اشتعلت مرة أخرى وللشهر الخامس على التوالي أسعار الإنتاج الصناعي في المغرب بشكل يزيد من تعميق الأزمة التي تتخبط فيها العديد من الصناعات التحويلية، وخصوصا في الصناعات الغذائية وصناعات النسيج والصناعات التكريرية بفعل ارتفاع تكاليف الانتاج أساسا، وهو ما بات يهدد العشرات من المقاولات العاملة في هذه القطاعات بالإفلاس، والتي أصبحت تعيش أوضاعا حرجة تجاه الأبناك والممونين. وأكدت آخر احصائيات المندوبية السامية للتخطيط أن تكاليف الانتاج الصناعي عرفت في غشت الماضي ارتفاعا ب 0,9 %في قطاع «الصناعات التحويلية»، يعود بالخصوص إلى ارتفاع الأسعار في قطاع «تكرير البترول» ب %2,2 وفي «الصناعات الغذائية» ب %0,6 وفي «صناعة النسيج» ب %0,6 وإلى انخفاضها في «تحويل المواد المعدنية» ب %0,2 وفي « صناعة المواد المعدنية» ب %0,1 . ارتفاع تكاليف الانتاج الصناعي يرجع في جزء منه إلى غلاء تكاليف الطاقة التي تسببت فيها الزيادة الأولى خلال يونيو 2012 التي أقرتها الحكومة في سعر الفيول الموجه للقطاع الصناعي، والتي فاقت حينها 988.04 درهم للطن، بالإضافة إلى زيادة 1 درهم في سعر اللتر من الغازوال والذي تعتمد عليه هو الآخر الكثير من الصناعات، وهو ما أثر سلبا على تنافسيتها التي تضررت أصلا بسبب تداعيات الأزمة العالمية و ركود الأسواق الأوربية وانخفاض الطلب على المنتوج الصناعي المغربي .. وبدل أن تسارع حكومة بن كيران إلى رفع حجم الدعم الموجه لمجموعة من القطاعات الانتاجية ، والصناعية خصوصا ، للرفع من تنافسيتها وضمان مساهمتها في نمو الناتج المحلي الاجمالي والحفاظ بالتالي على آلاف مناصب الشغل التي تؤمنها ، عمدت الحكومة على العكس من ذلك إلى محاولة الإجهاز على هذه الصناعات بزيادة ثانية في سعر الفيول الصناعي والغازوال التي أقرتها أواسط شتنبر الماضي ، حيث بلغت الزيادة الثانية 0.69 درهم بالنسبة للغازوال (8,84 درهم للتر)، و 662.88 درهم في الفيول الصناعي ( 5.328,92 درهم للطن )، أي أنه في ظرف أقل من سنة ونصف عرف سعر الفيول زيادة فاقت 1651 درهما للطن كما بلغ مجموع الزيادتين في سعر الغازوال 1.69 درهما، وهو ما يعني أن ارتفاع تكاليف الانتاج الذي تتحدث عنه المندوبية السامية للتخطيط سيزيد استفحالا خلال الشهور المقبلة مع ما يعنيه ذلك أيضا من تكريس لتباطؤ نمو القطاع غير الفلاحي، وضمنه الصناعات وقطاع الخدمات والأشغال العمومية الذي سيسجل هذه السنة أدنى مستوى له منذ عقد من الزمن، ليظل القطاع الصناعي الذي يمثل 12 % من الناتج المحلي الإجمالي والذي يعد المفتاح الحقيقي لأية عودة محتملة للنمو الاقتصادي ، بعيدا عن تحقيق أية نتائج مشجعة .