في الشهر الذي يستذكر فيه الاسرائيليون حجم الكارثة والمحرقة التي تعرض لها الطوائف اليهودية في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية ، على أيدي المجرمين النازيين والفاشيين ، نستذكر نحن نكبة الشعب العربي الفلسطيني المثلثة على أيدي الاسرائيليين أنفسهم : 1- طرد نصف شعبنا الفلسطيني من اللد ويافا وحيفا وبئر السبع ، إلى المنافي والشتات ، جوعى بلا أمل وبلا وطن وبلا حماية ، 2- إحتلال أكثر من ثلثي مساحة فلسطين وإقامة مشروعهم الاستعماري التوسعي الإسرائيلي عليه ، 3- تمزيق خارطة فلسطين بين ثلاث كيانات سياسية بين مناطق 48 ، الحكم العسكري المصري لقطاع غزة ، ضم الضفة الفلسطينية لخارطة المملكة الأردنية الهاشمية ، وبذلك تم تمزيق الأرض وتبديد الشعب وإلغاء الهوية الفلسطينية الجامعة . تعرض يهود أوروبا للأذى والقتل والحرق والاعدامات في محاولة إبادة اليهود على أيدي النازيين والفاشيين ، ونحن كشعب وكأمة تتوسل الحياة ، وتؤمن بالتعددية ، وترفض التمييز والكره وتعريض الانسان للهلاك ، نرفض ذلك مبدئياً وإسلامياً ومسيحياً ، وأخلاقاً ومصلحة ، مثلما لم يكن لنا كعرب ومسلمين ومسيحيين أو علينا ذنب أو دور أو علاقة مما تعرض له اليهود في أوروبا ، ومع ذلك تحولت بلادنا إلى ملجأ للهاربين من الموت ومن الهلاك ، وغدت بلادنا مأوى لهم. فلسطين المسيطر عليها من قبل الاستعمار البريطاني الذي تواطأ مع المشروع الصهيوني وعملت على جعل فلسطين وطناً لليهود ، فتحولت إلى ملجأ لهم ، وبدلاً من إيجاد صيغ التعايش والشراكة تم توجيه الأذى والقتل والتدمير للفلسطينيين ، وتحميلهم مسؤولية الاذى الذي تعرض له اليهود في أوروبا ، فدفعوا الثمن الأقصى مرتين ، مرة بهجرة اليهود الأجانب إلى بلادنا ، والثانية بطرد نصف شعبنا عن أرضه وترحيله ! . لا ذنب ولا جريمة إقترفها الفلسطينيون حتى يدفعوا ثمن جرائم النازية ، بإن يتحول وطنهم ليس فقط إلى ملجأ لليهود الهاربين ، بل وطناً لليهود الأجانب على حساب أمن وإستقرار وحياة الفلسطينيين على أرض وطنهم ، وبذلك أصبحت المعادلة أن تعرض اليهود في أوروبا للمحرقة فحولوا محرقتهم لتنال من الشعب العربي الفلسطيني على أرض وطنه فلسطين ، الذي لا وطن للفلسطينيين سواه . يتذكر اليهود مأساتهم في شهر أيار ، وينسوا أنهم سببوا المأساة للشعب العربي الفلسطيني من المسلمين والمسيحيين ، في نفس شهر مأساتهم خلال شهر أيار ، أيار النكبة ، أيار التشرد ، أيار اللجوء ، أيار الفقر وفقدان الحد الأدنى من مقومات الحياة. بعد عشرات السنين من محرقة اليهود ومن نكبة الفلسطينيين ، محارق اليهود توقفت وقبضوا تعويضات بالمليارات من المانيا عن خسارتهم على أيدي النازيين ، بينما نكبة الفلسطينيين مازالت متواصلة وتتجدد ، بكل وسائل فقدان الحياة والاضرار بها على أيدي أبناء وأحفاد أولئك الذين تعرضوا للأذى على أيدي النازيين ، وقلة منهم يتذكر ما يُعانيه الشعب الفلسطيني على أيدي المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي . لم يعد التضليل والكذب وتغيير الحقائق مادة مقبولة أمام المجتمع الدولي ، فعلى الرغم من ضعف الشعب الفلسطيني وحركته السياسية ومن قوة الصهيونية وتأثيرها ، ودور الطوائف اليهودية ونفوذها ، فالحقائق بدت واضحة جلية ، شعب فلسطين يستحق الحياة بالعودة إلى بلاده وإستعادة ممتلكاته ، وأن يحظى بالحرية والكرامة والاستقلال مثل كل شعوب الأرض ، وما يجري اليوم من جرائم فاقعة على أيدي جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية وعلى أيدي المستوطنين الأجانب يذكر العالم بما إقترفته النازية بحق اليهود ، وبما يفعلوه هم بحق الفلسطينيين ، وهذا ما قاله ونبه له نائب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال يائير جولان بقوله : " إذا كان هناك أمر يخيفني في ذكرى الهولوكوست ، فهو مشاهدة وإكتشاف عمليات تثير الاشمئزاز التي حدثت في أوروبا عموماً ، وفي المانيا على وجه التحديد قبل 70 و 80 و 90 عاماً ، وإكتشاف مظاهر مشابهة لها هنا في قربنا ، اليوم في العام 2016 " . فإذا كان جنرال عسكري إسرائيلي يقول ذلك ، وهو لا شك يقوله عن معرفة ومطالعة ومشاهدة ، وهو قول لا يحتاج لتعليق ، لأنه شهادة من يعرف عن حقيقة ما يجري ، من مأساة وقهر للشعب الفلسطيني على أرضه ، على أيدي جيش الأحتلال وبأدوات المستوطنين الأجانب الذين نهبوا الأرض ويمارسون حرق الشجر ويحاولون حرق البشر كما حصل للشهيد محمد أبو خضير ولعائلة الدوابشة والعديد من أهالي غزة !! .