قال ديدييه دروغبا، نجم وقائد منتخب الكوت ديفوار سابقا، في حوار مع إحدى القنوات الفرنسية، إن حظوظ المنتخبات الإفريقية في بلوغ نصف نهائي أو نهائي كأس العالم ستعزز عندما يرتفع عددها في البطولة إلى أكثر من خمسة. وتابع أسطورة تشيلسي «الحظوظ التي تمتلكها المنتخبات الإفريقية هي نفسها لم تتغير، بالنسبة للمنتخب الإيفواري لم يحالفه الحظ في التأهل إلى مونديال روسيا، فمنذ رحيل المدرب هيرفي رونار، غابت روح القائد لدى الفريق، هناك لاعبون يتوفرون على إمكانيات ومهارات جيدة ويمتلكون روح القيادة، لكن لا يستطيعون ترجمة ذلك داخل الميدان، ولا يجسدون تلك الروح بالشكل الجيد، وأنا لا ألومهم. لأن اللعب في النوادي والمنتخبات الوطنية أمران مختلفان، فعندما نذهب إلى أفريقيا لا نلعب من أجل المال، وإنما نلعب من أجل القلب والبلد». وبات اللاعب البالغ من العمر 40 سنة، يمتلك أسهما في نادي «فينيكس رايزينغ» الأمريكي، الذي ينشط في دوري الدرجة الثانية، والذي انضم إلى صفوفه في أبريل من العام الماضي، وخاض رفقته 14 مقابلة، سجل خلالها عشرة أهداف، ليرفع رصيده التهديفي طيلة مسيرته الكروية إلى 296 هدفا خلال 677 مباراة. وأوضح اللاعب دروغبا «إن اللعب في المنافسات الأمريكية يختلف كثيرا عن الأوروبية ويتميز بنظام خاص ومنفرد. نحن نتنافس في البطولة مع ثلاثة أندية (فريق «ديترويت» وفريق «سان دييغو» وفريق «ساكرامنتو»)، وإذا أراد نادي مدينة ما الصعود إلى دوري المحترفين، فعليه تقديم ملف كامل إلى رابطة أندية الدوري الأمريكي الممتاز، يشمل البرنامج الرياضي لكل مكونات النادي، وأيضا مشروعه المالي والتجاري، والذي يجب أن يثير في نفس الوقت اهتمام الرابطة المحترفة الأمريكية، فمثلا في حالتنا ينبغي تقديم مبلغ مالي كبير قيمته 150 مليون دولار في البداية، ويتحتم علينا بناء ملعب تتراوح كلفته المالية ما بين 250 إلى 300 مليون دولار. استثمار بنصف مليار دولار تقريبا للصعود إلى الدرجة الأولى». وتابع الاعب الإيفواري «هذا الاستثمار يدر إيرادات كبيرة، ويرفع من قيمة النادي. وللتوضيح أكثر، فنادي مونتريال الذي صعد إلى الدوري الأمريكي الممتاز منذ 6 سنوات تقريبا، كانت قيمته آنذاك لا تتجاوز 50 مليون دولار، ووصلت قيمته الآن 130 مليون دولار. أعتبر هذا النظام مثيرا للاهتمام، وهذه هي كما يطلق عليها باللغة الانجليزية «soccer game football» أي لعبة كرة القدم الأمريكية. وبعيداً عن حياته الكروية، مارس دروغبا شتى الأعمال الخيرية، كما تم تعينه كسفير للنوايا الحسنة في عام2007 من قبل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي. وقام مؤخرا ببناء مركز تعليمي في مدينة «أوناهيو بوكو كوامكرو» في ساحل العاج، مبررا سبب اختياره لهذه المنطقة، بعدم توفر الساكنة على مراكز تعليمية كافية ولتوفير الاحتياجات الضرورية لأبناء شعبه، حيث قال: «ببساطة هناك حاجة ملحة دفعتني إلى فعل ذلك، فالمدينة تفتقر للعديد من المؤسسات في هذا المجال. يشتغل الأطفال كثيرا في هذه المنطقة، التي يعتمد اقتصادها على زراعة وإنتاج الكاكاو، فبدل من العمل في الحقول والمزارع وحصد الكاكاو، الذي يتحول فيما بعد إلى شكولاته، ينبغي عليهم الذهاب إلى المدرسة، ونحن بدورنا ساهمنا في تفعيل ذلك، عن طريق توفير الوسائل والإمكانيات اللازمة…» بدأ دروغبا مسيرة الأعمال الخيرية، عكس أغلبية النجوم، وهو ما يزال لاعب كرة القدم، ولا تعتبر هذه البادرة الإنسانية أول أعماله، ففي سنة 2007 قام ابن مدينة أبيدجان، بإنشاء مؤسسة خيرية تحت اسم «ديدي دروغبا» تهدف إلى تحسين مجال التعليم والصحة، واللذان يعتبرهما دروغبا من بين المجالات المهمة والأساسية لتنمية وتقدم المجتمع، إذ قال في تصريح له لنفس القناة الفرنسية «في طفولتي كنت أقول لأمي إنني أتمنى أن أصبح طبيبا (يضحك)، ولكن للآسف لم أنجح في هذا المشوار، ولم أستطع تحقيق رغبتي، وأصبحت في المقابل لاعب كرة قدم. لكن على غرار لعب الكرة، يجب على المرء أن يتأمل ويفكر كيف يمكن له أن يؤثر أو يغير مصير محيطه أو أن يساعد مجتمعه». وأضاف « أريد أن أقدم لشعبي وقارتي الأفريقية الحب والدعم، الذي منحته لي من قبل سواء عندما كنت لاعبا في فريق تشيلسي أو مارسيليا أو مع منتخبي الوطني. إذن بالنسبة لي تبقى أحسن طريقة لرد الجميل، بدلا فقط من تقديم الأموال، هي منح الوسائل الأساسية للشباب والأطفال ليصبحوا في المستقبل أطباء، علماء ولاعبي كرة القدم». وتابع « يجب علينا أن نركز على التربية، وتحسين المحيط البيئي والصحي وتوفير الظروف اللازمة للأطفال، حتى يتمتعوا بصحة جيدة ويذهبوا إلى المدرسة في أحسن حال، هذا سيتيح لهم فرصا لكي يتحملوا المسؤولية في المستقبل ويصنعوا كيانهم الخاص ويتحكموا في مصيرهم. التعليم الجيد يساعد على الاستقرار وتقدم وازدهار البلد، هذه هي مساهمتي المتواضعة في قارتي الأفريقية». يشار إلى أن المهاجم المخضرم انضم مؤخرا إلى إدارة نادي «وليامسفيل» الرياضي الإيفواري، الذي ينشط في دوري الدرجة الأولى، وأصبح عضوا رسميا في المكتب الإداري للفريق. وقد قدم ديدييه دروغبا، حسب تصريحات بكاري كونيه رئيس الفريق، مساعدة نفسية ومالية، وانخرط بشكل كبير في تنظيم النادي، وسيساهم بخبرته العالية المستوى في جعل الفريق محترفا، الشيء الذي سيساعد على تطوير كرة القدم الإيفوارية. وفي هذا الصدد أكد الهداف الإفواري، على أنه يراهن على جعل النادي من أقوى الفرق الأفريقية لينافس على عدة واجهات، إذ قال «إنني سأحاول بخبرتي المتواضعة على المستوى الرفيع، جعل هذا النادي مرجعا على الساحة الإيفوارية والأفريقية كذلك، لقد تأهلنا لكأس الرابطة الأفريقية وقدمنا آنذاك أداء جيدا. هذا النادي طموح ويقدم فرصا للشباب، وأنا هنا لأرافق هذا الحلم، وأحسن وأطور أداء هؤلاء ليصبحوا لاعبين دوليين محترفين في المستقبل…» ورغم الاستثمارات الكثيرة التي قام بها اللاعب الدولي بمختلف دول العالم، إلا أن فرنسا لم تحظ بأي أعمال كروية أو بأي استثمار يذكر إلى حد الآن، مع العلم بأن دروغبا ترعرع في فرنسا وعاش أول تجاربه الاحترافية رفقة أندية فرنسية. ويفسر اللاعب السابق لفريق مارسيليا الفرنسي هذا الأمر قائلا « لم تتح لي الفرصة للقيام بذلك، إني أحب فرنسا، كبرت وبدأت شهرتي هناك، وبعد ذلك ظهر تألقي في الساحة الأوروبية. ببساطة، في فرنسا المنظومة الكروية للأندية مغلقة، والاستثمار فيها أمر صعب، اللاعبون في فرنسا لا يحظون بالاحترام بالشكل الجيد، خلافا لما نراه في باقي البطولات الأوروبية، لهذا نرى أغلبية اللاعبين الفرنسيين الشباب يحترفون في الدوري الانجليزي…» ويذكر أن الهداف الإيفواري يخطط لاعتزال لعب كرة القدم نهاية الموسم الجاري، إذ صرح لأحد المحطات الإذاعية قائلا «عام 2018 سيكون الأخير لي في الملاعب. في لحظة ما ينبغي عليك التوقف، أحتاج إلى وقت من أجل مشاريعي الأخرى، من الجيد ممارسة كرة القدم، ولكن القيام بذلك في سن التاسعة والثلاثين يدفعني للخلف قليلا». ويعتبر ديدييه دروغبا أسطورة تشيلسي، وذلك لتسجيله عددا كبيرا من الأهداف الحاسمة في الموسم التاريخي «للبلوز» سنة 2012، بعدما أحرز هدف التعادل ضد بايرن ميونيخ في نهائي الأبطال في الوقت القاتل، وفي ركلات الترجيح سجل دروغبا ضربة الجزاء الحاسمة لفريقه، وقاده إلى التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخ النادي. كما لعب مع منتخبه الوطني 106 مقابلة دولية، وسجل 66 هدفاً، وتوج في مناسبتين كأفضل لاعب أفريقي من طرف الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، سنتي 2009 و2006، كما قاد منتخبه الوطني في بطولة كأس العالم لكرة القدم بألمانيا.