أكد المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، عبد العظيم الحافي، أن التنوع البيولوجي والتغيرات المناخية ومحاربة التصحر تشكل «ثلاثية غير قابلة للتقسيم»ضمن ورش حماية البيئة. وأشار الحافي، الذي يشغل أيضا مهمة مفوض مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب 22)، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة التصحر والجفاف (17 يونيو)، إلى أن الموضوع الذي اختارته منظمة الأممالمتحدة هذه السنة للاحتفاء بهذا اليوم «أرضنا، بيتنا، مستقبلنا»، يسمح بربط الإشكاليات الكبرى لتدهور الأرض والتربة. ونظرا للعلاقة المباشرة التي تربط التنوع البيولوجي والتغيرات المناخية والتصحر، اعتبر الحافي أنه سريعا ما تبين أنه من غير الممكن التفريق بين الاتفاقيات الكبرى الثلاث لمنظمة الأممالمتحدة المعتمدة خلال قمة الأرض بريو دي جانيرو سنة 1992، والتي تخص اتفاقية التنوع البيولوجي والاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية واتفاقية الأممالمتحدة حول محاربة التصحر. وأبرز أنه «موضوع ذو راهنية، بالإضافة إلى انخراطه في إطار الأهداف الكبرى لاستراتيجية 2030 للأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والتي يحدد هدفها ال15 الأسبقية التي يجب إيلاؤها لإعادة تأهيل التربة من أجل مكافحة هذا التدهور الذي يمس، في الأوضاع الحالية، 12 مليون هكتار عبر العالم، أي ما يقارب إنتاجا يبلغ 20 مليون طن من الحبوب». وحول عدم الاستقرار المناخي وتسارع ظاهرة التصحر، قال «غالبا ما نتحدث عن التغيرات المناخية كأنها السبب في كل الكوارث التي يعرفها كوكبنا، لكن الواقع أن التغيرات المناخية تضطلع بدور محوري في تفاقم المشاكل المتواجدة في الأصل، أي الاختلالات الأساسية التي ترجع للاستغلال المفرط للموارد الطبيعية». وأضاف أن التغيرات المناخية يمكن أن تكون الأصل في بعض المشاكل، موضحا أن الحديث عن تدهور الأرض والتربة لا يعني فقط الأراضي الفلاحية، لكنه يخص مجموع الأراضي ومجموع أنواع التربة وعلاقتها بالحفاظ على الاستقرار والسلامة. وذكر بأن المغرب وضع عددا من الخطط الرائدة حول أهم الإشكاليات ذات الصلة المباشرة بالتصحر والتي لا تنحصر فقط حول تصحر الأراضي، وإنما كل التدهور الذي يعيق استقرار التنوع البيولوجي والإنتاجية. وأبرز أن المغرب اعتمد، في سنة 2011، برنامج العمل الوطني لمكافحة التصحر، الذي يهم أربعة محاور تتعلق بمحاربة الفقر، والتنمية القروية المندمجة، وتقليص آثار الجفاف وتدبير الموارد الطبيعية. ولتفعيل المخطط الوطني لمحاربة التصحر، يجري تنفيذ عدد من المشاريع المندمجة لتنمية المناطق الغابوية والمناطق المحيطة بها، وتهيئة الأحواض المائية، وتثمين أراضي الزراعة البورية والمراعي. وفي هذا الصدد، قال المتحدث إن المغرب يتوفر على أكثر من 20 مليون هكتار من الأحواض المائية، من بينها 1,5 مليون هكتار تتطلب معالجة عاجلة، وجرت معالجة أزيد من 800 ألف منها خلال السنوات العشر الماضية. وعلى مستوى تثبيت الكثبان الرملية، سواء القارية أو الساحلية، تم تثبيت 40 ألف هكتار من قبل المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، حسب الحافي، الذي أشار إلى أهمية هذا الأمر، انطلاقا من طبيعة الكثبان التي تنبعث منها الرمال والتي تؤدي إلى تدهور ممتد للأراضي، بما فيها الواحات أو الأراضي الفلاحية بشكل عام. وبخصوص المسار الذي قطعه نشطاء القضية البيئية منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، رحب المندوب السامي بالانتقال من مقاربة قائمة على العمل الخطي للدول نحو مقاربة أكثر شمولية وتشاركية يساهم فيها المجتمع المدني و القطاع الخاص ومؤسسات البحث، وليس فقط في التنفيذ ولكن أيضا في إعداد المشاريع، وذلك لضمان استدامتها. وإدراكا منه للخطر الذي يمثله التصحر بالنسبة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، كان المغرب من بين أول الموقعين على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر التي صادق عليها في 1996. وفي عام 1994، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة 17 يونيو يوما عالميا لمكافحة التصحر والجفاف من أجل تحسيس الرأي العام بهذه المشكلة وتنفيذ اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من الجفاف الشديد أو التصحر، خاصة في إفريقيا.