سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بشمال العرائش على ضفتي المحيط الاطلسي و وادي لوكوس .. ساكنة جماعة الساحل تتابع عن قرب انجازات مدبري شأنها المحلي و محمد حماني رئيس مجلسها يعد باستكمال مخططه التنموي قبل نهاية الولاية
اختار النائب البرلماني الاشتراكي محمد حماني أن يقضي عطلته البرلمانية في الانشغال بتنفيذ البرنامج الذي وضعه لجماعة الساحل بعد اقتراع 12 يونيو 2009 الذي بوأ الاتحاد الاشتراكي مركز التدبير المحلي... تدبير يسوده الانسجام بقناعة الشركاء الحزبين أن الاشتراكي محمد حماني وضع استراتيجية محلية منفتحة على أفق مستقبلي بجعل الجماعة موطن الحدث والتفاعل والاستفادة من أجل تنمية محلية اجتماعية وثقافية لساكنة تقدر ب 16000 نسمة في مجال ترابي يتموقع بشمال العرائش على هضبة ذات تربة رملية طينية مشكلة أساسا من مجموعة من التلال الصغيرة التي تشرف على المحيط الأطلسي الذي يبعد عن المركز غربا بحوالي 7 كلم. وبسؤال القرب من الساكنة، تسلحنا بجملنا المهوسة بحياة المواطن البسيط، وإن حطينا الرحال بجماعة الساحل، فإن جماعات أخرى محيطة كانت تثير فينا سؤال المتابعة عن قرب لهؤلاء الذين اختاروا صراحة الاحتجاج بمنطق الرفض للاستغلال والتهميش والتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية. لم يفتنا ونحن نقوم بجولتنا في المنطقة أن نقف عند جماعة الزوادة دائرة العوامرة التي تبعد عن مدينة العرائش ب 17 كلم,بعدما عاد الهدوء إلى هذه المنطقة التي شهدت أحداثا شبهت بالمأساوية يوم الخميس 14 يونيو إلى يوم الأحد 17 يونيو 2012، خاصة بدوار اشليحات السحيسحات التابعين لجماعة الزوادة دائرة العوامرة سببه رفض 400 عائلة استغلا ل أرضهم وممتلكاتهم وتفقيرهم من طرف شركة RIVERRA D AROZ التي تكتري 107 هكتارات بثمن 400 درهم للهكتار في وقت تضطر الساكنة إلى الاشتغال كيد عاملة في الشركات الفلاحية التي تستغل الأرض محطة النزاع والمدرجة في الأملاك المخزنية. في الطريق إلى جماعة الساحل قال لنا فلاح صغير من المنطقة والذي توقفنا في طريقنا عند خيمته الصغيرة لشراء بطيخ العوامرة، لكن بهدف السؤال عن أحوال المنطقة مع سبق الإصرار والترصد، قال إن «السكان لن يتنازلوا عن حقهم، ونحن لا نريد الكثير فقط نحن لسنا مغفلين ولسنا حيوانات لنواجه بالعصا والصفع على وجوهنا، نحن فعلا بدو لكن بدو عايقين، فواد لوكوس وجوانبه خيراتنا وعلى الأجانب احترامنا ونحن الأولى باستغلال الأرض فالشركة تزرع آلاف الهكتارات في الجوانب وتأخذ الغلة وتصدر لنا الناموس إلى بيوتنا الصغيرة، وعندما نحتج نضرب أمام مرآى الجميع، نحن نريد الإنصاف والعدل وخصكم تعرفوا بلي الدواوير قتلتهم الحكرة»، قلت للفلاح الصغير ما هو تكوينك قال لي إنه حاصل على الباكلوريا والفلاحة اختياره لأنه يعي جيدا قيمتها في منطقة تحتاج إلى سواعد ساكنتها. ضحك الفلاح وهو يأخذ بطيخة بيد يمنى وسكينا بيد أخرى، قائلا:« أنا كنعرف غندبح» فقلت له «آش دانا للذبيح، فرد علي قائلا: «لا أنا أقصد دبح البطيخ الأصفر، دوقي الحلاوة ديال العوامرة، غير بثلاثة دراهم». وأضاف «واش أنت صحفية» قلت له «نعم، من جريدة الاتحاد الاشتراكي» قال لي: «مزيان عندكم واحد الاتحادي في جماعة الساحل خدام مزيان، صيفطوه لينا راه شي شلاهبيا كذبوا علينا ونهار احتجناهم غبروا حيت في كرشهم العجينة، والله لقفلوا علينا مرة أخرى». كنت فعلا أريد استدراج الفلاح الصغير الذي اختار أن يبيع القليل من البطيخ على الطريق الوطنية المؤدية إلى الساحل، لكن وقوف سيارة أخرى في جانب الطريق جعله يهرع إليها وفي يديه بطيخة مقطعة، والتي أعطى قطعة منها للسائق من أجل التذوق، قائلا «بطيخ العوامرة دوق وما تشريش». أخذت طريقي، متوجهة إلى خميس الساحل هاتفت في الطريق النائب الاشتراكي محمد حماني، قلت له «السيد الرئيس أينك، هل تتمتع بعطلتك البرلمانية بإحدى شواطئ المنطقة، أم أنك بإحدى أجنحة فضاء ليكسوس الجميل» أجابني وهو يضحك «أنا راني مدوز الكونجي مع ساكنة جماعة الساحل»، قلت له أريد أن أراك لاستكمال اللقاء السابق الاستطلاعي لجماعة الساحل، قال لي سأكون بمقر الجماعة بعد ساعتين، لأني ملتزم مع الساكنة لحضور حفل تكريمي لبعض المواطنين بالمنطقة. خميس الساحل في ركاب التنمية في انتظار الرئيس، اخترت أن أركن سيارتي جانبا لأتجول بتراب الجماعة، قادتني رجلي مرة أخرى إلى السوق الجديد الذي أنشأته الجماعة، والذي ناضل محمد حماني من أجل جعله واقعا فوق تراب الساحل، مشيدا أسواره طوبة طوبة ومتتبعا بروز أسواره وفضاءاته التي تؤشر عن خبرة الرجل في طريقة الخروج من الأسواق العشوائية نحو أسواق منظمة ومنتجة لطرق جديدة في العيش تناسب أوضاع البسطاء من تجار صغار وساكنة تحلم بالحد الأدنى في مجال التدبير العمومي من خدمات، في غيابها تسد منافذ الهواء عليهم فلا الشجر يحيا ولا الأرض ولا السماء وحده البعوض يتكاثر هجوما على أجساد البشر. من هذا المنطلق اختار حماني أن يفتح نوافذ وأبواب مكتبه في وجه الساكنة، وكل الكراسي والمكاتب والممرات هي لمواطني الساحل، حتى أنك تجد الرئيس فوق أريكة جانبية لأنه اختار أن يهدي كرسيه لمواطن آتي من الدوار المجاور لمقر الجماعة. هكذا بدا لنا مقر الجماعة فضاء مفتوح ،وفي زاوية صغيرة يظهر مكتب صغير بحائط زجاجي وبداخله كرسي وطاولة صغيرين، وعلى الطاولة ملفات مرتبة بعناية تخص ساكنة المنطقة. جاء الرئيس، واعتذر لتأخره عن الموعد قلت له لا بأس، يروقني فعلا أن تكون بجانب هؤلاء الذين أعطوك أصواتهم بالأمس، ويروقني أكثر أن تفضل هؤلاء البسطاء على صحفية مهما كان المنبر الذي سيدون فيه قلمها تصريحاتك بخصوص المنطقة، لأنه بالنسبة لي العمل ممارسة فعلية على أرض الواقع وليس كلاما فقط. وأنا في مكتب الرئيس كانت هناك خارطة تخص موقع الجماعة والجماعات المجاورة، وفور خروجه من المكتب لمسألة عاجلة تخص أحد ساكنة، وجدت الوقت مناسبا لتصفحها. إنها جماعة تطل على المحيط الأطلسي، ويحدها من الواجهات الأخرى ريصانة الشمالية وريصانة الجنوبية وزوادة والعوامرة والعرائش. وفي المناطق المجاورة هناك مناطق لا تدرج في خارطة المركز، بدأت أتلو وأردد مرات ومرات أسماء الدواوير والجماعات كي أعود مرة أخرى إليها، بفضول مهني أو ربما بإحساس يسكنني آت من طفولة عشتها بفضاءات مهمشة شبيهة. ترددت الفضاءات على لساني وفي ذهني، إنها عياشة، وبني عروس، وبني جرفط، وسوق الطلبة، وسوق القلة، وبجديان، وأولاد أوشيح، وقصر بجير وزعرورة، وتزروت، وتطفت. التفتت إلى الركن الأيسر لمكتب الرئيس كانت هناك نماذج لبعض الصناعات اليدوية التي تخص نساء المنطقة واللواتي قال عنهن حماني إنهن نساء نشيطات، وفي بساطتهن يصنعن مستقبلهن ببعد الرؤية والكثير من التفاني في العمل في البيت والحقول المجاورة، ولا أحد يستطيع أن يقف ضد رغبتهن في تطوير أنفسهن رغم الإمكانات البسيطة، مشيرا إلى وجود امرأتين في جماعة الساحل يؤدين نفس المهام التدبيرية التي يؤديها إخوانهم الرجال. مع عودة محمد حماني إلى مكتبه بدأت أوجه أسئلتي حول جماعة الساحل وطرق تدبيرها واستراتيجة الرئاسة ومهامها إلى غير ذلك من أسئلة التي فضلت أن تكون معرفية وتدبيرية محلية وواقعية في نفس الوقت. قال رئيس جماعة الساحل محمد حماني: «وعيا منا بكون الإدارة الجماعية تحتل موقعا هاما ضمن أوراش الإصلاح، فقد رصدنا مبلغا هاما لوضع برنامج معلوماتي للحالة المدنية وتركيب شبكة المقسم الهاتفي والإنترنت بجميع المصالح الجماعية وتزويد المكاتب بالحواسب وكل الملزمات الخاصة في هذا الاتجاه». وإيمانا منا -يضيف الرئيس- بعمل القرب من الساكنة لتوفير الخدمات فقد قمنا بتزويد مدشرين بالكهرباء وهما مدشر النجارين وعين الغابة اللذان تم اقصاؤهما من البرنامج الشمولي للكهربة القروية، إضافة إلى مشروع كهربة المؤسسات التعليمية. وبخصوص فك الحصار على الساكنة ورفع المعاناة عنهم، فكرت الجماعة منذ الوهلة الأولى بالعمل من أجل تذويب التهميش الذي طال العديد من مناطقها، حيث عملت في أول سابقة في الإقليم على تهييء 36 كيلومترا من المسالك، 18 كلم منها تم تعبيدها بمادة «التوفنة»، إضافة إلى إتمام صيانة المسلك المؤدي إلى دوار السنديين. وكانت هذه التجربة نموذجا لتدبيرات محلية مجاورة. سيلسة الشراكة في تغطية الخصاص وأكد حماني لجريدتنا أنه اعتمد على مبدأ الشراكة في تغطية الخصاص، فيما يخص المشاريع التي لا تسطيع الجماعة تغطية مصاريفها. ومن هذا المنطلق عمد المجلس الجماعي على إسناد التطهير السائل لمركز الجماعة إلى الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء للعرائش، أما فيما يخص الماء الشروب، فقد عقد المجلس اتفاقية شراكة مع الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بنفس المدينة لإنجاز خزان مائي بمركز الجماعة، من أجل تلبية الحاجيات المتزايدة للسكان من هذه المادة الحيوية.إضافة أن هذه الشراكة تمتد إلى الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين محليا ودوليا طبقا للقانون المخصص لذلك. وأضاف ضيف الجريدة على هامش المهمة الاستطلاعية التي قمنا بها للمنطقة، أن هذه التجربة أفرزت إمداد الجماعة بشاحنة لجمع النفايات المنزلية، وسيارة إسعاف والحصول على اعتمادات لتهيئة مسالك تربط مداشر وابداوة اللطايف، والعنصر ودكالة وإتمام مشروع الخزان المائي لتزويد المدشر الجديد بالماء الشروب وكهربة دوار الغابة، كما الحصول ضمن هذه الشراكات على حافلة للنقل المدرسي إضافة إلى إبرام اتفاقيات بخصوص المركب الرياضي وفضاءات ترفيهية للساكنة. وأخرى تهم انشاء مركز الساحل. وبخصوص السوق الأسبوعي قال الرئيس إن رغبة الساكنة المحلية في تشيد سوق جديد يعوض الخصاص المهول الذي يعانيه السوق القديم جعل مجلس الجماعة يسخر كل إمكانياته الذاتية لإخراج هذا المشروع إلى الوجود بمواصفات حديثة فوق مساحة تناهز ثلاثة هكتارات ونصف، لإعطاء دفعة نوعية لهذا المشروع. علما أن المجلس يسعى إلى البحث عن إمكانيات أخرى لتلبية مطالب الساكنة في إنجاز مشروع تجاري ومجمع للصناعة التقليدية. الجماعة ودعم التنمية الاجتماعية وعلى المستوى الاجتماعي واستيعابا منه للدور الذي تلعبه الجماعة في دعم التنمية الاجتماعية، والرقي بالساكنة إلى مستقبل أفضل، يقول البرلماني الاشتراكي ورئيس جماعة الساحل، أن المجلس استحضر هذا الجانب بقوة أثناء إعداد الميزانية وخصص اعتمادات مهمة شملت خدمات القرب لمعوزين وإشراك الجمعيات المحلية في ذلك بدعمها لتقوم بمهامها كاملة في هذا الاتجاه. وإيمانا منها بدور المجتمع المدني، فقد دفعت الجماعة في هذا الاتجاه بتشجيع الساكنة من أجل تأسيس جمعيات تشتغل مع الساكنة عن قرب وتكون رافعة تنموية للمنطقة في إطار عمل تشاركي بين كل الشركاء على تراب الساحل وخارجه. وبناء على هذه الاستراتيجة، يضيف حماني، فإن الجماعة ساهمت في الامتصاص النسبي لمشكل البطالة عبر رصد اعتماد سنوي لتشغيل الأعوان العرضيين. أما فيما يخص الجانب البيئي والوقاية الصحية، فقد بادرت جماعة الساحل -حسب جواب الرئيس- إلى برمجة غلاف مالي هام لاقتناء 30 حاوية من حجم 245 لترا لجمع النفايات الصلبة إضافة إلى ست حاويات من حجم 500 لتر منحتها مجموعة الجماعات المحلية البيئية لفائدة الجماعة لضمان الوقاية الصحية والنظافة وحماية البيئة من التلوث. كما اقتنت الجماعة صهريجا مائيا متحركا ينقاد بواسطة جرار حصلت عليه الجماعة عن طريق هبة من أحد المستثمرين يستخدم لري المساحات الخضراء وأغراض أخرى. وبعد الانتهاء من توجيه الأسئلة إلى ضيفنا طلبنا من الرئيس أن نقف عن قرب عند هذه الإنجازات وافق الرئيس، لنقف معه عند لحظات الفرح والابتسامة التي كانت تعلو محيا الكثيرين ممن أتيحت لنا فرصة لقائهم كما لاحظنا عقد الثقة موشوما على الأيادي التي مدت إلينا للسلام صحبة رئيسهم المحلي الذي بدا منتشيا بفرح أهله وكأنه طفل ولدته الجماعة يريد أن يرضي أبويه ويعتبر ما قدمه قليل في حقهم. فعلا لحظة مسؤولية تدبيرية ناتجة عن تعاقد انتخابي، لكنها مسؤولية مختلفة في جماعة الساحل حيث تمتزج عواطف الساكنة بالشخص وتدرك وأنت تنجز استطلاعك أن هم هؤلاء ليس شعارا أو يافطة تكتب بالبنط العريض، بل همهم أن تكون وفيا للحظة التي جئت فيها إليهم طالبا صوتهم لحزبك أو لشخصك أو لقناعات في ذهنك. هو إذا استطلاع خضناه بسؤال المرحلة في التدبير المحلي ووجود رؤية من أجل تنمية محلية مواجهة للتحديات، تقف صفا إلى صف طموح المغرب في تحقيق الجهوية الموسعة. وهو تدبير يشكل نواته المواطن بمخطط يستدعي كل العناصر المصاحبة في بنية تعي حجم التدبير المحلي وراهنيته الممثلة في تحقيق الحكامة الجيدة، باعتبارها من أهم الضروريات لإنجاح المشاريع التنموية، في سيادة جو تسوده الشفافية والمسؤولية ودولة الحق والقانون والمشاركة واللامركزية والتنسيق بين كل المتدخلين. وهذا ما لاحظنا بوادره بالفعل في جماعة الساحل.