في ساعات مبكرة من يوم الجمعة الماضي، عرف حي المرجة التابع لمنطقة بنسودة حادثة سير مروعة اهتزت لها الساكنة، والتي راح ضحيتها سائق دراجة هوائية كان في طريقه للعمل قبل أن تدهسه شاحنة لجمع النفايات بفاس، تلتها حادثة مماثلة وقعت صباح اليوم الموالي بمنطقة باب الفتوح، وأسفرت سرعة سيارة أجرة كبيرة عن مصرع رجل. أصبحت حوادث السير على الطرق المغربية مسألة مثيرة للخوف جراء كثرتها وفظاعتها، ولعل هذا الوضع يصاحبه ارتفاع مهول في وتيرة الخسائر، حيث يذهب ضحيتها المئات، بل الآلاف من الأبرياء، بعضهم يخرج منها بعاهة مستديمة تؤثر على ما تبقى من عمره، في حين أن آخرين تطحنهم الطرق طحنا فيخلفون وراءهم نساء أرامل وأسرا لا معيل لها، الشيء الذي يؤثر سلبا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وربما الأخلاقية للعديد من الأسر والمواطنين. إن ما يحول هذه الحالة إلى مستوى الظاهرة، إن لم نقل الكارثة، هو العدد المهول من الحوادث التي نسمع عنها هنا وهناك ، سواء داخل المجال الحضري أو خارجه، وبالتالي ما ينتج عنه من مخلفات تفوق الحصر، الأمر الذي يستدعي اتخاذ تدابير تشمل المستويين معا الوقائي والردعي، حيث تفيد بعض المصادر الأمنية، بأن 24 شخصا لقوا مصرعهم وأصيب حوالي 1961 آخرين، 68 منهم إصابتهم بليغة، في أكثر من 1200 حادثة سير وقعت بالمدار الحضري لمدينة فاس خلال السنة الماضية. وللحد من نزيف الطرقات، لابد من الإشارة، إلى بعض العوامل التي تساهم في ارتفاع نسبة حوادث السير بكل أشكالها، وتكلف البلاد خسائر فادحة في الأموال وفي الأرواح، نجد في مقدمتها عدم انتباه الراجلين والسير في يسار الطريق وفي الاتجاه الممنوع والتجاوزات غير المسموح بها وعدم احترام مدونة السير وإشارات المرور وعلامة «قف» والسرعة المحددة في المدار الحضري، مما يؤكد أن المسألة لا تتعلق فقط بالاستهتار بقانون السير بقدر ما يتحمل الجهل بقواعده قدرا لا يستهان به. كما لا تخفى على أحد السلوكيات السيئة التي تنهجها إدارة تسليم رخص السياقة، حيث المقاييس غير مضبوطة، فضلا عن انتشار ظاهرة الرشوة والزبونية، الشيء الذي يحرم هذه الامتحانات من أن تقوم بدورها الحقيقي في الضبط والتقويم من جهة، ويحرم هذه الرخص من أية قيمة عملية في التعبير عن كفاءة صاحبها ومهارته من جهة أخرى، لتتحول إلى مجرد وثيقة تسلم لجهاز المراقبة الطرقية. ويلعب الجهل بقواعد المرور وقانون السير، دورا سلبيا وبارزا في ارتفاع وتيرة حوادث السير، الشيء الذي نلمسه على سبيل المثال لا الحصر، عند بعض أصحاب الدراجات العادية، حيث لا يعتبرون علامات الوقوف ملزمة لهم، ولا يقفون أمامها وأحيانا في حضور الشرطي، فتكون الكارثة أنهم أكثر عرضة من غيرهم للموت.