منذ الساعات الأولى من صباح يوم أمس الأحد 13 مارس 2016 بدأت تتقاطر حشود غفيرة حجت من كل أنحاء المغرب الشمال والشرق والجنوب والغرب، على العاصمة الرباط من أجل المشاركة في المسيرة المليونية التي دعت إليها الأحزاب السياسية المغربية والمركزيات النقابية وكل هيئات المجتمع المدني بالمغرب. وشارك في هذه المسيرة إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والحبيب المالكي رئيس اللجنة الوطنية الإدارية الوطنية، ثم إلياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، وحميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، ثم صلاح الدين مزوار رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار وامحند العنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، كل هذه القيادات الحزبية مرفوقة بعدد من أعضاء المكاتب السياسية داخل المسيرة المليونية. وشارك الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في هذه المسيرة المليونية، بالإضافة الى القيادة الحزبية وأعضاء المكتب السياسي، قياديون بالشبيبة الاتحادية والمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، وممثلو القطاعات الحزبية الذين جاؤوا من عدد من المدن المغربية، فضلا عن برلمانيي ومستشاري الحزب في الغرفتين. واعتبر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ادريس لشكر، في تصريح ل»الاتحاد الاشتراكي»: أن المسيرة المليونية التي ملأت كل جنبات العاصمة أكدت بأن روح المسيرة الخضراء التي استرجع بها المغرب أقاليمه الجنوبية ما زالت حية وقوية، وما زالت تلهم المغرب والمغاربة في الدفاع عن الوحدة الترابية، مضيفا أنها جاءت لتؤكد عزم المغاربة على التصدي لكل المحاولات التي تنال من شعورهم الوطني أو تستهدف التآمر على وحدة بلادهم، مؤكدا أنها رسالة تنديد واضحة وصريحة إلى السيد بان كيمون وكل القوى التي مال إليها وكان من آثارها الخروج عن دوره المطلوب أمميا. وتجمع 3 ملايين شخص، حسب ما أكدته جهات رسمية، قبيل الساعة التاسعة والنصف صباحا بالعاصمة، للمشاركة في المسيرة الشعبية التي دعت إليها الأحزاب السياسية والنقابات وهيئات المجتمع المدني للتنديد بالانزلاقات اللفظية للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول الصحراء المغربية. حيث تحول المشاركون إلى جسد واحد يصدح بصوت واحد يؤكد أن الصحراء جزء لا يتجزأ من وجدان المغاربة، وأن وحدتنا الترابية قضية مصيرية للشعب المغربي. وقد انطلقت الحشود من كل المدن المغربية في اتجاه العاصمة الرباط، حيث شوهدت الحافلات والسيارات التي تقل المشاركين، التي تم ركنها بمدينة سلا قرب نهر أبي رقراق والتحقت الجماهير الشعبية مشيا على الأقدام تحمل الأعلام المغربية وصور الملك محمد السادس وتهتف «الصحراء صحراؤنا والملك ملكنا». ونظرا للعدد الكبير للملتحقين بالرباط، حاولت السلطات المحلية تفادي مشكل الاختناق المروري، فعملت على حصر عدد من الحافلات والسيارات الخاصة في عدد من المناطق القريبة بالعاصمة ومطالبتها بركنها هناك، وهو ما دفع عددا من المواطنين إلى قطع عدة كيلومترات مشيا على الأقدام تعبيرا منهم عن الرغبة الأكيدة للمشاركة في هذه المسيرة التاريخية التي تعرفها مدينة الرباط. الجماهير الشعبية الغفيرة حملت الأعلام المغربية وصور الملك محمد السادس على إيقاع الأغنية الشهيرة «نداء الحسن» التي تصدح في كل أرجاء شارع محمد الخامس. وهتف المشاركون بمختلف أعمارهم، نساء ورجالا وشبابا، بشكل حماسي وبأصوات مرتفعة: «الصحراء مغربية»، حتى لكأنك أمام الروح الوطنية لمسيرة خضراء ثانية مماثلة للمسيرة الخضراء سنة 1975، يقوم بها أبناء هذا الوطن الحر والأبي، الفرق الوحيد أن مسيرة اليوم مليونية وتقام بالعاصمة الرباط من أجل تأكيد تشبث كل مكونات الشعب المغربي بمغربية الصحراء. لقد تجندت كل السلطات المحلية من درك ملكي وأمن وطني وقوات مساعدة ووقاية مدنية من أجل توفير جميع الشروط الضرورية لتنظيم هذه المسيرة بشكل حضاري وسلمي، وكي تمر في أجواء وطنية متسمة بروح من المسؤولية والوعي التام، الكل ملتحم ومتضامن بهدف إيصال رسالة وحيدة تتجسد في أن كل الشعب المغربي متشبث بمغربية صحرائه ولا يقبل المساومات والاستفزازات من أية جهة كانت، وللتعبير بشكل سلمي على أن المغرب جبهة قوية موحدة حين ينادي الوطن وان قضية الصحراء قضية مقدسة لكل المغاربة من طنجة حتى لكويرة. لقد ردد ملايين المشاركين شعارات منددة بما أقدم عليه الأمين العام لمنظمة لأمم المتحدة من تصرفات منحازة خلال زيارته الأخيرة لتندوف والجزائر، لقد عبر المحتجون بشكل جماعي عن أن الشعب المغربي قاطبة لا يقبل هذه الانزلاقات والتصريحات المنحازة من مسؤول أممي المفروض فيه نوع من الحياد إزاء ملف نزاع الصحراء المفتعل. وقد حمل المحتجون العديد من اللافتات للتعبير عن الرفض بشكل مطلق لمجمل الإشارات والتصريحات التي قام بها بان كي مون، كما حملت الأعلام المغربية الصغيرة الحجم والكبيرة وكانت تلوح بها للمروحية التي كانت تقوم التغطية الإعلامية لفائدة التلفزة المغربية. إنها مسيرة مليونية تختلف عن كل المسيرات التي عرفتها العاصمة الرباط ، حيث أن هذه المسيرة لم تعرف انطلاقة فقد كانت كل شوارع العاصمة الرباط تغص بالمشاركين وكلها متوقفة في أماكنها نظرا للحشود المؤلفة من المواطنين والكل كان يحتج ويرفع الشعارات المنددة بما أقدم عليه بان كي مون من مس لمشاعر الشعب المغربي. إنها مسيرة لكافة الشعب المغربي كما عاينت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» من خلال المشاركين، المنتسبين للأحزاب السياسية والشبيبات الحزبية والمركزيات النقابية ثم الجمعيات الحقوقية والهيئات الثقافية والمنظمات التربوية وجمعيات الحركة الأمازيغية، والأندية الرياضية، ثم الوداديات والتعاونيات، والجمعيات المحلية بمختلف المدن المغربية. لقد أبرزت هذه المسيرة المليونية على أن كل المغاربة مجندون من أجل القضية الوطنية وعلى أن الصحراء المغربية خط أحمر لا يمكن التسامح معه لأي كان كيفما كان حجمه أو مركزه في أن يمس بهذه القضية الوطنية إذ لا يمكن التنازل عن أي شبر أو حبة رمل من الصحراء المغربية. وأظهرت المسيرة المليونية أن المغرب لا يمكن ان يتساهل مع أي كان خاصة أنه قدم كل ما يمكن أن ييسر حل نزاع الصحراء، وإقرار حل سياسي متمثل في مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية، بعد ان تأكد بالملموس أن إجراء استفتاء ميداني من مستحيل المستحيلات بخصوص قضية الصحراء وهذه الحقيقة قد وقفت عليها الأممالمتحدة. كما وجهت المسيرة المليونية عدة رسائل بخصوص قضية الصحراء المغربية، إلى المنتظم الدولي والأممالمتحدة، وفي مقدمتها الأمين العام للأمم المتحدة، وكل خصوم الوحدة الترابية التي ما فتئت تلعب في الخفاء وتحاول يائسة حبك المناورات السياسية من أجل الوقوف ضد الشعب المغربي في السيادة على أقاليمه الجنوبية. لقد قالت لكل هؤلاء «المغرب في صحرائه أحب من أحب وكره من كره وأن كل المغاربة جنود مجندون ومستعدون من أجل التضحية في سبيل الصحراء المغربية». فقد عبر مئات الآلاف من المغاربة من مختلف المناطق المغربية بصوت واحد عن التنديد المغربي بالانحياز الجلي الذي أظهره الأمين العام للأمم المتحدة لكيان ما يسمى البوليساريو والجزائر خلال زيارته للمنطقة العازلة ب[«بير لحلو» حاملة شعارات «بان كي مون سير فحالك الصحراء ما شي ديالك» و»الملك ملكنا والصحراء صحراؤنا»، «لا لا للتصريحات الجبانة» .... يذكر أن هذه المسيرة المليونية عرفت مواكبة عدد كبير من ممثلي وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة، سواء الوطنية والدولية، التي كانت حاضرة بين المشاركين والمحتجين تقوم بواجبها المهني في الإخبار والإعلام. وتأتي مسيرة الرباط المليونية يوما واحدا بعد أن عقد البرلمان المغربي بغرفتيه، دورة استثنائية لمناقشة مستجدات ملف الصحراء المغربية عبر فيها النواب والمستشارون عن شجبهم القوي، وبأشد العبارات، للمواقف المنحازة وغير المسؤولة والتصريحات المستفزة التي أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة، ورفضهم لها جملة وتفصيلا، معتبرين أن هذه التصريحات تشكل انحرافا خطيرا عن نبل أهداف ورسالة وطبيعة منظمة الأممالمتحدة، وخروجا عن روح ميثاقها المؤسس وعما راكمته من سياسات في مجال التجرد والسعي إلى خدمة السلم والاستقرار عبر العالم.