تسعى هذه المقالات التي ستنشر في عمود فسحة رمضان إلى التعريف ببعض رجالات الجنوب المغربي ممن لقبوا بالزعماء المحلين بحكم ادوارهم الطلائعية التي مارسوها إلى جانب المخزن بشكل مساند او مناوئ أو بطريقة تحكمها الحيطة والحذر البليغين، وقبل التطرق إلى سيرة ومناقب هؤلاء لابد من وضع القارئ في سياق سيمكنه من تتبع واستيعاب هذه الحلقات اليومية لهذا اقترح في الحلقات الأولى مايلي: يرى محمد لحبابي أن المخزن كان حاضرا على الدوام في جميع ربوع التراب المغربي، وأن «الأمة المغربية» هي التي تمد المخزن بالشرعية الممثلة في مؤسسة العلماء، ونرى أن هذا التصور لا يخرج من صميم أطروحة «عبد الرحمان بن زيدان» التي أبرزها بكل وضوح في مؤلفيه «العز والصولة في معالم نظم الدولة» و»إتحاف أعلام الناس بأخبار جمال حاضرة مكناس» الغنيان بالوثائق والتي إن كانت تؤكد عن شيء فإنما تؤكد على حضور المخزن الدائم في السهل والجبل والحاضرة والبادية. ولكن هل غياب المخزن في بعض المناطق كان يعني تسيبها وخروجها عن دائرة الأحكام السلطانية، لعل هذا هو المنزلق الذي انزلقت فيه الدراسات الكولونيالية الممهدة لاستعمار المغرب حيث دافع روادها عن تيمة «السيبة» كأطروحة لبت مطالبهم البراغماتية، وفي الواقع، وهذا هو عين الصواب، فالمخزن المغربي لم يكن في الجودة والطراز الغربيين وهو ما لفت انتباه «محمد داود» لما قال : «لم تكن للدولة المغربية في القرن الماضي حكومة منظمة على الطراز المعهود لدى الدول في ذلك العهد من وجود رئيس للحكومة وإلى جانبه وزراء… بل كان السلطان هو الكل في الكل. «( داود محمد، تاريخ تطوان ،م7،ج19ص19) لقد كان للهزائم العسكرية (1844-1860) (من جملة هذه الهزائم اندحار المغرب في وقعة إسلي التي ألمت به وأبانت عن الشرخ الكبير بين النظامين العسكريين؛ الفرنسي والمغربي، وقد كان ذلك سنة 1844 في واد إسلي وتلاه انهزام المغاربة في حرب تطوان مابين 1859 و1860 حيث استطاعت إسبانيا أن ترد أمجادها وتعيد الاعتبار للإبيريين بعدما أذل المغاربة أوربا بعيد انتصار الدولة الشريفة السعدية في معركة واد المخازن سنة 1578م، وقد كان لهاتين الهزيمتين وقع نفسي على المغاربة الذين فقدوا هيبتهم وسمعتهم في المشرق والغرب.) والدبلوماسية (1856-1861-1863) (وقع المغرب ثلاث معاهدات مع ثلاثة دول أجنبية وهي إنجلترا في 2دجنبر1856، إسبانيا في 1861، فرنسا في 1863. وقد طالبت كل من فرنسا واسبانيا بنفس امتيازات الدولة الأكثر تفضيلا(انجلترا) مما ساهم في تجذر الحماية القنصلية وركود الإقتصاد المغربي تمهيدا للسيطرة الكاملة على المغرب في إطار الصراع الإمبريالي بين هذه الدول .) التي تعرض لها المغرب أمام فرنسا وإسبانيا وإنجلترا دورا مهما في قضية المغرب الحديث والسير نحو تحديث قطاع المخزن، حيث أضاف السلطان إلى حاشيته وظيفة الوزارة هذه الأخيرة التي استكملت صورتها النهائية مع المولى الحسن (1873-1894). ومن جملة هذه الوزارات : – وزارة الصدارة وهي مرادف للوزارة الأولى حاليا هدفها إدارة شؤون الملك وتتولى في بعض الأحيان بعد مهمات وزارة الأمور البرانية. – وزارة الأمور البرانية وهي ممثلة في شخص ممثل السلطان في المدينة الدولية «طنجة» وهدفها البث في شؤون التجارة والمفاوضات مع دول أوربا. – وزارة الحرب أو صاحب العلاف الكبير وهو قائد الجيش . – وزارة الشكايات الممثلة في وزارة العدل . – وزارة المالية الممثلة في شخص أمين المال