ظلت مسألة الصراع من أجل حداثة المجتمع والنهوض به من براثن التخلف والسير وراء المشيخة الملتحية الرجعية المتطرفة التي توكل نفسها حماة المعبد وحماة دين، قائمة. وكم من لحية طالت على ذقن جاهل لا تختبئ وراءها إلا الحماقة والجهل، وها نحن اليوم نفاجأ بوسائل الاتصال الحديثة تزف لنا شريط فيديو يتضمن كلاما أشد خطورة من أي فعل جرمي، فيه كلام لمسمى «الشيخ» عبد الحميد أبو النعيم، وأي نعيم هذا يكفر فيه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وكل ورموزه وقادته، وإباحة القتل لمن ينعتهم «بالزندقة والكفر» بدعوى النهي عن المنكر والأمر بالمعروف، في هجوم انتحاري رمزي على ما جاء في كلمة الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي أثناء افتتاح المؤتمر السابع للنساء الاتحاديات حول نبذ الميز والعنف ضد النساء، وفتح النقاش حول مواضيع تعدد الزوجات والمساواة في الإرث والإجهاض. قد نختلف حول الظرفية في إطلاق هذا النقاش وقد نرجح كفة الحسابات السياسية العقلانية، لكن إذا كان موقف الاتحاد الاشتراكي من هذه القضايا الحساسة سيكون الشرارة التي أحرقت الشجرة التي تخفي غابة المسكوت عنه، من قيم التطرف والأفكار التكفيرية التي تهدد وحدة المجتمع المعتدل والمتسامح، فهي مطلوبة الآن ولابد من ضخ جرعات إضافية في هذا النقاش حتى نخرج الخفافيش من الكهوف ونخرج من ينخر عقول الشباب إلى العلن، لأن مثل هؤلاء لا نراهم لكن استفزازهم الفكري سيبرز جهالتهم للدين الإسلامي السمح. إن الدلالات والمعاني التي يمكن فهمها من هذا الشريط المصور تعكس أن المغرب مهدد فعلا من التنظيمات المشيخة التكفيرية، فهذا الشيخ التكفيري لابد أن له شبابا وأناسا بسطاء مريدين يشكلون قنبلة بشرية مستعدة للانفجار في أي لحظة يعطي فيه الشيخ إشارة إلى الجهاد للنهي عن المنكر». وفي هذا السياق الإقليمي الذي يصدر فيه التكفيريون الشباب للقتال في كل من العراقوسوريا..، لا يمكن الفصل فيه بين كلام «الشيخ» ،وما جاء في التقرير الأخير للأعداد الكبيرة من المغاربة الذين يقاتلون في سوريا، فهؤلاء الشباب هم من ثمار هذا الشيخ التكفيري الذي دنس عقولهم بأفكاره المتطرفة والملففة بجمالية الفوز بالحور العين في الجنة، وتمتع بلذة الجنسية أكثر منها في دنيا، أصبح لا يخفى على احد أن هذا الأخطبوط التكفيري منغرس في بيئة يصعب استئصاله منها لشروط موضوعية يعرفها الجميع.