تصاعدت تداعيات قيام قوات الزعيم الليبي معمر القذافي بتجنيد عناصر من البوليساريو لقتال الثوار الليبيين، في الصحافة الغربية. وأجمعت صحف «واشنطن بوست» الامريكية و «كوريرا ديلا سيرا» الايطالية و «الديلي تلغراف» البريطانية على ان الجزائر تدعم قوات القذافي عبر السماح بتجنيد مرتزقة من عناصر البوليساريو للقتال مع قواته. ونقلت صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية عن مسؤولين كبار في حلف شمال الأطلسي «الناتو» أن نظام العقيد معمر القذافي أنفق 3.5 ملايين دولار لتجنيد المئات من المرتزقة الأفارقة لمساعدته على محاربة الثوار الليبيين. وكشف مسؤولو الناتو بحسب أحد المنشقين عن النظام الليبي عن وجود 450 مسلحا من البوليساريو يقاتلون إلى جانب قوات العقيد معمر القذافي. ونقلت الصحيفة عن منشق، لم يُذكر اسمه والذي شارك سابقا في المفاوضات قبل انضمامه إلى المعارضة المسلحة، أن نظام القذافي يدفع لكل من هؤلاء المرتزقة 10 آلاف دولار لقاء شهرين من القتال إلى جانبه. وتم ترتيب الصفقة معهم الشهر الماضي بعد ان اشتدت وتيرة الاحتجاج ضد النظام الليبي وأخذت طابعا مسلحا. وغالبية هؤلاء المقاتلين ينتمون إلى قبيلة الصحراوي المنتشرة في الصحراء ، وكانوا يقاتلون في معارك للانفصال عن المغرب كأعضاء في جبهة بوليساريو. وقام قياديون في الحكومة الليبية أيضا بتجنيد جماعات من المقاتلين من حركات متمردة في النيجر ومالي التي تربطهما علاقات وثيقة بنظام القذافي. وكان مسؤولون في الناتو تلقوا سابقا تقارير تفيد بأن العقيد القذافي يعتمد اعتمادا كبيرا على المرتزقة الأجانب للدفاع عن نظامه، لكن الوثائق الصادرة عن بعض المنشقين أخيرا عن نظامه تظهر ان القذافي لا يزال يسعى إلى تجنيد المزيد من المقاتلين. ومنذ مطلع مارس ، توالت الأنباء عن وجود مرتزقة من جبهة بوليساريو يقاتلون إلى جانب القوات الموالية للقذافي في مواجهة الثوار المعارضين في عدد من المدن الليبية. ونقلت تقارير صحفية نشرتها في ذلك الوقت عدد من الصحف المغاربية عن وزير شؤون المغتربين والهجرة الليبي المستقيل علي الريشي استنكاره وجود مقاتلين من بوليساريو «لبث الرعب وإفشال الثورة الليبية». وعبر الوزير الليبي المستقيل عن تنديده بوجود مرتزقة من بوليساريو «ضمن تجار الموت الذين تسللوا إلى ليبيا لبث الرعب وإفشال الثورة الليبية». وذكر علي الريشي خلال ندوة صحفية بالمنتدى الوطني للصحافة بواشنطن مطلع مارس بأن «الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني الانتقالي بليبيا كان قد أعلن أنه يوجد ضمن المرتزقة الذين تسللوا الى ليبيا، ماليون ونيجيريون وأثيوبيون وللأسف مرتزقة من بوليساريو». ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول ليبي سابق قوله إنه تم توظيف المئات من مرتزقة «البوليساريو» من طرف نظام معمر القذافي لتركيع الثورة الليبية، مؤكدا بذلك أخبارا مماثلة تناقلتها وسائل إعلام دولية أخرى. وأكدت الصحيفة في تقرير لجينيفر روبين أن «تفاصيل مفاوضات تتعلق بتوظيف 450 من مرتزقة البوليساريو تم وضعها رهن إشارة مسؤولي حلف شمال الأطلسي من قبل مقرب سابق من القذافي». ويتقاضى المرتزقة ما مجموعه 10 آلاف دولار لكل واحد منهم، مقابل وقوفهم إلى جانب القوات الموالية للقذافي لمدة شهرين»، وذكرت انه «تم توقيع هذه الصفقة خلال الشهر المنصرم قصد مواجهة المتظاهرين الذين يهددون بإسقاط النظام الليبي». ونقلت «واشنطن بوست» عن مسؤول كبير بحلف شمال الأطلسي تأكيده أن «القذافي يقوم بجمع الاتصالات في المنطقة لتوظيف المزيد من المرتزقة للدفاع عن نظامه»، مبرزة أيضا توظيف مواطنين أفارقة ومن آسيا وشرق أوروبا. وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء المرتزقة «يهددون من الآن فصاعدا القوات الأميركية المنخرطة في هذا النزاع في إطار مهمة حلف شمال الأطلسي». وكتبت أنه «إذا كان هؤلاء المرتزقة موجودين في ليبيا بموافقة وبمساعدة حكومات أجنبية، فيتعين أن نعمل على أن تتحمل هذه البلدان نتائج مهاجمة القوات الأمريكية». وأضافت أن «الفاعلين غير الدوليين، الضالعين سلفا في أنشطة إرهابية الذين يمدون أيديهم للقذافي يتعين أن يعاملوا بمثل المعاملة التي تعامل بها مجموعات إرهابية أخرى». وكان الوزير الليبي المستقيل المكلف بالهجرة علي الريشي، أكد بواشنطن أن مرتزقة «البوليساريو» يوجدون من بين تجار الموت الذين تسللوا إلى ليبيا لزرع الإرهاب وإجهاض الثورة الليبية. وعبر المسؤول الليبي السابق عن «عميق تأثره وحزنه إزاء نفاق مرتزقة «البوليساريو» الذين يقومون بمثل هذا العمل المدمر، وهم الذين يقدمون أنفسهم كمحاربين من أجل الحرية». واتهم المجلس الوطني الانتقالي الليبي الجزائر بدعم نظام القذافي من خلال ارسال مرتزقة يحاربون مع كتائبه. وقال مسؤول الاعلام في المجلس الوطني الانتقالي محمود شمام في الاسبوع الماضي ان «القذافي يحصل على دعم بما في ذلك عبر دول عربية مثل الجزائر». واوضح ان القذافي «حصل عبر الجزائر على 500 مركبة رباعية الدفع بحسب مصادر اوروبية صديقة». ورد وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي على هذه الاتهامات بالقول «الاصرار على هذه الادعاءات بدون أدلة يضعف موقف المدعين ولا يقويه ، وبالمقابل يقوي موقف الجزائر». وبرر مراد مدلسي الاتهامات المتكررة للمجلس الانتقالي رغم التكذيبات الرسمية الجزائرية بسعي «الاخوان في بنغازي ودعما من آخرين الى أن تتراجع الجزائر عن مواقفها الديبلوماسية، وهذا امر غير ممكن اطلاقا». وقال مدلسي «ليس للجزائر ان تختار الوقوف مع الليبيين في بنغازي او الليبيين في طرابلس ضد بعضهم البعض». وتابع «هذا الامر اغاظ جماعة بنغازي ومن وراءهم، لانهم كانوا ينتظرون منا أن نكون يدا مرافقة لهم ضد الليبيين في طرابلس». وقال الثوار الليبيون إنهم أسروا 15 مرتزقة جزائريا في اجدابيا وقتلوا ثلاثة اخرين في معارك ضارية في هذه المدينة شرق البلاد. واكد المتحدث باسم الثوار ايضا ان «المرتزقة الذين أسروا لم تكن في حوزتهم أوراق ثبوتية» لكنهم «قالوا إنهم جزائريون وكانت لهجتهم جزائرية».