ألمانيا لم تعد شقراء، بل أصبح المنتخب الألماني نموذجا للتعددية من حيث لون البشرة والديانة والحضارات، التي امتزجت جميعها لتساهم في إعادة أمجاد كرة القدم الألمانية. فعلى مدار أكثر من عقدين من الزمن لم ينجح المنتخب الألماني في بلوغ المباراة النهائية لبطولة كأس العالم إلا مرة واحدة وذلك في كأس العالم 2002 بكوريا الجنوبية واليابان، حتى جاءت الفرصة مجددا للفريق في النسخة الحالية بالبرازيل، عبر مجموعة متميزة من اللاعبين، ينتمي بعضهم لأصول عدة من خارج ألمانيا ولكنهم حملوا على أكتافهم مهمة استعادة أمجاد الكرة الألمانية. وقبل سنوات طويلة، فرض اللاعب التركي الأصل محمد شول نفسه بقوة على ساحة الكرة الألمانية، وكان أحد نجوم المنتخب الألماني منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي وحتى 2002 . ورغم انتهاء مسيرة شول مع المنتخب الألماني في 2002، فقد كان نفس العام بداية لزيادة تواجد اللاعبين من أصول مختلفة عن الألمانية داخل صفوف المانشافت. وأصبح امتزاج الأصول والحضارات الأخرى في المنتخب الألماني أكثر وضوحا، تحت قيادة المدرب السابق للفريق يورجن كلينسمان، لاسيما وأنه اعتمد بشكل كبير في خط الهجوم على الثنائي ميروسلاف كلوزه ولوكاس بودولسكي، اللذين ينتميان لأصول بولندية في نسخة 2006 بألمانيا. وفي السنوات التالية، أصبح الاعتماد على أصول غير ألمانية أكثر وضوحا في المانشافت، حيث استعان المدرب يواخيم لوف المدرب الحالي للفريق بلاعبين آخرين مثل سامي خضيرة ومسعود أوزيل وجيروم بواتينغ وأخيرا شكودران مصطفى. والحقيقة أن اللاعبين أصحاب الأصول غير الألمانية لعبوا دورا بارزا في الصحوة التي يعيشها المنتخب الألماني في السنوات الأخيرة، واقتراب الفريق في البرازيل 2014 من استعادة اللقب العالمي. كما فرض كلا من خضيرة، الذي ولد في ألمانيا لأب تونسي وأم ألمانية، وأوزيل الذي ينحدر من أصول تركية وبواتينغ الذي ولد لأم ألمانية وأب غاني، بصمة واضحة مع المانشافت في السنوات الأخيرة، ليلعب النجوم أصحاب الأصول والحضارات المختلفة دورا في فوز الفريق بالمركز الثالث في كأس العالم الماضي 2010 بجنوب أفريقيا إلى جانب الوصول لنهائي النسخة الحالية بالبرازيل والفوز بالمركز الثاني في يورو 2008 وبلوغ المربع الذهبي في يورو 2012. وكان أحدث الحلقات لامتزاج الحضارات والأصول المختلفة في صفوف المانشافت هو ضم لوف للاعب الألباني الأصل شكودران مصطفى في نهاية فبراير الماضي، بعدما كان اللاعب في انتظار الاستدعاء من قبل المنتخب الألباني، رغم مشاركاته السابقة مع منتخب ألمانيا للناشئين.