مايزال عمال «فندق تادارت» بميدلت يواصلون اعتصامهم المفتوح، منذ ما قبل حلول شهر رمضان المبارك، دونما أي حل أو حوار مسؤول يمكنه إنهاء هذه الأزمة الانسانية التي لم يتوان الرأي العام عن متابعة فصولها بكثير من الاهتمام والقلق، ولم يفت عدة نقابيين من ميدلت وإيتزر وآيت عياش وإفران، وفعاليات جمعوية محلية، مشاركة المعتصمين، خلال الأيام الأخيرة، في إفطار جماعي، بعد آذان المغرب، أمام الفندق المذكور، في إشارة واضحة لدعم وتضامن الجميع مع العاملات والعمال الصامدين في معركتهم النضالية التي حاولت بعض التدخلات المشبوهة تكسيرها بهدف ثني العمال عن التمسك بمطالبهم. وفي هذا الصدد عبر بيان نقابي، حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منه، عن استنكاره الشديد ل«تعنت المشغل ونهجه أساليب التهديد في حق العمال والعاملات وممثليهم»، ول«سلوك هذا المشغل المتمثل في رفضه لأي حوار مع العمال والعاملات»، كما شدد ذات البيان على ضرورة «تسوية وضعية هؤلاء العمال وتلبية كافة مطالبهم العادلة والمشروعة»، مع «احترام الحقوق النقابية بالإقليم وفي مقدمتها الحق في الاضراب كحق دستوري»، وقد كشف مصدر نقابي عن استعدادات جارية لخوض وقفة احتجاجية جماهيرية أمام مفتشية الشغل وعمالة الإقليم خلال الأيام القليلة المقبلة. ويشار إلى أن عناصر من الدرك الملكي كانت قد انتقلت ل«فندق تادارت» بميدلت، والذي تعود ملكيته للبرلماني رئيس المجلس البلدي بميدلت، حيث أقدمت ب«تعليمات مبالغ فيها» على التدخل في الاعتصام الذي يخوضه عمال وعاملات مطابخ الفندق، وفي انتهاك سافر لحق الانسان في الاحتجاج والإضراب والتظاهر السلمي، حيث تم اعتقال المعتصمين واقتيادهم للاستنطاق والمحاكمة، رفقة مسؤول من نقابة الاتحاد المغربي للشغل، ولم يجد المتتبعون أدنى تفسير لهذا التدخل القمعي الذي تم تنفيذه بتلك الصورة المنحازة والمرضية في كل تجلياتها لصاحب الفندق الذي يتمتع بنفوذ كبير في السلطة والمال، ذلك قبل الإفراج عن المعتصمين على أساس تقديمهم، في حالة سراح، أمام النيابة العامة يوم الأربعاء فاتح غشت الجاري، هذه التي استمعت لأقوالهم قبل إخلاء سبيلهم. فرع ميدلت للجمعية المغربية لحقوق الإنسان كان قد دخل على الخط، وتقدم لدى قيادة الدرك للاستفسار حول ملابسات الموضوع، حيث اكتفى رئيس مركز الدرك، حسب مصادر من الجمعية، بما يفيد «أن الأمر لا يتعلق باعتقال، بل بإحضار المعتصمين لأجل الاستماع إليهم بخصوص الشكاية التي تقدم بها ضدهم صاحب الفندق، ويتهمهم فيها بعرقلة العمل»، الأمر الذي حمل الجمعية المغربية لحقوق الانسان، في بلاغ أولي لها، إلى التعبير عن قلقها الشديد إزاء ما وصفته ب «ضعف أداء مفتشية الشغل، وخرق قانون الشغل من قبل المؤسسات الخاصة»، ولم يفت الجمعية التنبيه مرة أخرى إلى مظاهر «الاستغلال البشع الذي يتعرض له العمال والعاملات في القطاع الخاص»، وطالبت من مختلف السلطات الإقليمية ب«التدخل لفرض احترام قانون الشغل على علاته»، وتمتيع المتضررين والمتضررات بكافة حقوقهم المشروعة. وعلى إثر تداعيات قضية العاملات والعمال المعتصمين ب«فندق تادارت» بميدلت، ساد انشغال واسع بهذه القضية وسط العديد من الفاعلين المحليين، ولم تستبعد مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن تكون الأمور مرشحة لمزيد من التطورات، خاصة أمام استناد صاحب الفندق للخيار الأمني في حل احتجاجات عماله، وهؤلاء يصرون على المضي قدما في تصعيدهم ما لم يترجم «الباطرون» حقوقهم على أرض الواقع، مع اعتبار المعركة هي معركة الطبقة العاملة وكل النقابيين والحقوقيين، إذ أجمع الجميع على التنديد باعتقال المعتصمين وبالتصرفات الخطيرة التي أقدم عليها صاحب الفندق من خلال انتهاكه لمبدأ الحوار بلغة القمع في خرق سافر للمواثيق الدولية ومضامين الدستور الجديد. ويذكر أن عددا من عمال وعاملات «فندق تادارت» بميدلت، قد دخلوا في اعتصام احتجاجي من أجل إثارة انتباه الرأي العام المحلي والوطني حيال ما يتخبطون فيه من أوضاع مزرية ومهينة، منها تهرب صاحب الفندق من ترجمة حقهم في التسجيل لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، علما بوجود من يشتغل بالفندق منذ افتتاح أبوابه خلال مارس 2010، إلى جانب عدم تمتيعهم بحقهم في الحد الأدنى للأجور، فضلا عن إجبار غالبيتهم على عطل غير مؤدى عنها، كما يشكو المحتجون من مظاهر تعريضهم لمختلف الألفاظ الحاطة من الكرامة، والمعاملات اللاإنسانية، وأساليب الإهانة والتهديد المستمر بالطرد لكل المطالبين بحقوقهم المشروعة، والحرمان من التعويض عن الساعات الاضافية، وطريقة تنقلاتهم بواسطة سيارة لنقل الخضر والأغراض الخاصة بالفندق في مشاهد مهينة، وقد سجل عن مسؤول من مفتشية الشغل انتقاله للمعتصم حيث استمع للمحتجين دون أن يتوصل أي متتبع لحدود ما استطاعت هذه المفتشية إليه سبيلا وما قامت به من إجراءات. وصرحت زينب السبتاوية أن ملفها لم ينفض عنه الغبار لحد الآن منذ أن تقدمت في العاشر من نونبر من سنة2009 لدى المفوضية العليا للشرطة بسبتة، وتقول بمرارة، وهي تبكي بحرقة، أن هناك تواطؤات عديدة نسجتها أطراف متعددة ضدها، لتحولها من ضحية إلى متهمة، كما أن القضاء الإسباني مازال لم يفصل في هذه المأساة التي عاشتها ولاتزال تعيش تداعياتها نفسيا واجتماعيا، منها أنها أصبحت مشردة بدون عمل تعيش لوحدها بسبتة، حيث تتكلف عائلتها بإعالتها، تاركة ابنيها تحت رعاية والدتها بالجبل الأسود بالمغرب، ورغم الإغراءات، تقول زينب لطمس هذه الفضيحة، إلا أنها رفضت كل هذه الإغراءات حتى تضع حدا لتحرشات المسؤول الإسباني بالنساء السبتاويات من أصل مغربي أو غيرة، لكن ما أن تم تجريدها من الوثيقة التي كانت بحوزتها حتى انقلب الجميع ضدها بمن فيهم بعض المقربين وأولئك الذين كانوا وراء إقالة بيدرو من جميع مهامه الحزبية وغيرها، وسجلت غياب تضامن المجتمع المدني الإسباني معها خاصة التنظيمات النسائية، متسائلة ماذا لو كان الأمر يتعلق بامراة غير مغربية ومسلمة، وهذا يبين التعامل التمييزي للمسؤولين الإسبان مع مثل هذه القضايا، ولم يبق الأمر عند هذا الحد، كما ترى زينب، بل اتهمتها أوساط أن ما أقدمت عليه كان بتنسيق وتوجيه من المخابرات المغربية، وأن الدولة المغربية منحتها مقابل ذلك فيلا فاخرة وأموالا باهضة، بل تم منحها، كما يزعمون، كريما (ماذونية)، متسائلة «اشنو كتعني كريما» التواطؤات جاءت أيضا من أبناء جلدتها، تقول متحسرة، خاصة أولئك التي سكتهم بالجماعة الإسلامية الذين تنكروا لها واصطفوا إلى جانب المتهم، إذ طالبوها بطي هذا الملف بعدما باعو وشراو فيَّ، تؤكد زينب مع مسؤولي الحكومة المستقلة. ووعدت زينب أن تفضح هذة المؤامرات، وتبين حقيقة هؤلاء المسؤولين بعد أن يقول القضاء الإسباني كلمته، خاصة وأن هؤلاء الإسلاميين يعرفون «معدنها» . واتهمت بعضهم بأنهم كانوا يتاجرون في المخدرات، كما عاثوا فسادا في الكاباريهات، قبل أن يؤسسوا التنظيم الإسلامي. ولم تنس زينب كيف استقبل هؤلاء رئيس الحكومة المستقلة في عيد الاضحى (صلاة العيد)، حيث حرص المسؤولون الإسبان على تقديم التحية إليهم واحدا واحدا في عز تداعيات هذا الملف. وكشفت في حوارها مع جريدة «الاتحاد الاشتراكي» أن الأمن الإسباني انتزع منها هاتفها النقال من جديد منذ أكثر من أربعة أشهر قصد عرضه على الشرطة العلمية، ومازال بحوزتهم. تفاعلات هذه القضية أدخلت زينب إلى مصحة نفسية«لقد تراجعت صحتي، تقول، بشكل كبير وأتابع علاجي لدى أحد الإخصائيين النفسيين، إذ طلب مني عدم تصفح الجرائد التي تتناول قضيتي، وأنا الآن أعيش حالة نفسية سيئة، وأعيش في عطالة مزمنة، مما ضاعف من معاناتي منذ أربع سنوات تقريبا، وتم نصحي بالابتعاد عن المنزل والعمل حتى أخفف من آلامي.. وكشفت إن إحدى الإسبانيات انتدبت لها محاميا من مدريد للدفاع عنها، في الوقت الذي لم تجد المال الكافي لذلك، وقد زارها في محل سكناها بسبتةالمحتلة وأجرى معها لقاء عمل، في حين أكدت أن المحامين بسبتة على اختلافهم، رفضوا الدفاع عنها، وأرجعت ذلك إلى المصالح المشتركة التي تربط البعض مع الحكومة المستقلة. معاناة زينب تتعاظم بعد تجنيد خصومها لبعض المغاربة الذين يضايقونها ويحصون أنفاسها بالليل والنهار، لكن من بين الأشياء التي أكدتها لوالدتها حينما تسرب الخبر عبر الصحافة الإسبانية أنها هي المعنية بالأمر، وسألتها والدتها لماذا فعلت ذلك، لتجيبها زينب أنها تريد الدليل لترفع دعوى قضائية وإعطاء الدرس لهذا المسؤول الإسباني حتى لايعيد الكرة مع أخريات. كما أثارت الاعتداء الذي تعرضت له من طرف رجل أمن إسباني على هذه الخلفية، حيث رفعت دعوى، لكن خسرتها لغياب الشهود. وزادت قائلة إن هناك تمييزا في التعامل بينها وبين المتهم. ففي الوقت، تقول، الذي كنت ألج من أجل هذه القضية من الباب المخصص للعموم، كان المسؤول الإسباني يتم إدخاله من باب آخر.. ووجهت نداءها إلى المسؤولين الإسبان والمغاربة وإلى المجتمع المدني بالدولتين الجارتين،لكي يعملوا من أجل أن يأخذ الملف مساره الحقيقي دون تأثير حتى تعرف الحقيقة كاملة وإ واستعادة كرامتها التي مست نتيجة الإشاعات التي أحيطت بها على اعتبار أنها فضلت عن قناعة التصدي لسلوكات وممارسات هذا المسؤول الإسباني، مجددة نداءها عبر جريدة «الاتحاد الاشتراكي» من أجل العثور على منصب شغل لها بالمغرب لتغادر سبتة في ظل التكالب الذي تتعرض له من أكثر من جهة، حتى يمكن لها الاستقرار النفسي والاجتماعي وإعالة ابنيها الاثنين