توفي إلى رحمة الله بمدينة الرباط، امحمد عواد الذي شيع إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه بسلا بعد صلاة عصر أول أمس الاثنين. كان الفقيد من المقربين الأساسيين من الشهيد المهدي بن بركة، وكان طوال سنوات وعقود كاتبه الخاص، مكلفا بجمع الجرائد اليومية والأسبوعية التي يحتاج إليها السي المهدي ، ولهذا كان امحمد يعرف ب «عواد جورنو» : لا يصل إلى مواعيده مع المهدي إلا ويكون حاملا معه الصحف العربية والفرنسية التي سيقرأها المهدي، بعدما يكون قد أشار بأقلام مختلفة الألوان إلى المواضيع التي ستكون في مقدمة ما سيطلع عليه الشهيد المهدي. أول لقاء جمع امحمد والمهدي رحمهما الله كان في سجن لعلو، إثر اعتقالهما بعد أحداث المطالبة بالاستقلال في يناير 1944. في فبراير 1945 عندما استعاد الاثنان حريتهما ،كان المهدي قد تخلى عن منصبه في الوظيفة العمومية كأستاذ للرياضيات في ليسي غورو، بينما وجد امحمد عواد نفسه مطرودا من إدارة البريد ولهذا سيربط الاثنان مصيرهما بالحركة الوطنية والعمل إلى جانب الزعيم محمد اليزيدي لبناء أداة حزبية، تتمثل في التنظيمات الجديدة لحزب الاستقلال ومد إشعاعها عبر التراب الوطني. كان المهدي يتنقل عبر أنحاء الوطن ويعود إلى العاصمة ليجد كاتبه الخاص قد أنجز كل المهام التي كلفه بها واستمر الحال هكذا إلى أن قرر الجنرال جوان نفي المهدي إلى منطقة تافيلالت في 28 فبراير 1951، فظل امحمد عواد ينتظر عودة المهدي إلى الرباط لكي يعود للتنظيمات الوطنية نشاطها وحيويتها. وظل «جورنو» بجانب المهدي طوال الفترة الممتدة من إطلاق سراحه (أكتوبر 1954) إلى عهد المجلس الاستشاري (نونبر 1956) حيث سيكون للراحل مكتب بجانب مكتب رئيس المجلس، باعتباره كاتبا خاصا دائما للمهدي بن بركة. وطوال عهد حكومة عبد الله إبراهيم، اضطر امحمد عواد إلى الاستمرار في مهامه بالمجلس أي الكتابة الخاصة للمهدي بن بركة، وفي نفس الفترة كان رئيسا لديوان رئيس الوزراء إلى أن أقيلت حكومة اليسار في ماي 1960. عند إقالة الحكومة، كان المهدي يعيش خارج الوطن في منفى اضطراري فاكتشف امحمد عواد أنه قد أصبح عاطلا، لأنه لم يفكر طوال السنوات الأولى من عهد الاستقلال كيف يحصل على قرار إداري يرد له الاعتبار كغيره من الموظفين الذين طردتهم الإدارة الاستعمارية بعد المطالبة بالاستقلال. ولفترة طويلة ظل عواد جورنو محروما من مصدر الرزق أي من الأجر الذي كان يتقاضاه موظفون طردهم الاستعمار وأنصفهم عهد الاستقلال. وظل رحمه الله على هذا الحال إلى عودة المهدي إلى المغرب في ماي 1962، فعاد عواد إلى « وظيفته « ككاتب خاص للمهدي بن بركة إلى أن ودّعه في المطار صباح السبت 15 يونيه 1963، دون أن يعرف الاثنان أن ذلك اليوم كان آخر لقاء جمعهما رحمهما الله. رافقت امحمد عواد الى مصحة «ديبوا روكبير» بعد ما نقل إليها المهدي بن بركة الجريح بعد محاولة اغتياله يوم 16 نونبر 1962 ولما رأى «جورنو» المهدي ممتدا في الفراش، أخذ يجهش بالبكاء فصاح فيه المهدي : «يا امحمد أنا أعرفك دائما كرجل والرجال لا يبكون مهما كانت قساوة الظروف». هذا هو الراحل امحمد عواد الذي ظل وفيا للمهدي بن بركة وظل يرفض مصافحة كل الذين تنكروا للمهدي. رحمه الله على امحمد عواد «جورنو» وإنا لله وإنا إليه راجعون.