نريدها كأسا مغربية، ولقبا قاريا يؤكد الصورة الجميلة التي شرعنا في رسمها، وأكيد لا نرغب في التفريط فيها. نريد مونديال 2026 مغربيا.. هي فرصة، كما أشرنا إليها في عدد أمس، لم نكن نحلم بها، ونحن نعد ملفنا لاحتضان مونديال 2026، وصناع القرار الكروي العالمي يحلون ضيوفا عندنا في ما تبقى من عمر هذه البطولة القارية، نحن مطالبون بمنح ضيوفنا الصورة التي تليق بكرتنا، بملاعبها، بفنادقنا، بطرقاتنا، باستقرارنا وأمننا، وبجمهورنا المطالب بالانخراط الفعلي بحضوره المكثف في المباريات القادمة، في دعم ملفنا على أساس أننا كلنا معنيون، وكلنا ملزمون بالدفاع عن حظوظنا ولو أمام منافسة نعلم أنها ستكون شرسة للأمريكان والمكسيك وكندا، ولعله فأل خير لملفنا ما يحدث حاليا في كندا ووزيرها في الرياضة يستقيل من مهامه، يوم الجمعة الأخير، بعد اتهامات وجهت إليه بالتحرش وبسلوك غير لائق حيال النساء. اشتغلنا بتفوق وبنجاح في كثير من الأمور المرتبطة بملفنا، وعلينا بالرغم من كل ذلك، الاشتغال على أمور أخرى غابت عنا ولم ننتبه إليها، هي أمور ونقط يمكن للجنة ملف احتضان كأس العالم أن تضعها للدراسة والتحليل، فربما هناك نقط سيكون لها انعكاس سلبي على ملفنا وأكيد تتطلب منا الالتفات لها وعدم استصغارها، من بين هذه النقط مثلا، تلك المتعلقة بمستوى الخدمات والفندقة والأسعار، ولن نبالغ في هذا السياق، فهذه الأسعار وبقدر ما تنهك القدرة الشرائية في مجتمعنا وتثير القلق بل والغضب والرفض في الوسط المجتمعي، بقدر ما تشكل سببا في تغييب الرغبة في زيارة بلادنا من طرف السياح الأجانب. على هذا المستوى، يطرح السؤال، ونحن نحتضن في هذه الفترة، بطولة المنتخبات الإفريقية للاعبين المحليين « الشان»، ما هي نسبة حضور الجماهير الإفريقية لهذه البطولة في مدرجات ملاعبنا؟ أكيد، وفي غياب إحصائيات رسمية، وبالمعاينة فقط، يظهر أن العدد ضئيل جدا، ومعظم المشجعين الأفارقة الحاضرين، هم طلبة في معاهدنا وجامعاتنا ويقيمون بيننا، لأن المنطق يقول إنه يصعب جدا على المواطن الإفريقي متوسط الدخل السفر والانتقال من بلده إلى المغرب لمتابعة البطولة، وحتى إن تمكن من توفير تذكرة الطيران، فمن المؤكد أنه سيعجز عن الاستجابة لمتطلبات العيش وتحمل مصاريف الإقامة والتغذية واستعمال وسائل النقل الداخلية، بسبب ارتفاع أسعار مختلف الخدمات المقدمة، ولن نجانب الصواب في هذا الإطار وكل التقارير تؤكد غلاء أسعار خدماتنا على مستوى كل أنواعها، والواضح أن تنظيم «الشان» لم يكن بإدارة جماعية وفق مخطط متفق عليه، إذ تركت جامعة الكرة وحيدة في مواجهة متطلبات التنظيم، وغابت الجهات الرسمية وشبه الرسمية عن القيام بأي دور في هذه العملية. سؤال آخر وجب طرحه بدون انتظار جواب عليه، لماذا تغيب مجموعة من الجهات عن مثل هذه التظاهرات الرياضية الهامة ولا يظهر لها أي أثر وكأنها غير معنية؟ على مستوى السياحة مثلا، والطيران، والفنادق، ولماذا لم نسمع عن اجتماعات لهذه الجهات مع اللجنة المنظمة قبل انطلاق البطولة وفي فترة التحضير لها؟ نستحضر هذا الجانب المرتبط بالخدمات وأسعارها الملتهبة ونحن نتطلع إلى التنافس على احتضان مونديال 2026 في معركة تجمع ملفنا بملف المريكان، كندا والمكسيك، والحالة هاته، فربما لو تضافرت جهود كل الجهات المتدخلة في هذا الجانب، وتم التفكير في ملاءمة أسعار الخدمات المقدمة والضرورية منها كالطيران والفندقة مثلا، لنجح ملفنا في كسب نقطة إيجابية في ظل المنافسة الشرسة حول انتزاع حق احتضان كأس العالم 2026. كما نستحضر في نفس السياق، أن أسعارنا ومستوى تكلفة العيش في بلدنا توجد باستمرار تحت مراقبة مكاتب دراسات وتعد بشأنها تقارير مفصلة، وكل العالم يمكن بِزر واحد الاطلاع على كل خصوصيات تكاليف العيش عندنا، وفي هذا الإطار، وكنموذج فقط، فقد كشف تقرير أمريكي حول الدول الأغلى معيشة أن المغرب يتصدر دول شمال إفريقيا من حيث ارتفاع كلفة العيش. وأظهر تصنيف صادر عن موقع «GOBankingrate»، المتخصص في تقديم الاستشارات المالية للأفراد الراغبين في الحصول على قروض أو استثمار أموالهم، أن المغرب، مقارنة مع دول لها المستوى الاقتصادي نفسه يبقى الأغلى معيشة، إذ تجاوز كلا من تونس والجزائر ومصر وحتى تركيا. وصنف نفس التقرير، في المقابل، جنوب إفريقيا كأرخص بلد في العالم، بالنظر إلى التقارب بين مداخيل مواطنيها وتكلفة العيش فيها، في حين احتلت كل من سويسرا وهونغ كونغ والبهاماس صدارة الدول الأغلى في العالم. كما سبق لعدد من التقارير أن صنفت مدينة الدارالبيضاء في خانة المدن الأكثر كلفة للمعيشة!