تزامنا مع الدخول المدرسي، كان لزاما علينا الوقوف عند مختلف ردود الشرائح المجتمعية ذات الصلة بالموضوع؛ من تلاميذ وآباء وأساتذة وأرباب مكتبات، في محاولة لسبر أغوار جل أطوار العملية. في زيارة ميدانية، حاولنا رصد آراء مجموعة من الكتبيين حول مختلف أطوار عملية بيع الكتب والأدوات المدرسية التي تُلازم الدخول المدرسي، وهي آراءٌ تباينت كلما تباين الوسط والمحيط؛ لتتوزع بين مكتبات تتواجد بمناطق هامشية فقيرة أو متوسطة، وأخرى على شوارع الأوساط الميسورة. «لم تأخذ عملية اقتناء الكتب وتيرتها الطبيعية بعدُ» هكذا افتتح أحمد (صاحب مكتبة بحي بيلفدير بالبيضاء) كلامه حين استفهمناه عن الرواج البطيء الذي تعرفه مكتبته، قبل أن يردف: الدخول المدرسي في أيامه الأولى، حيث لا يتوافد على المكتبة إلا من الحظ اليسير من التلاميذ الذين توصلوا بلائحة الكتب واللوازم المدرسية. كما أن العديد من الأسر ،على حد تعبير أحمد، تعُود لتَوِّها من العطلة الصيفية وتحاول أن تستجمع قِواها إن على المستوى المادي أو المعنوي لتتمكن من مجابهة عملية اقتناء اللوازم المدرسية. من وجهة نظر مختلفة، يرى (محمد) أن عملية التسجيل بالفعل تأخذ مجراها العادي، فالناس في إقبال متزايد على الكتب والأدوات المدرسية، خاصة آباء وأولياء أمور تلاميذ القطاع الخصوصي، على اعتبار أنهم ،كما يقول محمد، ملزمون باحترام وقت الدخول المحدد سلفا في بداية الأسبوع المقبل. وبالتالي فرقم معاملات المكتبة بشكل عام في حالة استقرار مقارنة مع السنة الماضية، ذلك أن العملية تسير بنفس الوتيرة وتحت نفس الظروف. في حين يرى عمر، أن العملية تعرف تراجعا ملحوظا هذه السنة، وهو تراجعٌ بدأت تتشكل إرهاصاته منذ سنوات ماضية، وذلك راجع بالأساس ،كم يقول عمر، إلى أن أغلبية الناس اتقاءً للازدحام، ورغبةً في الاقتناء في أريحية وعلى سعة، بدأوا يلجؤون إلى الأسواق الممتازة، والتي تحقق لهم تِلكم الغاية. أضف إلى ذلك أن مجموعة من الآباء لا زالوا يواصلون رحلة البحث عن الدَّين لتفادي مخلفات الظرفية المادية (شهر رمضان والعطلة الصيفية) حتى يستأنفوا عملية اقتناء اللوازم المدرسية. وفي سياق متصل يقر كل من حاورناهم من أرباب المكتبات، أنهم يسعون جاهدين في سبيل أن تلبي مكتباتهم مختلف طلبات الزبناء من أدوات وكتب، سواء أكانت من القطاع العام أو الخاص. إلا أنهم يعمدون إلى بيع الكتب «تحت الطلب»، وذلك نظرا لتكلفتها الغالية، وخشية أن تبقى رهينة الرفوف لتُسبب فيما بعدُ خسارةً مادية كبيرة لهم. وهو إشكالٌ يقول عمر كان متجاوزا إلى وقتٍ قريب بالنسبة للكتب التابعة للقطاع الخاص ذات الثمن «البسيط»، إلا أنها أصبحت هي الأخرى عائقا ومصدر خوف بعد أن تعددت مقررات المادة الواحدة بحسب النيابة (المنار، المفيد، الرائد)؛ على الرغم من أن مصدر اختلافها الشكلُ الخارجي والعنوان فقط !!. إن سياق الدخول المدرسي لهذه السنة سياقٌ خاص، ذلك أن العملية تأتي في إطار سلسلة من المناسبات التي استنزفت جيوب غالبية الأسر المغربية، فما كاد أولياء الأمور يتداركون مخلفات شهر رمضان المبارك حتى وجدوا أنفسهم على أعتاب العطلة الصيفية وتبعاتها المادية المهمة، ليجدوا أنفسهم في محطة قبل نهائية (قبل عيد الأضحى) على أعتاب الدخول المدرسي. وهو ذات السياق الذي دفع مجموعة من الأسر، كما يقول كل من حاورناهم، إلى اقتناء الكتب دَينا؛ وذلك إما عن طريق وسيطة أو عن طريق إيداع «شيك» محدد الآجال أو غيرها. وفي هذا الصدد يقول عمر: «الله يحسن العوان» الظرف جد صعب، إلا أنه لا يسمح البتة لأي أحد بأن يتملص لديونه، إذ أن هناك ،على حد تعبيره، أناسا لا زالت على رقبتهم ديون السنة الماضية!!.