شكلت تطورات الأوضاع في إقليمالحسيمة، أول أمس الخميس، صلب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة الذي تميز بنقاش متواصل ومستفيض حول تفاعلات الحراك الاجتماعي الذي تشهده الحسيمة منذ أزيد من نصف سنة. وقد كان من أبرز قرارات الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة إحداث لجنة على مستوى رئاسة الحكومة ستضطلع بجرد كامل للاتفاقيات والمشاريع التي وقعت أمام جلالة الملك محمد السادس أو اعتمدت من قبل مجلس الحكومة، سواء تعلق الأمر بالحسيمة أو بمختلف مناطق المغرب. وقال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، في كلمة خلال المجلس، إن الاجتماع الأخير للمجلس الوزاري يؤسس لمرحلة جديدة في تدبير المشاريع والبرامج التي توقع أمام جلاله الملك أو تعتمد من قبل مجلس الحكومة. وفي مطلع الأسبوع ترأس جلالة الملك محمد السادس اجتماعا للحكومة عبر خلاله عن استيائه وانزعاجه وقلقه، بخصوص عدم تنفيذ المشاريع التي يتضمنها هذا البرنامج التنموي الكبير، الذي تم توقيعه تحت الرئاسة الفعلية لجلالته بتطوان في أكتوبر 2015، في الآجال المحددة لها. وفي هذا الصدد، أصدر جلالة الملك تعليماته السامية، لوزيري الداخلية والمالية، قصد قيام كل من المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية والمفتشية العامة للمالية، بالأبحاث والتحريات اللازمة بشأن عدم تنفيذ المشاريع المبرمجة، وتحديد المسؤوليات، ورفع تقرير بهذا الشأن، في أقرب الآجال. وقد قرر جلالة الملك عدم الترخيص للوزراء المعنيين بالاستفادة من العطلة السنوية، والانكباب على متابعة سير أعمال المشاريع المذكورة. وأوضح العثماني أن قوام هذه المرحلة هو مضاعفة الجهد من أجل احترام الآجال المنصوص عليها في هذه البرامج والاتفاقيات، ومضاعفة الاحتياط قبل التوقيع عليها من أجل الحل الاستباقي لكل الإشكالات المرتبطة بالتمويل وتعبئة العقار والتنسيق المطلوب بين القطاعات الحكومية والدراسات اللازمة من أجل ضمان التنفيذ الأمثل لهذه الاتفاقيات. وترفع ساكنة الحسيمة في ما بات يسمى «بحراك الريف» شعارات تنادي أساسا بالاستجابة للمطالب الاجتماعية والاقتصادية التي رفعتها ساكنة الحسيمة، منذ أزيد من ثمانية أشهر، وبإطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية هذا الحراك الاجتماعي. ودعا العثماني إلى الرفع من مستوى اليقظة والتنسيق والتتبع، باعتبار أن المواطنين ينتظرون الكثير من الحكومة، وأن على هذه الأخيرة أن تكون في مستوى هذه الانتظارات. وأكد على ضرورة القيام بزيارات ميدانية لتتبع المشاريع على الأرض، والقيام بزيارات للوقوف على مستوى التقدم في الإنجاز والوقوف على الإشكالات المطروحة بهذا الشأن، مضيفا أنه ستتم لهذا الغرض زيارات مقبلة لعدد من الوزراء لمجموعة من المناطق، لأجل رفع التعبئة للوصول إلى الأهداف حتى نكون في مستوى انتظارات جلالة الملك والشعب المغربي. وبخصوص مشاريع برنامج «الحسيمة منارة المتوسط»، أعلن رئيس الحكومة عن عقد لقاء دوري للجنة الوزارية التي تضم القطاعات المعنية لتتبع تنفيذ هذه المشاريع. وفي هذا السياق، جدد رئيس الحكومة دعوته لساكنة الحسيمة إلى ضرورة التعاون والثقة لإقرار الهدوء والأمن اللازمين لإنجاح المشاريع التنموية بالمنطقة، موضحا أن هذا المنهج سيتم اعتماده في مختلف مناطق المملكة. وطالب سعد الدين العثماني، أعضاء الحكومة بضرورة التعاون والتنسيق من أجل تنفيذ مختلف المشاريع في مختلف مناطق المغرب، مشددا على أن المواطن «ينتظر منا الكثير، ويجب أن نكون في مستوى انتظاراته». وينتقد المتظاهرون، الذين لم تخل مسيراتهم من مواجهة مع القوات العمومية تسببت في إصابة العشرات من المتظاهرين وسجلت 108 إصابات في صفوف الأمن، (ينقدون) في نفس الآن أداء الحكومة في تدبير بعض القطاعات الحيوية من قبيل الصحة والتشغيل والتعليم والقضاء، وكذا بمقاربتها في التعامل مع حراك المطالبين بحقوقهم بالعديد من المناطق والجهات. ووفق آخر ما أعلنت عنه جهات حكومية يوجد 97 شخصا في حالة اعتقال احتياطي على إثر أحداث الحسيمة على خلفية ما بات يسمى «بحراك الريف» الذي تشدد مسيراته شبه اليومية على ضرورة تكريس مبادئ الحرية وتحقيق السلم الاجتماعي والعدالة الاجتماعية، فضلا عن محاربة الفساد واقتصاد الريع وإطلاق سراح المعتقلين. وبلغ عدد الأشخاص الموجودين رهن الحراسة النظرية 47 شخصا، أما عدد طلبات الفحص المرتبط بالخبرة الطبية على مزاعم التعذيب فقد بلغت 66 طلبا. كما بلغ عدد المعتقلين الذين صدرت في حقهم أحكام ابتدائية، إما بالحبس النافذ أو موقوف التنفيذ، 40 شخصا، مقابل 18 شخصا متابعين في حالة سراح، مع حفظ القضية في حق 16 شخصا. والاثنين الماضي شهدت الحسيمة حيث انطلقت الشرارة الأولى للحراك الشعبي قبل ثمانية أشهر، صدامات بين قوات الأمن ومتظاهرين كانت الأعنف منذ انطلاق الحراك الاجتماعي بالمنطقة. وأصيب حوالي 80 شرطيا بجروح بحسب حصيلة رسمية، فيما لم يعرف عدد الجرحى في صفوف المتظاهرين، في حين أوقف أزيد من 150 شخصا في الأشهر الثلاثة الأخيرة بينهم 40 لا يزالون معتقلين بحسب مدافعين عن حقوق الإنسان. وفي سياق متصل، من المتوقع أن يمثل محمد جلول، أحد أبرز نشطاء حراك الريف، على أنظار قاضي التحقيق يوم الاثنين المقبل؛ بينما سيكون ناصر الزفزافي، قائد الحراك، ضيفا على القاضي نفسه يوم الأربعاء المقبل. ومثل، أمس الجمعة، كل من صلاح لشخم وإلياس الحاجي وسمير أغيد أمام أنظار قاضي التحقيق، الذي شرع في التحقيق التفصيلي مع المتهمين في حراك الريف. وقضى ثلاثة معتقلين على خلفية ما بات يعرف ب»حراك الريف»، الخميس، خمس ساعات في ضيافة قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء. وكشفت مصادر متطابقة أنه من المتوقع أن تكون الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد أحالت ،أمس الجمعة، مجموعة من المعتقلين على خلفية مظاهرات الريف، فيما أفادت أن الإعداد متواصل في أوساط نشطاء حراك الريف للمسيرة المليونية المتوقع تنظيمها في 20 من يوليوز الجاري. وفي ارتباط بالموضوع، عبر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني لوسائل الإعلام مساء الأربعاء عن «أسفه وحزنه» بعد أعمال العنف التي اندلعت مطلع الأسبوع في الحسيمة . وفي تصريح للإعلام ، شدد العثماني على «ضرورة احترام المقتضيات القانونية في التعامل مع الاحتجاجات والتحقيق في أي تجاوز»، مجددا «ثقته في القضاء من أجل الترجمة الكاملة للتوجيهات الملكية لاحترام ضمانات المحاكمة العادلة، والتحقيق في كل مزاعم التعذيب وإجراء الخبرة الطبية اللازمة وفق القواعد القانونية المتعارف عليها عالميا». من جهة أخرى، أعلن العثماني عن قرب إطلاق وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، لمبادرة جديدة من أجل تحيين الخطة الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، تفعيلا للبرنامج الحكومي. ومن المرتقب أن يعقد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان المصطفى الرميد ووزير العدل محمد أوجار لقاءات، لم يحدد موعدها، مع الهيئات الحقوقية بشأن أحداث الحسيمة، ستنكب على مناقشة مختلف تطورات الأحداث بهذه المدينة، والتنسيق مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان بهذا الشأن.