شكل البعد الاقتصادي مدخلا رئيسيا لمناقشة قضايا الهجرة بين إفريقيا والاتحاد الأوربي على أساس قناعة مشتركة بين جميع الأطراف بأن خلق فرص الشغل والاستقرار مفتاح لمواجهة الفورة السكانية ومشاكل الهجرة . وشارك أكثر من 80 رئيس دولة وحكومة اوروبية وافريقية في قمة في ساحل العاج الاربعاء من اجل تعزيز الوظائف والاستقرار في القارة الافريقية التي تشهد فورة سكانية الى حد دعا البعض الى «خطة مارشال» جديدة. وافتتحت القمة التي استمرت يومين في وقت يرى الاتحاد الاوروبي مصيره مرتبطا بشكل متزايد بافريقيا في اعقاب صدمات الهجمات الارهابية والهجرة غير المسبوقة. وقد جاء الاجتماع في وقت تتنافس الصين والهند واليابان ودول الخليج حول النفوذ في القارة التي يظل الاتحاد الاوروبي أكبر لاعب اقتصادي وسياسي فيها. وأبلغ رئيس الاتحاد الاوروبي انطونيو تاجاني برلمانيين من القارتين قبل عقد القمة أن الوقت ضيق لإيجاد سبل لتلبية احتياجات سكان القارة المتوقع أن يتضاعف عددهم إلى 2,4 مليار نسمة بحلول العام 2050. وقال تاجاني في ابيدجان العاصمة الاقتصادية لساحل العاج إن «افريقيا ستحتاج لخلق ملايين الوظائف للتعاطي مع الوافدين الجدد لسوق العمل»، مضيفا «إذا لم يحدث ذلك، فإن الشباب سيفقدون الأمل». وحذر «حينها سنواجه أزمات التشدد خصوصا في المناطق غير المستقرة مثل الساحل، لكن أيضا هجرة واسعة بشكل أكبر». واضطر ملايين الأفارقة للترحال داخل افريقيا بحثا عن العمل أو هربا من الأزمات، لكن أيضا عبر المتوسط، بشكل أساسي من ليبيا إلى إيطاليا. وبدا الاتحاد الاوروبي هذا العام بتقليص تدفق اللاجئين عبر التعاون مع السلطات الليبية وبعد اتفاق اشمل مع تركيا، والذي أسفر عن الحد من قدوم اللاجئين الفارين من الشرق الأوسط إلى اليونان. ودخل أكثر من 1,5 شخص من الشرق الأوسط وافريقيا إلى أوروبيا خلال السنتين الماضيتين، ويخشى مسؤولو الاتحاد الأوروبي وفود اعداد جديدة أكبر في المستقبل. وقال مسؤولون اوربيون إن وفود اللاجئين، التي أثارت انقسامات سياسية في الاتحاد الاوروبي واعتداءات جهادية متكررة في اوروبا كانت بمثابة انذار بضرورة معالجة الأسباب الأصلية التي تدفع الناس الى مغادرة اوطانهم. وخصص الاتحاد الاوروبي بالفعل مليارات اليورو لدعم التنمية الاقتصادية في افريقيا مع تعميق التعاون في جال مكافحة الارهاب مع الدول الافريقية حيث تنشط الجماعات الإسلامية المسلحة. وقال تاجاني «اتحدث عن خطة مارشال لافريقيا، إذ نواجه مهمة هائلة ولدينا وقت قليل للتصرف». ويرجع الفضل لخطة مارشال التي اطلقتها الولاياتالمتحدة بمليارات اليورو بعد الحرب العالمية الثانية لانقاذ شركائها الاوروبيين، في تحقيق الرخاء والاستقرار الحالي في اوروبا. ودعا احمد رضا الشامي، سفير المغرب لدى الاتحاد الاوروبي والذي سيحضر القمة، لاطلاق خطة مارشال من اجل افريقيا لكن باجراءات لحمايتها ضد الفساد وبشكل مصمم خصيصا لاحتياجات افريقيا. ويأمل الداعمون الافارقة والاوروبيون لخطة مارشال الافريقية أن تشجع المليارات في التمويل الاوروبي العام تدفق استثمارات خاصة أكبر. وفي زيارته إلى بوركينا فاسو قبل التوجه لحضور قمة ابيدجان، قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إن بلاده خصصت تمويلا قدره مليار يورو (1,2 مليار دولار) للمشاريع الافريقية صغيرة ومتوسطة الحجم. وفي مستهل زيارته الافريقية، قال ماكرون إن هذا التمويل يمكن استخدامه لمساعدة الشركات من القطاع الزراعي والالكتروني لمضاعفة حجم اشغالها. وكان موضوع الغضب الذي اثاره تحقيق تلفزيوني أميركي حول بيع مهاجرين افارقة سود كعبيد في ليبيا ، حاضرا في القمة. ودعا رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي موسى فقي محمد «لإجراءات عاجلة» لوقف الانتهاكات، والتي يقول ناقدون إن التعاون الاوروبي الليبي للحد من عبور المهاجرين لأوروبا تسبب فيها.