دعا الباحث والمختص في مجال الإعلام ،محمد العلالي، بالعاصمة التونسية إلى تفعيل دور الفضائيات العربية في إعادة بناء المجتمعات العربية، من خلال تعزيز مهنية واستقلالية العمل الصحفي والاستناد إلى مبادئ التنوير والمواطنة. وأبرز الأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال ، خلال ملتقى دولي حول "التلفزيون وحالة الانتقال: التحديات والسياقات الجديدة"، الاسبوع الماضي أن هذه المبادئ يتعين أن ترتكز على الخصوص على قيم الديمقراطية والحداثة والعقل والمساواة والمصلحة العامة والحرية والتنوع والتعددية، مضيفا أن تفعيل هذا الدور يتطلب أيضا تطوير نموذج جديد للحكامة يقوم على التقنين والتشاركية والمراقبة. وشدد "مسؤول ماستر التواصل السياسي" بالمعهد المذكور، على ضرورة أن يضطلع الإعلام التلفزي بوظيفة تشكيل الرأي العام، ومتابعة الوقائع والأحداث اليومية على المستوى المحلي والدولي، والاهتمام بالقضايا التي تشد انتباه هذا الرأي العام، وإبراز الخلفية التاريخية للأحداث والقضايا والإحاطة الكاملة بها، وعرض وتحليل الأحداث الجارية والكشف عن أبعادها، والتعبير عن السياسات والاتجاهات السائدة في المجتمع. واستعرض معالم التحولات التي عرفتها المجتمعات العربية والمغاربية في المجالات السياسية والثقافية والإعلامية على وجه الخصوص، مشيرا في هذا الصدد إلى تضخم عدد الهيئات العربية التي تبث قنوات فضائية، حيث بلغت حوالي 758 هيئة منها 29 هيئة عمومية و729 هيئة في القطاع الخاص، مضيفا أن هذه الهيئات تتولى بث أو إعادة بث 1294 قناة، منها 165 قناة عمومية و 1129 قناة خاصة. وأوضح أن من سمات هذا الإعلام التلفزي أيضا فتح القطاع السمعي البصري على القطاع الخاص، وإحداث هيئات للتقنين، وتفاقم الصراع السياسي حول السلطة الإعلامية، إضافة إلى بث برامج موجهة إلى المشاهدين من الخارج، وإطلاق برامج تلفزيونية دون الحصول على تراخيص، وتعدد الفاعلين المتحكمين في هذا البث. غير أنه سجل أن مضمون هذا الإعلام التلفزي تهيمن عليه في بعض الجوانب خطابات غير عقلانية ومتطرفة ودعوية وتيارات مذهبية تبشيرية، متسائلا عما إذا كانت بيئة وسائل الإعلام والتقنيات الحديثة، كمنتج من منتجات الحداثة، تمثل فرصا لتسخير المنظومات الإعلامية لتعزيز المسلسلات الديمقراطية وتعزيز التكتلات الجهوية والإقليمية والحوار بين الثقافات والديانات، أم وسائل جديدة تستثمرها الاتجاهات النكوصية لتعزيز خطابات التجزئة، ونشر الصور النمطية والعنف والكراهية وإلغاء الآخر؟. وقارب الملتقى الدولي، الذي شارك فيه عدد من الباحثين ينتمون إلى 12 بلدا، واقع التلفزيون حاضرا ومستقبلا ضمن السياق الانتقالي الشامل الذي يعيشه عدد من البلدان العربية وتطور تكنولوجيا الإعلام والاتصال وانتشار الميديا الاجتماعية. وتمحور برنامج الملتقى الذي نظمه على مدى يومين معهد الصحافة وعلوم الإخبار بتونس، حول أربع جلسات همت "واقع الدراسات والأبحاث حول التلفزيون" و"التلفزيون وتكنولوجيا الاتصال الحديثة" و"العلاقة بين المرفق العمومي والقطاع الخاص وإعادة تشكل السوق التلفزيونية" و"التعديل خلال الفترات الانتقالية والممارسات المهنية الجديدة".