على خطى "فن الحلقة" الذي تميزت به ساحة أبي الجنود بفاس العتيقة والذي يغلب عليه الحكي وتشخيص الأدوار بطريقة كوميدية ساخرة، التي تطورت على مر العصور واتخذت قوالب ومسميات أخرى، اختارت جمعية الفكاهيين المتحدين للثقافة والفنون هذه السنة "الفكاهة والتسامح" موضوع النسخة الثالثة لمهرجان فاس الوطني للفكاهة، من أجل تحقيق إحدى الأهداف الرئيسية للمهرجان، المتمثلة في غرس قيم التسامح، والتي وضعها المنظمون هدفا لهم منذ تأسيس هذه التظاهرة الفنية بمدينة فاس منذ زهاء ثلاث سنوات مضت، ومنذ الدورة الثانية انفتحت الجمعية على مؤسسات حماية الطفولة الموجودة بالمدينة من أجل نشر رسالة التسامح في قالب فكاهي فني، في أفق الانفتاح على جميع مؤسسات الحماية، ومساعدة النزلاء على الاندماج في المجتمع بعد مغادرتهم لمؤسسات الحماية، مع إبراز الدور والأهمية التي تلعبها مثل هذه التظاهرة في نشر ثقافة التسامح. وإيمانا من الجمعية بعمق الرسالة الهادفة من وراء الفكاهة ومن أجل ترسيخ وتأسيس لبنات المهرجان، ارتأت الجمعية تسميته بمهرجان فاس للفكاهة، وقد تم إضافة يوم لتصبح التظاهرة الاحتفالية على مدى أربعة أيام حتى يتمكن الشباب الموهوب من صقل مواهبهم أكثر في مجال الفكاهة من أجل الإبداع واكتساب مهارات جيدة. كما تسمت هذه النسخة التي أقيمت بالمركب الثقافي الحرية في الفترة الممتدة ما بين19 إلى 22 مارس 2014، بتقديم مجموعة من العروض الفكاهية، وتقديم عرضين مسرحيين وفيلم كوميدي، حيث يمكن القول بأن الدورة الثالثة هي محطة جمعت المسرح والسينما في قالب فكاهي يضفي عليه التسامح رونقا وبهجة، كما تم لأول مرة في المهرجان توقيع إصدارين في الأدب الساخر يتعلق الأمر بكتاب "يوميات بوجمعة" وكتاب "ببيتنا ضيوف سنأكل اللحم" للكاتب المغربي الساخر أنور خليل، كما تم عرض مسرحية "إيلا تلاقينا" تأليف 'عز الدين حتّا' وإخراج "خالد الزويشي" ومن تشخيص محمد العلمي وأمين المربطي. وتهدف هذه التظاهرة الفنية الكبرى إلى تعزيز ثقافة المبادرة والمواطنة الصادقة وإغناء الموروث الثقافي والحضاري المغربي، مع المساهمة في نشر ثقافة الفرجة الهادفة والترويح عن النفس، وتنشيط المدينة من خلال عروض فكاهية وفنية بمختلف الفضاءات الثقافية، والمؤسسات التعليمية ودور الشباب وكذا المراكز الاجتماعية، بالإضافة إلى تطوير الإبداعات الشبابية والرفع من إنتاجيتها وتثمينها، من خلال تقوية قدرات هؤلاء الشباب عن طريق الدورات التكوينية والتداريب الفنية لغاية ربط الشباب بمحيطهم وجعلهم فاعلين فيه. وقد تميزت هذه الدورة بالاحتفاء بالفنان 'جواد الكرويتي'، الذي عرفه الجمهور المغربي من خلال برنامج كوميديا، وذلك بعد أن احتفى المهرجان السنة الماضية بالفنان "جواد النخيلي"، بينما النسخة الأولى اختارت الفنان ابن مدينة فاس "محمد عزام أبو العز" رجل الدورة المكرم. كما عرفت فقرات المهرجان ورشات تكوينية في التشخيص والمبادئ الأساسية في الكتابة الكوميدية الساخرة أطرها أساتذة وفنانين مختصين، إضافة إلى ذلك استمتع الجمهور الفاسي بلحظات من الفرجة الفكاهية من خلال عروض فكاهية لشباب يتطلع لبصم اسمه في ميدان الفكاهة، إضافة إلى عرض مسرحية "التبعبيعة" تأليف أحمد الطيب لعلج وإخراج عبد الرحمان الادريسي ومسرحية "اقبط عاون" تأليف حسن بوعشراوي وإخراج خالد الزويشي, من أجل تشجيع الشاب أولت إدارة مهرجان فاس للفكاهة عناية خاصة بالشباب الذي شارك في إقصائيات النسخة الماضية، وأولى العروض عادت للفكاهين "ياسر" و "ميدو" وصيفي الدورة الماضية من المهرجان، كما أعقبهما عرض ساخر للفكاهي الشاب "عبد الحق خديوي" الذي يقدم عروضا فكاهية متنوعة باستمرار، وهو من الشباب الذين شاركوا في برنامج كوميديا، وتم كذلك تقديم عروض غنائية متنوعة بين الفقرات الفكاهية. وقد حازت المسرحية التي أبدع في إخراجها الفنان 'خالد الزويشي' بمدينة فاس السنة الماضية على جائزتين : الأولى هي الجائزة الكبرى في مهرجان مسرح الشباب على المستوى الجهوي والإقليمي، ثم جائزة الانسجام الجماعي والبحث المسرحي في نفس المهرجان لتتأهل بذلك المسرحية، إلى المهرجان الوطني لمسرح الشباب من نفس السنة. النجم سعيد الناصري، ساهم بدوره في إغناء فقرات هذه الدورة من خلال عرض فيلم كوميدي من بطولته وإخراجه، على غرار عدد من النجوم كالمطرب حسن المغربي والمنشد مروان حاجي....، حيث أدى حسن المغربي مجموعة من الأغاني أمتعت الجمهور الذي ملأ قاعة العروض عن آخرها، وردد مع الجمهور مع المطرب أغانيه المعروفة بتفاعل واستمتاع ومرح.