مع نهاية فصل الصيف وعودة ملايين التلاميذ إلى المدارس, تقبل حكومة السيد عبد الإله بنكيران على أول دخول سياسي لها بأجندة زاخرة وبملفات شائكة يتعين معالجتها. و بالفعل, يواجه الفريق الحكومي للسيد بنكيران تحديات مختلفة تهم على الخصوص قانون المالية لسنة 2013 وإصلاح صندوق المقاصة وأنظمة التقاعد وورش الجهوية المتقدمة, والانتخابات الجماعية والمهنية. في هذا السياق, عقدت هيأة رئاسة التحالف الحكومي في السابع من الشهر الجاري, اجتماعا لتدارس الإجراءات العاجلة التي ستتخذها الحكومة بمناسبة هذا الدخول, وأيضا في ما يتعلق بإعداد مشروع قانون المالية للسنة المقبلة, لاسيما في ظل ظرفية اقتصادية دولية تتميز بأزمة خلفت انعكاسات من قبيل ارتفاع أسعار المواد الأساسية. وأكد المشاركون في هذا الاجتماع, على ضرورة التحكم في عجز الميزانية, وميزان الأداءات وذلك بالموازاة مع تشجيع الشغل والاستثمار المنتج. في السياق ذاته, ووعيا منه بأن قانون المالية المقبل سيشكل أحد الملفات التي سيتمحور حولها العمل الحكومي في هذه الفترة, شدد السيد بنكيران في رسائل مؤطرة للميزانية, وجهها في متم شهر غشت المنصرم لمختلف القطاعات الوزارية, على ضرورة القيام بتدبير يقظ للدين, مشيرا إلى أن الإعداد لقانون المالية لسنة 2013 يجري في سياق صعب. ووصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس السويسي, عبد العزيز كراكي, هذا الدخول السياسي الأول للحكومة بالصعب, مؤكدا بهذا الخصوص أن الحكومة مدعوة في مرحلة أولى إلى إعداد مجموعة من القوانين التنظيمية التي تتعلق بتفعيل مقتضيات الدستور الجديد,لاسيما في ما يتعلق بالجهوية المتقدمة. وأضاف " في وضع مقلق خلفه سياق اقتصادي عالمي غير ملائم وموسم فلاحي صعب بسبب الجفاف وانخفاض مداخيل المغاربة المقيمين بالخارج, تنكب الحكومة على إعداد قانون المالية لسنة 2013" محذرا من لجوء الحكومة إلى الاعتماد على الضرائب من أجل حل هذه الصعوبات. وأوضح أن من شأن القيام بإجراء مماثل التأثير سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين, داعيا الحكومة إلى البحث عن مداخيل جديدة على الخصوص عبر تنظيم الاقتصاد غير المهيكل الذي لا زال منتشرا. ومن بين التحديات الأخرى التي تطرح نفسها على التحالف الحكومي الذي لا يزال متماسكا, حسب السيد كراكي, إعداد الانتخابات الجماعية المقبلة وانتخابات الغرف المهنية, المؤجلة بسبب إكراهات تنظيمية وقانونية, مرتبطة بإعداد نصوص تنظيمية متعلقة بالجهوية المتقدمة. في المقابل, اعتبر السيد بحبوحي طاهر, أستاذ العلوم السياسية في كلية الحقوق أكدال بالرباط, بأنه "من وجهة نظر أكاديمية صرفة, وبغض النظر عن التحديات المتعددة التي تطرح نفسها, فإن الدخول السياسي الجديد يبقى عاديا ولا يحمل أية خصوصية" موضحا أن "الولاية الحكومية تمتد لخمس سنوات وهي فترة كافية لتلبية انتظارات المواطنين". وأضاف أن "إعداد القوانين التنظيمية المتعلقة بتفعيل مقتضيات الدستور الجديد تعد أولوية في الأجندة الحكومية بمناسبة دخولها السياسي الأول" مؤكدا أن السيد بنكيران مدعو أيضا إلى "تسريع عمله في المجال الاجتماعي الذي يظل أيضا ذا أولوية بالنسبة للمواطن". وأوضح أن الحكومة مدعوة إلى تركيز عملها حول المشاكل الاجتماعية التي يواجهها المواطنون, لاسيما في مجالات الصحة والسكن والتشغيل والعلاقة مع الإدارة. ويمكن القول إن الدخول السياسي انطلق بالفعل بإشارات إيجابية, حيث عقد السيد بنكيران, في إطار مأسسة الحوار الاجتماعي وفق مقاربة تشاركية تضم الحكومة والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية, اجتماعات مع الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل, كما تدارس مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب عددا من القضايا المرتبطة بتحسين مناخ الأعمال ودعم تنافسية المقاولات الوطنية.