عاش أمام ريال مدريد ليلة تتويجه، لكن مانويل نيوير تفاعل بهدوء من يعرف تقلبات الحظ: فقبل أقل من عام، كان حارس مرمى بايرن ميونيخ يمر بأصعب لحظة في مشواره. وكانت ألقاب «عملاق» و«خالد» و«بطل» من بين الأوصاف التي أسبغتها الصحافة على الدور الذي لعبه أحد أفضل حراس المرمى في العالم، الذي بدأ رحلته بميونيخ قبل 299 يوما، كي يتجاوز فريقه الدور قبل النهائي لبطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم. وقال نيوير مطلع يونيو 2011 لدى إعلانه الرحيل عن شالكه «اللعب في بايرن ميونيخ يثير تطلعات كبيرة في نفسي. أود إحراز العديد من الألقاب». لكن دموعه كانت تقول إن الأمور لا تمضي تماما على نحو جيد. كان نيوير قد بدأ مشواره مراهقا في شالكه، نادي مدينة «جيلسينكيرشن» مسقط رأسه. وبمرور السنوات تحول إلى واجهة للنادي الذي بات أشبه بمنزل بالنسبة له، وبدأ يضم إلى صفوفه نجوما آخرين مثل الإسباني راؤول أو الهولندي كلاس يان هونتيلار. لكن في طريقه لبلوغ السادسة والعشرين، ومع تحوله إلى أحد نجوم المنتخب الألماني، وجد الحارس نفسه مضطرا للتخلي عن تلك المكانة بحثا عن المزيد. لذلك انضم إلى بايرن ميونيخ مقابل 25 مليون يورو، بعقد يمتد من الأول من يوليوز 2011 إلى 2016. ولم تتفهم جماهير النادي البافاري، كثيرة المطالب، سبب ارتفاع المقابل المادي لضم حارس مرمى مرتبط بهذا القدر بناد آخر، وحولت ذلك التساؤل إلى رد فعل عملي برفع آلاف اللافتات التي كتبت عليها «لنوير» في مبارياته الأولى. لكن بعد وقت قصير، وجدت نفسها مضطرة إلى الذهاب إلى الملاعب من دونها. ولم يتأخر الوقت بالحارس الأشقر العملاق، الذي يبلغ طوله 93، 1 مترا ووزنه 90 كيلوغراما، لإثبات قوته في حراسة المرمى، وفي مطلع أكتوبر تمكن من بلوغ إنجاز تاريخي: 1018 دقيقة على التوالي دون تلقي أي هدف في المباريات الرسمية، ليتفوق على الرقم القياسي المسجل داخل القلعة البافارية باسم الأسطورة المعتزل أوليفر كان. وسبق أن أظهر نوير إمكانياته كبطل قبل نحو شهر، عندما قاد بايرن إلى نهائي بطولة كأس ألمانيا، بفضل تألقه في ضربات الترجيح أمام بوروسيا مونشنغلادباخ. لكن التتويج النهائي لم يكن ليتأتى أمام منافس أقل من العملاق ريال مدريد، ونجمه الكبير كريستيانو رونالدو: تصدى نوير لضربة جزاء من البرتغالي، وبعدها أخرى للبرازيلي كاكا، ليجعل من بايرن ميونيخ أول فريق في التاريخ يخوض نهائي دوري الأبطال على ملعبه. واحتفل أولي هوينيس، رئيس بايرن ميونيخ، بإنجاز فريقه قائلا «أتمنى أن يكون آخر المشككين في ميونيخ قد استوعبوا الآن سبب قيامنا بضم مانويل نوير».