أوصى المشاركون في يوم دراسي حول «السياسة المغربية في ميدان الهجرة واللجوء: فرص وتحديات» بخلق فضاء إقليمي وتوفير الظروف اللازمة لتدبير ديناميات الهجرة بشكل مشترك، ودعم التعاون وتعزيز التنسيق بين البلدان المتوسطية عموما والمغاربية على وجه الخصوص، لتدبير الهجرة في المجال التشريعي والقضائي والأمني. وأكدوا في ختام هذا اللقاء الذي نظمه مجلس المستشارين أول أمس الخميس بالرباط، بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وبتعاون مع مؤسسة «كونراد أديناور» والجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أن هذا التعاون يتجلى عبر تبادل المعلومات حول الاستراتيجيات والبرامج والتقدم في إنجاز المشاريع الوطنية في مجال الهجرة؛ وأخذ حماية الحقوق الأساسية للمهاجرين بعين الاعتبار في سياسات تدبير تدفقات المهاجرين؛ وتدقيق المفاهيم والتصنيفات والتوصيفات المستعملة في الخطاب المرتبط بالهجرة؛ وتحديد الوضع القانوني للمهاجرين على خلفية حقوق الإنسان. كما دعوا في هذا الصدد إلى تبادل الدراسات العلمية والإحصائيات والمعلومات بين الدول المعنية بالهجرة غير النظامية؛ وتعزيز الجهود الدولية المتعلقة بإجراءات ضبط ومراقبة الحدود البرية والبحرية والجوية لمواجهة الهجرة غير النظامية وشبكات الاتجار بالبشر؛ وتبسيط الإجراءات الخاصة بمنح التأشيرات لتشجيع الهجرة النظامية وضمان تنقل الأشخاص. من جانب آخر، شدد المشاركون على أهمية السياسة التضامنية التي يعتمدها المغرب في استقبال المهاجرين، من جنوب الصحراء وفق مقاربة إنسانية مندمجة تصون حقوقهم وتحفظ كرامتهم؛ ونجاعة عملية تسوية وضعية المهاجرين، التي قام بها المغرب، وفق معايير معقولة ومنصفة وتوفير الظروف الملائمة لهم للإقامة والعمل والعيش الكريم داخل المجتمع، داعين إلى وجوب الانتباه للتوجه المنحرف، الذي أخذه تدبير قضايا الهجرة بالفضاء المتوسطي. وأكدوا على ضرورة انخراط المنتظم الدولي، والالتزام بكون التعاطي مع ظاهرة الهجرة لن يتم إلا على قاعدة التضامن الدولي والحلول الجماعية، لتفادي ما تسببه من كوارث إنسانية، مبرزين أهمية استراتيجية مبادرة «التحالف الإفريقي للهجرة والتنمية»، وهي مبادرة تقوم على منظور إفريقي مشترك، وعلى مبادئ إنسانية لقضايا الهجرة، وعلى المسؤولية المشتركة، بين دول المصدر والعبور والاستقبال.وشددوا في هذا الاطار على الترابط الوثيق بين الهجرة والتنمية، مؤكدين أهمية تطوير تصور إفريقي موحد لرهانات الهجرة وتحدياتها، يكون الهدف الأول منه تغيير النظرة تجاه الهجرة، والتعاطي معها ليس كإكراه أو تهديد بل كمصدر قوة إيجابية. وبخصوص حكامة سياسة المغرب في مجال الهجرة واللجوء، دعا المشاركون إلى مواكبة الجهود المبذولة على مستوى السياسات العمومية في مجال الهجرة وتطويرها بما يتماشى مع موقع المغرب كبلد للعبور والإقامة أيضا، وكبلد طرف في استراتيجية القارة الإفريقية في مجال الهجرة واللجوء؛ وكذا تقوية القدرات المؤسساتية وتعزيز الحكامة بين مختلف المتدخلين، وخاصة الإدارة المحلية والجماعات الترابية، من أجل ترسيخ المقاربة الحقوقية والإنسانية؛ واعتماد إطار مرجعي يحدد الأهداف المشتركة في مجال تدبير الهجرة، يقوم على احترام المبادئ والقيم الأساسية المكرسة في المعايير والمواثيق الدولية في هذا المجال. كما دعوا إلى النهوض بثقافة حقوق الإنسان، وحقوق المهاجرين بالخصوص، وتشجيع أدوار المجتمع المدني والإعلام والمؤسسات التعليمية من خلال إدراج حقوق المهاجر في منظومة التربية والتكوين لتكريس قيم الانفتاح وتعزيز سبل التعايش مع الآخر؛ والإسراع باعتماد نص تشريعي متكامل يضمن حماية المهاجرين واللاجئين وحقوقهم بما يتلاءم مع المستجدات الدستورية والمرجعيات الدولية؛ فضلا عن تكوين وتحسيس الصحفيين من أجل تقوية قدرتهم على تتبع ومعالجة الهجرة بما يعزز أخلاقيات المهنة وقواعدها، ويعكس التشبع بقيم حقوق الإنسان والتضامن ومبادئ التعدد والتنوع. وأوصى المشاركون ببلورة إطار دولي للتعاون يقوم على شراكة استراتيجية بين الدول، من أجل صياغة حلول مستدامة تحقق التنمية الشاملة لبلدان المنشأ، وتساهم في بناء قدرات البلدان النامية، وتضمن الرفع من المساعدات المقدمة من دول الشمال إلى دول الجنوب؛ واعتماد خطط للعمل تضمن المساهمة الفعلية للهجرة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، داعين الحكومة إلى الحرص على تضمين الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية أو متعددة الأطراف مقتضيات تنص على فتح سوق الشغل وإدماج مقتضيات ملائمة تحمي الحقوق الاجتماعية للعمال. ويأتي تنظيم هذا اللقاء في سياق إسهام البرلمان المغربي في أشغال اللقاء الموازي الذي سينظمه الاتحاد البرلماني الدولي بمدينة مراكش حول «تدعيم التعاون البرلماني وتعزيز الحكامة في مجال الهجرة في أفق المصادقة على ميثاق عالمي من أجل هجرات آمنة ومنظمة ومنتظمة»، وذلك على هامش القمة الأممية التي ستحتضنها المملكة المغربية حول موضوع الهجرة في دجنبر المقبل بمراكش.