في مواجهة الديون المتزايدة في إفريقيا، يجد المجتمع الدولي صعوبات للاتفاق على آليات مالية لدعم المنطقة. تأثرت القارة بشدة بعواقب الحرب في أوكرانيا وجائحة كوفيد. وذكر تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي نشر الجمعة بعنوان «النقص الكبير في التمويل» ان «الدين العام والتضخم بلغا مستويات لم نشهدها منذ عدة عقود» في افريقيا جنوب الصحراء. بلغ الدين العام 56% من اجمالي الناتج المحلي في إفريقيا جنوب الصحراء نهاية عام 2022، وهو أعلى مستوى منذ بداية العقد الأول من القرن الحالي كما افاد صندوق النقد الدولي الذي خفض توقعاته للنمو للمنطقة هذا العام إلى 3,6%. وعددت المؤسسة التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، العديد من المشاكل المتراكمة من ارتفاع تكاليف الاقتراض إلى تداعيات الأزمات الدولية الأخيرة مرورا بنضوب المساعدة الدولية. وبحسب الصندوق، فإن تكاليف اقتراضها أعلى بثلاث مرات من تلك الخاصة بالدول المتقدمة. وأعلنت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الأربعاء تراجع مساعدات التنمية لأفريقيا العام الماضي، في حين خصصت كليا لأوكرانيا. حذرت كاثرين باتيلو نائبة مدير دائرة إفريقيا في صندوق النقد الدولي في مقابلة مع وكالة فرانس برس من أن الصعوبات في إفريقيا «قد تؤدي إلى تفاقم مشاكل الديون المرتفعة اصلا وتزيد من خطر انتقال المزيد من البلدان من مشكلة سيولة إلى مشكلة ملاءة». ورأت أن هذا الوضع «قد يجبر البلدان على خفض الإنفاق لحاجات طارئة تنموية مثل التعليم والصحة» في منطقة يعاني فيها 132 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد. في الوقت الحالي، تمثل 22 دولة مخاطر عالية لجهة ارتفاع ديونها أو وصلت بالفعل الى هذا المستوى، حسب تقديرات البنك الدولي في تقرير ن شر مطلعأبريل. بين هذه الدول غاناوزامبيا مع تعثرهما وكذلك ملاوي وتشاد وهي تتلقى مساعدة من صندوق النقد الدولي. في أحد أسواق لوساكا عاصمة زامبيا، يقول الحلاق جون ليكومبي لفرانس برس «كنت في السابق أنهي يومي ب 300 كواتشا على الأقل لكن اليوم قد لا أجمع أكثر من 30 كواتشا» وهي العملة المحلية. ويوضح ان البعض قد يضطر اليوم الى الاختيار بين قص الشعر أو شراء الطعام. تجسد زامبيا الصعوبات التي يواجهها المجتمع الدولي في التحرك. فهي تتفاوض منذ عامين لإعادة هيكلة ديونها، المرحلة الضرورية للحصول على خطة مساعدة من صندوق النقد الدولي، دون تحقيق نجاح حتى الآن. هذه العملية تندرج في «الإطار المشترك» لمجموعة العشرين لإعادة هيكلة ديون الدول الأكثر فقرا والتي غالبا ما تصطدم بعرقلة من الصين بعد ان أصبحت مقرضا أساسيا في القارة. واقرت آنا بييردي المديرة العامة للعمليات في البنك الدولي لفرانس برس ان الإطار المشترك «يسير ببطء شديد»، داعية «المؤسسات الدائنة والقطاع الخاص إلى المشاركة كليا» في العملية. يعكس هذا التقدم البطيء الوعود الأخرى التي لم يتم الوفاء بها مثل زيادة التمويل الى 100 مليار دولار سنويا للبلدان الفقيرة للتكيف مع تغير المناخ أو إعادة تخصيص ما يعادل 100 مليار دولار من «حقوق السحب الخاصة» من صندوق النقد الدولي للبلدان المعرضة للخطر. لكن لا تزال هناك بعض الأسباب للأمل: أكد صندوق النقد الدولي الخميس الماضي أن بكين «ستحترم التزاماتها» بشأن زامبيا، بينما تأمل الهند التي تترأس مجموعة العشرين هذا العام في التوصل الخميس الى اتفاق «سريعا» بشأن إعادة هيكلة ديون عدة دول منها غاناوزامبيا. خلال اجتماعات الربيع التي جمعت هذا الأسبوع في واشنطن البلدان المتقدمة حول صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أعلن الأخير الأربعاء عن زيادة قدرها 50 مليار دولار في قدرة فرعه في الإقراض «البنك الدولي للإنشاء والتعمير». وهناك إصلاحات أخرى لبنوك التنمية مدرجة على جدول أعمال واشنطن هذا الأسبوع، بهدف زيادة تعاونها وزيادة القروض التي تمنحها وتشجيعها على إشراك القطاع الخاص. كما سيعقد مؤتمر دولي حول المساعدات المالية لدول الجنوب في باريس في 22 و23 حزيران/يونيو.