة على هذه القوانين. وفيما يتعلق بالانتخابات، كان يتعين علينا أن نخرجها في آجال محددة رغم أن الظروف لم تكن سياسيا مواتية لنا، ولم تكن من مصلحة أطراف أخرى أن تجري الانتخابات في موعدها! نحن نحن كاتحاديين قدنا حكومة التناوب وشاركنا في الحكومات المتعاقبة بعدها و كنا مسؤولين في سلوكنا ، حيث لم نكن في موقع المسؤولية الحكومية و نمارس المعارضة في نفس الوقت . كنا نتحمل مسؤوليتنا كاملة. لا بد أن أذكر ، في هذا السياق، أننا نحن الاشتراكيون دبرنا ملف الخوصصة لأن المسؤولية فرضت ذلك، ونحن الاشتراكيون من أنتجنا من التشريعات الليبرالية، لأن بنك المغرب كان بحاجة إلى قانون لذلك ، كما هو حال البورصة وشركات المساهمة وغيرهما وكان لهذا ثمن دفعتموه كحزب سياسي بسبب تحملكم لمسؤولية حكومة التناوب التوافقي… ثمن المسؤولية يجب أن يتحملها أي ديمقراطي. لا توجد تجربة في العالم قضت فيها هيئة ما ولايتين متتاليين ولم تتأثر شعبيتها. وضريبة المسؤولية هو أن تصبح أقلية. ونحن فهمنا هذا الأمر وتفهَّمناه، ولكن ما حدث في المغرب، هو أن البعض مارس المسؤولية وظل يعتقد أنه سيظل يحتفظ بالإجماع وأنه سيستمر إلى الأبد ولم يفهم أن تحمل المسؤولية تعني المحاسبة والتي تعني في آخر المطاف دفع الضريبة. والدولة مقتنعة كامل الاقتناع أن الاتحاد أدى ضريبة المسؤولية وأنا أعتبر أن هذا يؤكد نزاهة من تحمل المسؤولية من إخواننا ونزاهة حزبنا. هناك عوامل موضوعية أدت إلى إضعاف حزبنا وعلى رأس هذه العوامل تحملنا لمسؤولية حكومة التناوب في ظروف صعبة جدا وبإمكانيات محدودة… تراجع الاتحاد الاشتراكي في الانتخابات، لكن الاتحاد لم يفقد القوة الإصلاحية الكامنة فيه وظل دائما مصدر مقترحات إصلاحية، ومنها قضية المرأة، وباعتباركم رئيس حزب اشتراكي ديمقراطي وباعتبار حزبكم ينتمي إلى اليسار الوطني يعتبر هذه القضية قضية مركزية، نريد أن نعرف ما قدمه الاتحاد الاشتراكي في المجال ضمن توجه عام للمرحلة الجديدة خلال 25 سنة؟ أنا أومن بالتراكم و بالإنصاف. تاريخيا ، أول واحد لعب دورا فيما يتعلق بالمرأة وحقوقها في بلادنا، هو بطل التحرير المغفور له محمد الخامس.. تذكروا مغرب الثلاثينات والأربعينات والخمسينات لما خرجت الأميرات سافرات ولما ذهبت الأميرات كريمات محمد الخامس إلى المدارس، ولنا أن نسأل : أين كانت المرأة المغربية حينها؟ عندما حصلت على الباكالوريا في سنة 1972 كنا حينها 7000 في المغرب بأكمله وفي مختلف الشُّعب. وأما الطالبات فقد كنَّ قليلات. ويجب أن نقدر أن الأسرة الملكية كانت نموذجا للأسرة العصرية والحداثية والمتوجهة نحو المستقبل والمؤمنة بحق المرأة في التعليم مثلها مثل الرجل وحقها في الصحة وحقها في الشغل ولا بد أن نتذكر أن الأميرة للاعائشة كانت سفيرة للمغرب في زمن لم تصل فيه المرأة بعدُ الى تحمل المسؤوليات الكبرى. هذا بالنسبة للأسرة الملكية. أما بالنسبة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فإنه تأسس ضد الظلم والاستبداد ومن أجل الإنصاف، وكانت المرأة ، على رأس من يجب أن ينصفوا ، لذلك فإن القضية النسائية كانت ولا تزال قضية مركزية بالنسبة للاتحاد الاشتراكي. وحتى العلماء الذين كانوا ينتمون للحزب كانوا علماء منفتحين. وبالتالي، التقت الإرادة الملكية وقناعاتنا فيما يتعلق بحقوق النساء وهذا بطبيعة الحال ، في مجتمع ومحيط لابد أن يؤخذا بعين الاعتبار. و لربما يجدر بنا أُنْ نشير إلى أن تدبير هذه المسألة من حيث الزمن يكون مطلوبا فيها إنضاج الجواب، ، فأحيانا يكون لديك مطلب ولكن ظروف الاستجابة إليه لم تنضج ، كما يحدث أن يتخلف المسؤولون في التجاوب معه في الوقت المناسب. ويمكن أن أقول بكل مسؤولية أن الحركة الوطنية كلها سارت في هذا المنحى العقلاني المتدرج وهي من خبرت الأدوار التي لعبتها المرأة كما تتذكرون!و نحن كحزب واصلنا هذا النضال، على مرحلتين : ، أولاهما مرحلة النضال السلبي ( المحكومة بمنطق إما نحن وإما الحاكمون) وهي لم تؤد إلى نتائج على المستويين التشريعي والقانوني، ولكن ثانيتهما وهي مرحلة دخولنا في التوافق وتنزيل استراتيجية النضال الديمقراطي وخلالها بدأت تظهر بعض الآثار. وخلال فترة التناوب التوافقي بقيادة سي عبد الرحمان اليوسفي تم وضعُ الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، وقد كانت مشروعا طموحا وقويا .. ولا بد في هذا الإطار أن نذكر الدور الكبير الذي لعبه أخ عزيز علينا وهو الوزير السابق محمد سعيد السعدي الذي أدى ثمن مواقفه، وقد وجد في حزبنا سندا قويا، لأننا كنا نعتبر تلك الخطة التي جاء بها هي خطتنا جميعا، خاصة وأنها كانت مرفقة بمجموعة من القرارات فيما يتعلق بمقاربة النوع وبمراسيم وقوانين ، على رأسها تعديل بعض فصول مدونة الأحوال الشخصية كما كانت تسمى آنذاك. وأنا أتذكر الصعوبات التي واجهناها في البرلمان،و باعتباري منسق الأغلبية وجدْتُني في ظروف صعبة للغاية من جهة، كان من بين النخب من يعتبر السقف الذي نعمل من أجله و حوربنا من أجله ، سقفا منخفضا. ومن جهة ثانية حوربنا من طرف المحافظين. فقد هوجمنا من أولاء ومن هؤلاء!. وكان من الضروري تدبير المرحلة بكل مسؤولية، وأنا شخصيا حضرت نقاشات وحوارات طويلة وحادة بهذا الخصوص. في الحكومات المتعاقبة بعدها كنا مسؤولين في سلوكنا ، حيث لم نكن في موقع المسؤولية الحكومية و نمارس المعارضة في نفس الوقت . كنا نتحمل مسؤوليتنا كاملة. لا بد أن أذكر ، في هذا السياق، أننا نحن الاشتراكيون دبرنا ملف الخوصصة لأن المسؤولية فرضت ذلك، ونحن الاشتراكيون من أنتجنا من التشريعات الليبرالية، لأن بنك المغرب كان بحاجة إلى قانون لذلك ، كما هو حال البورصة وشركات المساهمة وغيرهما وأعتبر أن التدخلات الملكية كانت الفاصل ، تسهل مهمة كل من يسعى إلى تطوير وتحديث هذا المجتمع، ذلك لأن شخص الملك اجتمعت فيه رئاسة الدولة وإمارة المؤمنين وما تحيل عليه من تنظيم للحقل الديني، وهو أمر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في كل مناحي الحياة ( خاصة في مواجهة الإرهاب، لأن من أساليب الوقاية الحقيقية، إلى جانب الوسطية والتسامح في ثقافة الشعب المغربي هو تنظيم الحقل الديني). وأعود لأقول بأننا قطعنا خطوات جيدة ، و أملنا كبير في نتائج الإصلاح المنشود لمدونة الأسرة. ولن نستبق الأمور ولن أقول أي شيء بشأنه، بل يجب أن ننتظر رأي المجلس العلمي الأعلى ثم إرادة جلالة الملك في هذا الموضوع التي ستكون بلا شك إضافة جديدة لما حققته المرأة في بلادنا. مرت بلادنا من عدة أزمات («كوفيد 19- فاجعة الزلزال»..) ، ما هي الدروس المستفادة من تدبير العهد الجديد لهذه الأزمات؟ أولا ،لابد من التأكيد على أن قوة الدولة لا تظهر في الأوقات العادية والسلسة، بل في الأزمات والصعاب التي تواجهها، فالعديد من الدول المتقدمة لم تستطع تدبير أزماتها بالنجاعة المطلوبة وعلى سبيل المثال أزمة كوفيد 19 التي ضربت العالم. والمغرب عاش أوقاتا صعبة خلال الجائحة ، حيث تعامل معها الرأي العام في البداية باستخفاف. لكن جلالة الملك محمد السادس، كان سباقا للتعاطي مع الأزمة الصحية، واتخذ العديد من الإجراءات والقرارات والتدابير لحماية الحق في الحياة، إلى جانب انخراط السلطات العمومية والأحزاب السياسية والمواطنين والمجتمع المدني المعبئين لمواجهة الجائحة. هنا لابد من الإشارة إلى أن هناك من كان يتحدث عن جائحة كوفيد 19 بنوع من الترف ، خاصة من طرف بعض النخب، التي تحدثت في حينهاعن الإصلاحات السياسية و ماذا كانت فترة الوباء والحجر الصحي ستؤسس لمرحلة جديدة، والحال، كان المطلب الأساسي في تلك المرحلة الصعبة، هو الحفاظ على حياة الناس. لابد من التذكير بأن الهم الوحيد للمغرب بقيادة جلالة الملك خلال هذه الفترة كان هو سلامة المواطنين وحماية حقهم في الحياة وضمان الاستفادة من حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية . والهم الأكبر كان هو إيصال الإعانات للمتضررين من تبعات الجائحة و تمكينهم من الدعم ومن الكمامات وتوفير اللقاحات وفق استراتيجية محكمة وتدبير زمني ولوجستيكي رفيع، لدرجة أننا أصبحنا مرجعا في حسن تدبير الأزمة. فبلادنا بتوجيهات ملكية سامية عملت على صرف الدعم للمواطنين وضمان قوتهم اليومي وتزويد الاسواق بالسلع والتموين، وإقامة المستشفيات الميدانية…. وهكذا نجح المغرب في تدبير الأزمة الصحية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس. علاوة علي ماسبق، أبانت مرحلة الجائحة عن اختلالات واشكالات على كافة المستويات خاصة الاجتماعية والاقتصادية والصحية فكانت منطلقا، أبان المغرب من خلاله الدخول في أوراش إصلاحية كبرى مثل «الحماية الاجتماعية، التغطية الصحية، الدعم الاجتماعي….» . هنا لا بد من التوقف قليلا للحديث عن عنصر مهم يعود الى مرحلة ما قبل مرحلة كوفيد 19 ، فقد كان هناك خطاب تحدث فيه جلالة الملك عن التغطية الصحية والتعويضات العائلية في إطار توجهات عامة. ولا بد من التذكير كذلك أنه كانت هناك منطلقات في هذا المسار منذ سنة 2002 مع حكومة الفقيد عبد الرحمان اليوسفي، الذي وضع الاطار القانوني والأسس التي تحدد الضمان الاجتماعي وتوسيع الاستفادة من نظام المساعدة الطبية،AMO،.. هذه المنطلقات أعيد تحيينها في سنة 2019 إبان مرحلة كوفيد مع الإعلان عن مشروع الدولة الاجتماعية، بطموحات كبيرة تشمل الصحة والشغل والتقاعد والتعويض عن المرض والدعم المباشر. وفي السياق ذاته ، وعندما طرح جلالة الملك مشروع الدولة الاجتماعية، أعطى توجيهاته للحكومة للاجتهاد والعمل على تنزيل المشروع وتحقيق الأثر المباشر له. اليوم لدينا كمعارضة ملاحظات كبرى تهم عملية تنزيل الحكومة لهذا الورش الكبير، خاصة ما يرتبط باستدامة البرامج الاجتماعية وضمان تمويلها، ملاحظات منها كذلك التأكيد على أننا نخشى على تقاعد المواطنين وعلى استمرار التغطية الصحية للمغاربة. والمطلوب هو أن يكون السيناريو دقيقا فيما يتعلق بتمويل البرامج الاجتماعية حتى نضمن استمراريتها بعيدا عن المزايدات. فهذا الورش الكبير يتطلب الحرص الكافي من الحكومة لتنزيله تفاديا لأي هزات في السنوات القادمة تعيق تحقيقه على كافة المستويات.» ومن جهة أخرى أسجل أن بلادنا قدمت إلى جانب تدبير أزمة كوفيد 19، نموذجا آخر يتمثل في التدبير الأمثل لزلزال الحوز الذي ضرب بلادنا في شتنبر الماضي. وهنا أيضا لابد من الإشارة إلى محورية المؤسسة الملكية منذ اللحظات الأولى في التعاطي مع الكارثة الطبيعية، حيث تم اتخاذ كل الإجراءات والتدابير والقرارات بالسرعة اللازمة وأعطيت التوجيهات الملكية لمباشرة كل عمليات الإنقاذ والإجراءات لدعم المتضررين وحمايتهم، وتجند الجميع ضمن التعبئة المجتمعية الشاملة:من مواطنين ومؤسسات ومقاولات عمومية ومساهمتها في هذه الكارثة الطبيعيةمن خلال اكتتاب مؤسساتي حقيقي . فبلادنا قدمت نموذجا في مواجهة الأزمات، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك وبالتضامن الشعبي للمغاربة الذي أبهر العالم. وماذا عن المشروع التنموي الذي قدمتموه هل يتقاطع مع هذه المبادرات؟ أولا نحن في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وضعنا عنوانا كبيرا لمشروعنا التنموي هو: «دولة قوية عادلة ومجتمع حداثي متضامن»، فالدولة القوية هي القوية بمؤسساتها ولا تؤثر فيها مثل هذه الازمات واللحظات الصعبة فهي تتوفر على المناعة اللازمة لمواجهة كل التحديات. ونعتز في الاتحاد بأن أفكارنا ومرجعيتنا تتناغم كليا مع ما يرد في كل الخطب الملكية ، وبأن دفاعنا عن انبعاث المشروع الاشتراكي الديمقراطي تختزله الدولة الاجتماعية. في هذا السياق لا بد من توضيح ما يحتاج إلى ذلك: ففي الوقت الذي كنا نتحدث عن هذا المشروع وندافع عنه، كان هناك من يقول للمغاربة وهو من موقع المسؤولية الوزارية «يلا بغيتي ولادك يقراو خاصك تدير يدك ف جيبك… يلا بغتي الصحة خاصك تخلص عليها…» .. لنا أن نعتز اليوم بأن مرجعيتنا وبرنامجنا وانبعاث المشروع الاشتراكي الديمقراطي الجديد كما طرحناه، يتم تنزيله على أرض الواقع بفضل المبادرات الملكية وطرحه للدولة الاجتماعية كما ناضل من أجلها الشعب المغربي بكل أطيافه. ظهر بشكل قوي خلال هذه الأزمات مفهوم السيادة الوطنية، ما دلالات ذلك؟ فهي تتوفر على المناعة اللازمة لمواجهة كل التحديات. ونعتز في الاتحاد بأن أفكارنا ومرجعيتنا تتناغم كليا مع ما يرد في كل الخطب الملكية ، وبأن دفاعنا عن انبعاث المشروع الاشتراكي الديمقراطي تختزله الدولة الاجتماعية. في هذا السياق لا بد من توضيح ما يحتاج إلى ذلك: ففي الوقت الذي كنا نتحدث عن هذا المشروع وندافع عنه، كان هناك من يقول للمغاربة وهو من موقع المسؤولية الوزارية «يلا بغيتي ولادك يقراو خاصك تدير يدك ف جيبك… يلا بغتي الصحة خاصك تخلص عليها…» .. لنا أن نعتز اليوم بأن مرجعيتنا وبرنامجنا وانبعاث المشروع الاشتراكي الديمقراطي الجديد كما طرحناه، يتم تنزيله على أرض الواقع بفضل المبادرات الملكية وطرحه للدولة الاجتماعية كما ناضل من أجلها الشعب المغربي بكل أطيافه. أود الإشارة إلى أن مفهوم السيادة الوطنية هو إرث ورثه الملك الراحل الحسن الثاني وبعده جلالة الملك محمد السادس، فالمغرب دائما يتوافق مع قناعاته ومبادئه ولا يقبل أي مزايدات من أي كان، فملوكنا يتميزون بالأنفة والهيبة والحفاظ على سيادة هذه الأمة عبر التاريخ. ويمكن استحضار ما حدث خلال زلزال الحوز، حين عرض «البعض» تقديم المساعدة للمغرب بتلك الطريقة الكاريكاتورية، وكانت بلادنا حاسمة في هذا الشأن، لأن بلادنا بتاريخها تتوفر على ما يكفي لمواجهة هذه الأزمة وإذا احتاجت للمساعدة في شيء ما، هي من تختاره لذلك. نفس الموقف في التعامل مع القضية الوطنية.. بالتأكيد فالمغفور له الملك الراحل الحسن الثاني والشعب المغربي عانيا الأمرين فيما يتعلق بقضية وحدتنا الوطنية، حيث وجدنا صعوبة في تفهم المجتمع الدولي لقضيتنا الترابية، و مرحلة حكم جلالة الملك محمد السادس، تميزت بالتدبير الحكيم والصارم للعديد من الملفات والقضايا وعلى رأسها قضية وحدتنا الترابية وسيادة المغرب على كامل صحرائه. فجلالته في العديد من خطبه السامية كان صارما فيما يتعلق بالمواطنة في الصحراء المغربية والدفاع عن الحدود والحذر واليقظة في مواجهة كل المؤامرات ومناورات الأعداء والخصوم، ومجمل القول إن المغرب تعامل ببراغماتية وندية غير مسبوقة في هذا الملف. هنا أضيف أن بلادنا قامت بسلسة من الإصلاحات على كافة المجالات، وشهدت نهضة حقيقية في التنمية على كافة المستويات، وهو ما لم يترك الفرصة لمن يسائلنا غدا عن الحريات العامة وحقوق الانسان… بلادنا بقيادة جلالة الملك باتت تحتل موقعا ومركزا هاما وقويا داخل المجتمع الدولي بفضل الإصلاحات التي تم إنجازها والتقدم الحاصل على كافة المستويات، وهو ما يسر لنا في الاتحاد الاشتراكي استغلال علاقاتنا الخارجية، ففي كل الملتقيات التي نتواجد فيها على المستوى الإقليمي والدولي، لم نعد نجد تلك المقاومة التي كنا نجدها في السابق. فالمغرب بقيادة جلالة يحظى باحترام المنتظم الدولي وبثقته وأكثر إقناعا له. أؤكد هنا أن بلادنا تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك تدبر ملف وحدتنا الترابية بكل حكمة، وأحيانا تفاجئنا قرارات استراتيجية، حيث تم إطلاق مبادرات ومشاريع كبرى ستفتح آفاق واسعة على قارتنا الإفريقية ومثال ذلك «ميناء الداخلة الأطلسي» الذي سيقوي وزن المغرب داخل العلاقات الدولية. لابد من أن نسجل كذلك أن المغرب يحتل مكانة متميزة اقتصاديا بامتلاكه موقعا استراتيجيا «ميناء طنجة المتوسط» الذي يشكل قاطرة عبور تربط المغرب بالواجهة المتوسطية، بالإضافة إلى مصانع السيارات بمدينة طنجة التي تنتج حوالي مليون سيارة سنويا. في الختام ما هي الصورة التي تمثل في ذهن إدريس لشكر المواطن المغربي، 25 سنة من حكم جلالة الملك؟ لازلت أتذكر، أنه في سنوات سابقة، لم يكن بإمكاني المرور من أمام مخفر الشرطة بالرباط، خوفا من أن نكون عرضة للاعتقال في أي لحظة، ولا أن أجد جريدة المحرر لكون الرقيب قرر منعها، وأن الأوضاع الاجتماعية كانت جد صعبة… لكن بلادنا اليوم تطورت وتغيرت الأمور بشكل واضح، مع العهد الملكي الجديد». وأقول ، هناك صور عديدة لمنجزات كبرى سيكون لها أثر في المستقبل وعلينا اليوم الاستمرار في تقوية المؤسسات «حكومة قوية قادرة على اتخاذ القرارات، برلمان قوي، قضاء قوي…» وإطارات كان لا بد من شعار للمرحلة اليوم فَلْيكُنْ هو «سيادة القانون على الجميع».