يقول تعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ (النور:4) عرف أهل العلم القذف برمي المكلف أو المكلفة حرًّا أو حرة، مسلمًا أو مسلمة عفيفًا وعفيفة بنفي نسب أو بزنا، وهو كذلك الرمي بالفاحشة لمن هو بريء منها، وقد بين الله تعالى عقوبة رمي النساء العفيفات البعيدات عن الفاحشة وفي هذا جاء في الحديث ..عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات»، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات»؛ متفق عليه ....واتفق أهل العلم من الائمة على أن القاذف كان ذكرا أو انثى لا تقبل شهادته (ها)بعد إقامة الحد عليه (ها)لأن الشارع الاسلامي رتب على قذف المحصن أو المحصنة ثلاثة أشياء :الاولى الجلد ثمانون جلدة والثانية رفض شهادته والثالثة الحكم عليه بالفسق .. قال تعالى «فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا، وأولئك هم الفاسقون «النور 4 ... وأجمع الشرع والعقل على أن القذف الذي يطال الاعراض وما له صلة بها ، سلوك فج غير مقبول يجرم صاحبه في غالب الحالات لأنه يثير الفتن وينتهك حرمات الناس، ويتطاول على الكرامة وفيه تحقير متعمد وإساءة بالغة يرفضها الله في كل ما أوحى به الى الانبياء والرسل ورتب عليها توصيفا لا يمكن لكل من يعيه من المؤمنين والمؤمنات أن يتجرأ على ارتكابه جهارا نهارا أو ليلا في الجلسات العامة أو الخاصة عبر الصحف أو اليوتوب أو القنوات، بل حتى بينه وبين نفسه ...وكيف إذا كان يشمل كلام المتطاول كل نساء الاتحاد من الحركة الوطنية والمجاهدات وأمهات الشهداء والشهيدات والمناضلات اللواتي ضحين بصدق وإخلاص لوجه الله في مواجهة الظلم والاستبداد طوال سنوات الجمر والرصاص، والتي كان فيها المتطاولون على المحصنات في عدم النضال والكفاح إن لم يكونوا متواطئين بصمتهم مع الظلم وأصحابه وعوا ذلك أو جهلوه ... فإذا رتب الشرع الاسلامي على مرتكب جريمة القذف حدا وعقوبات واضحة، فما العمل وسبه وقذفه شمل مئات الآلاف من الاتحاديات عبر تاريخ؟ .. إنه استحق بالكتاب والسنة حدا عن كل امرأة من النساء اللواتي شملهن قذفه ولن تكفيه فيها سنوات عمره المتبقية لإتمامه عدا وعددا ليكفر عن جرمه ويتوب الى ربه ...؟؟؟وكيف به يعمل تجاه الاساءات التي طالت عائلات ستصل الى مئات الآلاف بعدد الازواج والأبناء والأحفاد والأخوال والأعمام والأصهار و.....إن الموضوع أكبر من اتهام. إن فيه استهتارا بحقوق الناس وعزتهم وشرفهم ...ولإبراز خطورة الموضوع نسوق على سبيل التذكير قصة حادثة الإفك كما روتها أمنا عائشة لعل من أخطأ يتعظ ويعتبر ويتوب الى الذي سنحتكم إليه اجمعين غدا يوم القيامة حتى لا يسري عليه حديث المفلس الذي سنختم به هذه المقالة. حادثة الإفْك «...عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرَعَ بين نسائه ، فأيّتهن خرج سهمها خرج بها معه . فلما كان غزوة بني المُصطلِق أقرع بين نسائه كما كان يصنع فخرج سهمي عليهن معه ، فخرج بي رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان النساء إذ ذاك إنما يأكلن العُلَق ( قدر ما يمسك الرّمَق) لم يُهيّجهنّ اللحم ( غير سمينات ) فيثقلن ، وكنت إذا رُحّل لي بعيري جلست في هودجي ، ثم يأتي القوم الذين كانوا يُرَحِّلون لي فيحملونني ويأخذون بأسفل الهودج ، فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير فيشدّون حباله ، ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون بي . فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره وجّه قافلا ، حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل ، ثم أذن مؤذن في الناس بالرحيل ، فارتحل الناس ، وخرجت لبعض حاجتي وفي عنقي عِقدٌ لي فيه جَزْع ظفار ( خرز يماني ) فلما فرغت انسلّ من عنقي ولا أدري . فلما رجعت إلى الرّحْل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده وقد أخذ الناس في الرحيل فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه فالتمسته حتى وجدته ، وجاء القوم خِلافي ، الذين كانوا يُرحِّلون لي البعير ، وقد كانوا فرغوا من رَحْلته ، فأخذوا الهودج وهم يظنون أنّي فيه كما كنت أصنع ، فاحتملوه فشدّوه على البعير ولم يشكّوا أني فيه ، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به . فرجعت إلى المعسكر وما فيه من داع ( أحَد ) ولا مجيب ، قد انطلق الناس ، فتلفّفت بجلبابي ، ثم اضطجعت في مكاني ، وعرفت أن لو افتُقِدت لرجع الناس إليّ . فو الله إني لمضطجعة إذ مرّ بي صفوان بن المُعَطِّل السّلمي ، وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجاته، فلم يَبت مع الناس ، فرأى سوادي ، فأقبل حتى وقف عليّ وقد كان يراني قبل أن يُضرب علينا الحجاب فلما رآني قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأنا متلففة في ثيابي . ثم قال : ما خلّفَكِ يرحمك الله ؟ فما كلّمته !! . ثم قرّب إليّ البعير فقال : اركبي . فاستأخر عني وركبت ، وأخذ برأس البعير فانطلق سريعًا يطلب الناس ، فوالله ما أدركنا الناس وما افتُقِدت حتى أصبحت ، ونزل الناس ، فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي . فقالوا أهل الإفك ما قالوا ، فارتعج ( اضطرب ) العسكر ، ووالله ما أعلم بشيء من ذلك . ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت ( مرضت ) شكوى شديدة لا يَبلغني من ذلك شيء ، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبَويّ لا يذكرون لي منه قليلا ولا كثيرا ، إلا أني قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض لطفه بي ، كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي ، فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك ، فأنكرت ذلك منه . كان إذا دخل عليّ وعندي أمي تمَرّضني ، قال : « كيف تيكم» (أسلوب مخاطبة يدل على لطف من حيث هو سؤال ، وعلى نوع جفاء لأنه اسم إشارة) لا يزيد على ذلك . حتى وجدت في نفسي حين رأيت ما رأيت من جفائه لي . فقلت : يا رسول الله لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرّضتني . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا عليك « . فانقلبت إلى أمي ، ولا عِلم لي بشيء مما كان ، حتى نَقِهْت ( برئت قليلا من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة). وكُنّا قوما عَرَبًا لا نتخذ في بيوتنا هذه الكُنُف ( دورات المياه ) التي تتخذها الأعاجم نعافها ونكرهها ، إنما كُنّا نخرج في فُسَح ( صحراء )المدينة ، وكانت النساء يخرجن كل ليلة في حوائجهن . فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مِسْطح ( مسطح لقب واسمه عوف ) ابنة أبي رُهْم بن المطلب . فوالله إنها لتمشي معي إذ عثرت في مرطها ( ثوبها ) . فقالت : تعِسَ مِسْطح ( هلك ) . قلت : بئس لعمر الله ما قلت لرجل من المهاجرين وقد شهد بدرًا !!! . قالت : أوَمَا بلغك الخبر يا بنت أبي بكر ؟ قلت : وما الخبر ؟ فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك . قلت : أوَكان هذا ؟ قالت : نعم والله لقد كان . فوالله ما قدرت على أن أقضي حاجتي ورجعت ، فوالله ما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي . فقلت لأمي : يغفر الله لك ! تحدّث الناس بما تحدثوا به ، ولا تذكرين لي من ذلك شيء . قالت : أي بُنيّة ، خففي عليك الشأن ، فوالله لقلّما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها لها ضرائر ( امرأة زوجها ) إلا كثّرْنَ وكثّرَ الناس عليها . ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فخطب في الناس ولا أعلم بذلك فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : « أيها الناس ، ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق ، والله ما علمت منهم إلا خيرًا ، ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيرًا ، ولا يدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي « . فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المقالة قال أسَيْد بن حُضَيْر رضي الله عنه : يا رسول الله إن يكونوا من الأوس نَكْفِكَهُم ، وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمُرْنا بأمرك ، فوالله إنهم لأهل أن تُضرب أعناقهم . فقام سعد بن عبادة وكان قبل ذلك يُرَى رجلا صالحا فقال : كذبت لعمر الله ما تُضرب أعناقهم ، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك عرفت أنهم من الخزرج ، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا . فقال أسَيْد بن حُضَيْر : كذبت لعمر الله ولكنك منافق تجادل عن المنافقين . وتساور الناس ( قام بعضهم إلى بعض ) حتى كاد يكون بين الحيّيْن من الأوس والخزرج شر. وكان كِبْرُ ذلك عند عبدالله بن أبي سلول في رجال من الخزرج مع الذي قال مسطح وحَمْنة بنت جحش ، وذلك أن أختها زينب بنت جحش كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم تكن امرأة من نسائه تُناصيني ( تنازعني وتُباريني ) في المنزلة عنده غيرها . فأمّا زينب فعصمها الله بدينها فلم تقُلْ إلا خيرًا، وأما حمنة فأشاعت من ذلك ما أشاعت تضادّني لأختها ، فشقِيَتْ بذلك . ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليّ ، فدعا علي بن أبي طالب ، وأسامة بن زيد فاستشارهما . فأما أسامة فأثنى خيرًا وقاله ثم قال : يا رسول الله أهلك وما نعلم منهم إلا خيرًا ، وهذا الكذب والباطل . وأما علي بن أبي طالب فإنه قال : يا رسول الله إن النساء لكثير ، وإنك لقادر على أن تستخلف ، وسَل ِ الجارية فإنها ستصْدُقُك ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة يسألها ، فقام إليها علي رضي الله عنه فضربها ضربًا شديدًا ويقول : إصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت الجارية : والله ما أعلم إلا خيرًا ، وما كنت أعيب على عائشة شيئا إلا أني كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه فتنام عنه ، فتأتي الشاة فتأكله !! . ثم دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أبواي ، وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي ، فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : «يا عائشة ، إنه قد كان ما بلغك من قول الناس ، فاتّقي الله ، وإن كنت قارفت ( قاربت ودانيت ) سوءًا مما يقول الناس فتوبي إلى الله ، فإن الله يقبل التوبة عن عباده « . فوالله إن هو إلا أن قال لي ذلك فقَلَصَ دمعي ( ارتفع وذهب ) حتى ما أحس منه شيئا ، وانتظرت أبويّ أن يُجيبا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتكلما . فلما لم أرَ أبوي يتكلمان قلت لهما : ألا تجيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالا : والله ما ندري بما نجيبه . ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر رضي الله عنه في تلك الأيام ، فلما استعجما عليّ ( سَكَتَا ) استعبرت فبكيت ثم قلت : والله لا أتوب إلى الله مما ذكرتَ أبدًا ، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس والله يعلم أني منه بريئة لأقولنّ ما لم يكن ، ولئن أنكرت ما يقولون لا تصدّقونني . ثم التمست اسم يعقوب عليه السلام فلم أذكره . فقلت : ولكن سأقول كما قال أبو يوسف !!!! { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } . فوالله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشّاه من الله ما كان يتغشّاه ، فسُجِّيَ بثوبه ( غُطِّيَ ) ووضِعَت وسادة من أدم ( جلد ) تحت رأسه ، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت فوالله ما فزعت وما باليت ، قد عرفت أنّي بريئة ، وأن الله غير ظالمي .، وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده ما سُرّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجنّ أنفسهما فرَقا ( خوفًا ) من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس . ثم سُرّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وإنه ليتحدّر ( ينزل ويقطر ) من وجهه مثل الجُمان في يوم شاتٍ ، فجعل يمسح العرق عن وجهه ويقول : « أبشري يا عائشة ! قد أنزل الله عزّ وجلّ براءتك « . قلتُ : الحمد لله . وأيْمُ الله لأنا كنت أحقرَ في نفسي وأصغر شأنًا من أن يُنزل الله فِيّ قرآنا يُقرأ به ويُصلّى به ، ولكني كنت أرجو أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه شيئا يُكذب الله به عني ، لِمَا يعلم من براءتي ، ويخبر خبرا ، وأما قرآنا يُنزل فيّ فوالله لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك . ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم ما أنزل الله عَزّ وجَلّ من القرآن في ذلك .......: « إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ . لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ . لَوْلاَ جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ . وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ . إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ . وَلَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ . يَعِظُكُمُ اللهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ . وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآَيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ . وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )) (النور: 11-20). ثم أمر بمسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت ، وحمنة بنت جحش وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضُربوا حدّهم ...أخرجه البخاري ومسلم، وأبوداود ، والترمذي . القاذف : «ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا « ولقد أورد الفقهاء أن من قذف ميتا ولو كان كافرا، جاز لأبنائه المطالبة بحقهم الشرعي وفي هذا قال صلى الله عليه وسلم « أنبئهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين « ولقد تعامل الإسلام مع ألسنة السوء التي تطال أعراض الأبرياء بالعيب والتجريح والاهانات لأن من يتطاول على عباد الله بما يغضب الله يستحق منه غضبه وعقوبته ، فوضع ثلاث عقوبات: -الأولى بدنية: حيث جعل عقوبة القذف ثمانين جلدة الثانية أدبية معنوية : برفض اقواله وشهاداته وعدم الاعتداد بها مطلقا في ما قل أو كثر، وفي كل ما يتطلب شهادة قال تعالى: (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا( (النور) الثالثة دينية: حيث إنه وصفه الله بأنه فاسق خارج عن طاعة الله، وكفى بذلك عقوبة إلهية. وقد اعتبر الإسلام قذف المحصنات إجمالا من الكبائر التي يترتب عنها سخط الله وعذابه، وتوعد المرتكبين لهذا المنكر بالعذاب الشديد في الدنيا والآخرة وفي هذا قال جلّ وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [ النور : 23 ] . إن هدف الإسلام من هاته العقوبات هو صيانة الأعراض، وحماية الناس من مقالات السوء؛ بإسكات وتعطيل ألسنة المتطاولين بالبهتان . وورد عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.« ونختم كما أشرنا بحديث المفلس . روى الإمام أحمد في مسنده بإسناده فقال : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ،عَنْ زُهَيْرٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ . قَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، فَيُقْعَدُ ، فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ»، رواه مسلم ، والترمذي .