على إثر الجدل الذي أثارته توصية المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بإلغاء مجانية التعليم، خرج المجلس عن صمته أخيرا ليوضح حقيقة المعطيات التي خلقت ردة فعل اجتماعية غاضبة ومنتقدة لتدخل المجلس في قضية تمويل المنظومة التعليمية بدل الانكباب على تعميق البحث في سبل إصلاح منظومة التعليم. عمر عزيمان، في آخر خروج إعلامي له خلال مشاركته في برنامج "حديث مع الصحافة" على القناة الثانية,نفى وجود أي تغيير بخصوص إلغاء المجانية في قطاع التعليم العمومي.وأوضح" أن عمل المجلس الأعلى يتجلى بالأساس في التأكد من كون الميثاق يأخذ بعين الاعتبار الخيارات الكبرى للرؤية الإستراتيجية للتعليم ومدى مطابقتها للتعليمات الملكية وكذا التزام الحكومة. وأضاف عزيمان، أن رأي المجلس لم يتضمن أي مساءلة أو نقاش حول إلغاء مجانية التعليم، بل جاء فقط من أجل التأكد من مدى امتثال نص الميثاق مع رؤية الحكومة في هذا الخصوص، موضحا أن "مقترح المجلس بشأن إيجاد موارد أخرى لتمويل منظومة التربية والتكوين، هو مجرد رأي استشاري تم إعداده بغية تقديمه للحكومة المكلفة بتطبيقه أو التخلي عنه إن بدا لها أنه غير صالح وباستطاعتها أن توفر موارد أخرى إضافية لتمويل التعليم". كما نفى وجود أي ضغط من قِبل رئيس الحكومة للإسراع بإصدار رأي حول القانون الإطار المتعلق بإصلاح منظومة التعليم، و أكد أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين مستقل في عمله عن الحكومة ,و أنه قام فقط بالتذكير ب "تمويل النظام التعليمي" باعتبارها مسألة مهمة، مشيرا إلى كون هذا الأمر ليس بالجديد وسبق أن أقره الميثاق الوطني للتربية والتكوين. وأوضح عزيمان بأن رسوم التسجيل التي وردت في قانون الاطار مجرد شكل من أشكال التضامن الوطني يتجلى في مساهمة الأسر الميسورة في حسن سير المدرسة ونجاعة أدائها وهي لا تشكل المقابل المالي لتكاليف الدراسة ولا تعني التراجع عن مجانية التكوين والتعليم في كل مراحله التعليمية من الابتدائي إلى العالي , وأكد أن للمجلس استقلاليته ولا يقوم إلا بتقديم اقتراحات للحكومة يمكن أن تأخذ بها أو لاتأخذ. الولاة والعمال .في حملة تواصلية حول إلغاء مجانية التعليم في سياق آخر استنفر وزير الداخلية، محمد حصاد، الولاة والعمال لنزع فتيل الغضب الذي فجرته توصية المجلس الأعلى للتربية والتكوين، والتي تزكي ما ورد في مشروع قانون الإطار فيما يتعلق بفرض رسوم على الطبقات «غير الفقيرة». واجتمع الولاة والعمال، بتعليمات من وزير الداخلية، برؤساء جمعيات أولياء وآباء التلاميذ وعدد من المتدخلين في المنظومة التعليمية، للتأكيد على غياب أي قرار يهم إلغاء مجانية التعليم، وتوضيح السياق الذي جاءت فيه هذه التوصية المثيرة للجدل، حيث لم يتردد بعض مسؤولي الإدارة الترابية في وصف النقاش الذي تفجر بالمغلوط. وقدم ممثلو وزارة الداخلية وأيضا نواب وزير التربية الوطنية مجموعة من المعطيات بشأن تنزيل الرؤية الاستراتيجية 2015-2030، والتي ستتم من خلال قانون الإطار الذي وضعته الحكومة وأحالته على مجلس عزيمان لإبداء الرأي بشأن مضامينه، حيث لم تُدخل الحكومة أي تعديلات أو مبادرات على الرؤية التي توصلت بها. وكان المجلس الاعلى قد أقر رسوم التسجيل في التعليم ما بعد الإلزامي، في إطار تنويع مصادر تمويل المنظومة التربوية، حيث خلصت مداولات الدورة العاشرة للمجلس، إلى المصادقة على ما يلي:الإعفاء الآلي للأسر المعوزة؛تدقيق معايير وشروط إحداث هذه الرسوم؛اعتماد التدرج في الإقرار والتطبيق، بموازاة مع التقدم في تفعيل مقتضيات الإصلاح، ولاسيما ما يهم الارتقاء بجودة التربية والتكوين ؛إنجاز دراسة حول مقدرة الأسر على المساهمة، تتوخى تحديد الإعفاءات، وسقف رسوم التسجيل، إعمالا لمبدأ التضامن والتكافؤ، مع تضمين نتائج هذه الدراسة وآليات تنفيذها في نص قانوني.