يذهب المفكر الفرنسي إدغار موران في كتابه «نجوم السينما» الذي ترجمه إلى العربية الناقد السينمائي المعروف ابراهيم العريس، إلى أن ظاهرة خلق النجوم هي مسألة أساسية في المجال الفني حيث يساهم هذا النجم في إنجاح الأعمال الفنية التي يشارك فيه والتي في الغالب تصبح مرتبطة به أكثر من ارتباطها بغيره. هكذا يتحول النجم في نظر الجمهور إلى أسطورة حية. وهو أمر يلبي حاجة إنسانية وجودية لدى الإنسان تدفعه إلى البحث عن هؤلاء النجوم والتماهي معهم. «فالنجوم كائنات تنتسب إلى البشري والرمزي في آن، وتشبه في بعض سماتها أبطال الأساطير أو آلهة الأولمب، مستثيرة نوعاً من العبادة، بل نوعاً من الدين»، كما يقول إدغار موران. هكذا وعلى هذا المنوال أو قريبا منه مع وجود اختلافات كثيرة طبعا ومع مراعاة الفارق بين كل من السينما والتلفزيون، نجد أن هذا الأخير قد استطاع خلق نجومه هو الآخر. وهذا قد حدث في كل تلفزيونات العالم، الغربية منها والعربية أيضا... لما للنجم من أهمية في جلب الجمهور والدفع به إلى مشاهدة الأفلام التلفزيونية التي يشارك فيها. بالنسبة الى التلفزيون المغربي نجد أنه هو الآخر قد ساهم في خلق نجوم تلفزيونيين أصبح لهم حضور قوي ضمن المسلسلات التلفزيونية التي تقدم على شاشاته. وهم نجوم ارتبطوا في الغالب بالمجال الفكاهي لما لهذا المجال من انتشار لدى عامة الناس. وهكذا تعرّف الجمهور المغربي إلى أسماء تلفزيونية مثل محمد الجم وسعيد الناصري وعبدالخالق فهيد ومحمد الخياري ومحمد بصطاوي ... وسواهم. وهي أسماء تألقت في بعض «السيتكومات» التي كانت تقدم ضمن برامج شهر رمضان حيث تكثر متابعة الإنتاجات التلفزيونية المغربية. في بعض الحالات، سرعان ما يصنع النجم التلفزيوني انطلاقا من قدرته الخاصة على جذب أنظار الجمهور إليه. حدث هذا الأمر مع الفنان كمال كاظيمي الذي جسد ببراعة كبيرة شخصية «حديدان» في السلسة التلفزيونية التي حملت اسمه والتي قامت بإخراجها المخرجة فاطمة بوبكدي، حيث تحول هذا الفنان إلى نجم تلفزيوني بامتياز، وأصبح الجمهور المغربي يسعى الى مشاهدة الأعمال التلفزيونية التي يشارك فيها. وقد حدث الأمر نفسه في السابق مع الفنانة سناء عكرود حين جسدت دور «الذويبة» في فيلم تلفزيوني حمل العنوان نفسه. وقبله في السلسلة التلفزيونية التي حملت عنوان «رمانة وبرطال». ونلاحظ من ناحية أخرى أن بعض نجوم السينما المغربية حين جاؤوا إلى التلفزيون، جاؤوا بثقل نجوميتهم هذه. كما هو الشأن مع كل من محمد مجد ومنى فتو ورشيد الوالي وسناء موزيان ومحمد خيي وإدريس الروخ على سبيل المثال. وفي الآونة الأخيرة، لاحظنا كيف ان مسلسلا تلفزيونيا مغربيا عرف هو الآخر كيف يحوّل المشاركين فيه، خصوصا النساء منهم، إلى نجوم تلفزيونية أو ضاعف من هذه النجومية وجعلها أكثر امتداداً لدى كل المشاهدين. ونعني بهذا مسلسل »بنات لالة منانة«، الذي قدم لنا في جزئه الثاني نجمة تلفزيونية جديدة تألقت برفقة النجمات السابقات، وهن: السعدية أزكون وسامية أقريو ونورا الصقلي والسعدية لديب إضافة إلى نادية علمي وهند السعديدي... هذه الفنانة هي مريم الزعيمي التي تألقت بشكل لافت وهي تجسد دور »جميلة«، حيث جمعت فيه بين قوة التقمص في الأداء وفنية التأثير. يبقى أن نشير في النهاية إلى الدور الكبير والفعال الذي تقوم به الصحافة الفنية وهي تنتبه إلى هؤلاء الفنانين المجيدين، والإشادة بهم وبأعمالهم، وتسليط الأضواء عليهم. فللصحافة الفنية دور مهم في المساهمة في صناعة النجوم وفي عملية اكتشافهم.s