يبدو أن فضيحة تعنيف الأساتذة المتدربين في عدد من المدن المغربية يوم الخميس الماضي، تنذر بتطورات سياسية وبرلمانية غير مسبوقة، كما يتضح أنها قد أربكت الحكومة ورئيسها، باعتبار أن الوقائع تناقلتها بالصوت والصورة عدد من المواقع الالكترونية وصفحات الشبكات العنكبوتية، كما أن هذه الهجمة الشرسة على أساتذة في مسيرات سلمية قد لاقت تعاطفا كبيرا من قبل المواطنين تمثل في تدوينات على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، وفي الدعوة للتضامن مع هؤلاء الأساتذة الذين سالت دماؤهم في الشارع. فبالنسبة لعبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية و رئيس الحكومة، فقد انتهز الفرصة خلال افتتاح أشغال المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الذي نظم بمدينة سلا يوم السبت الماضي ليمرر موقفا سياسيا بخصوص هذه الواقعة، إذ قال إن العالم انقلب بعد الأنباء عن تعنيف الأساتذة المتدربين. وأردف قائلا في نفس السياق: «نحن ضد استعمال القوة حين لا تكون مبررة««واستدرك قوله» «لكن نحن أيضا ضد من يخالف القانون، فليس هناك مسيرة بدون رخصة». واستطرد « سنرى استعمال القوة غير المتناسب، فنحن مع الأساتذة حينما يكونون على صواب، لكن يجب أن يطبق رجال الأمن الأوامر، فهم مواطنون مثلكم«، كاشفا في هذا الصدد أنه «سيتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب حينما يجمع كل المعطيات». وفي نفس اليوم السبت كانت جريدة «الاتحاد الاشتراكي»، قد علمت من مصدر أمني أن المدير العام للأمن الوطني، عبد اللطيف حموشي، قد «أصدر تعليماته بفتح تحقيق إداري عاجل ومعمق، لتحديد الأسباب الحقيقية وراء تطور الأحداث بسرعة في بعض المدن التي شهدت حركات احتجاجية للأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين في عدد من المدن المغربية». وأوضحت نفس المصادر أن «المدير العام للأمن الوطني يتابع شخصيا سير إجراءات هذا التحقيق، من أجل ترتيب المسؤوليات الضرورية في حالة تسجيل أي تجاوز للتدابير النظامية الخاصة بالتدخل الأمني». وفي نفس اليوم السبت، اعتبرت وزارة الداخلية مسيرات الأساتذة بالمسيرات الغير مرخص بها وأن هؤلاء المحتجون عمدوا لاستفزاز القوات الأمنية، حيث أفادت هذه الأخيرة في بلاغ صادر عنها بتسجيل ما وصفته ب «إصابات خفيفة في صفوف المتدربين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين خلال مسيرات لم يتم التصريح بها بكل من مدن الدارالبيضاء ومراكش وإنزكان». وأوضحت الوزارة، في نفس البلاغ ، أن «مجموعات من الطلبة المنتمين إلى ما يسمى ب «التنسيقية الوطنية للمتدربين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين» قامت، في إطار خطواتها التصعيدية، التي انطلقت منذ 7 أكتوبر الماضي، بمحاولات لتنظيم مسيرات احتجاجية، يوم الخميس 7 يناير الجاري بعدد من المدن، للمطالبة بحذف المرسومين المتعلقين بفصل التكوين عن التوظيف». وأضاف المصدر ذاته، «أنه إذا كانت هذه المسيرات لم يتم التصريح بها وتم تبليغ قرارات منعها للمعنيين بالأمر، فإن بعض الطلبة أصروا على تنظيمها في خرق تام للقانون»، مشيرا إلى أنه «أمام ذلك قامت السلطات المحلية والقوات العمومية، في امتثال تام للضوابط والأحكام القانونية، بمحاولات لثني المحتجين عن الاستمرار في خرق القانون ومطالبتهم بفض تجمهراتهم، وهو ما استجاب له الطلبة بكل من فاس وطنجة». وزاد البلاغ أن «مجموعات المحتجين بكل من الدارالبيضاء ومراكش وإنزكان، وبتشجيع من بعض الأطراف التي اعتادت الركوب على بعض المطالب الفئوية لإذكاء الفوضى، قد عمدت إلى تحدي القوات العمومية واستفزازها والإقدام على محاولة اختراق الطوق الأمني لدفعها للمواجهة» -يضيف البلاغ- «مما خلف نوعا من الفوضى والتدافع».. إلى ذلك، احتج الأساتذة المتدربون بالمركز التربوي لمهن التربية والتكوين بإنزكَان،بطريقة سلمية وحضارية على مجزرة يوم الخميس الدامي،أثناء افتتاح ندوة نظمتها رابطة قضاة المغرب بقاعة غرفة التجارة والصناعة والخدمات بأكَادير،زوال يوم الجمعة 08 يناير2016. وقد استغل المحتجون حضور وزيرالعدل والحريات في هذه الندوة،و طوقوه خارج وداخل القاعة واضعين شارات الاحتجاج ورافعين شعارات منددة بآليات القمع والتنكيل التي مورست في حقهم من قبل قوات الأمن يوم الخميس الأسود 07 يناير2016،الذي سيبقى موشوما في الذاكرة الجماعية لأساتذة المستقبل. هذا، وبمجرد أن أخذ وزير العدل الكلمة في افتتاح الندوة بحضور والي جهة سوس ماسة ورئيس الجهة وعدد من المسؤولين القضائيين، ارتفعت شعارات الأساتذة المتدربين الذين ارتدوا وزراتهم البيضاء، محتجين على ما تعرضوا له من اعتداءات همجية وفظيعة أثناء قيامهم بوقفة احتجاجية يوم الخميس الماضي بمركز التربية والتكوين بمدينة إنزكان. والي جهة سوس ماسة زينب العدوي غادرت منصة الندوة وتدخلت في الحين بفتح حوار مباشر مع ممثلي المحتجين برفقة وزير العدل بإحدى القاعات الأخرى،حيث وعدهم الرميد بفتح تحقيق قضائي حول الأحداث الدامية التي عرفتها مدينة إنزكان يوم الخميس الماضي. هذا، ورغم تنصل وزير العدل من مسؤوليته فيما حدث،حين أكد أن مسألة التدخل الأمني تعود إلى الأقاليم و الجهات،ورغم الوعود التي أعطيت لممثلي الطلبة الأساتذة بفتح تحقيق قضائي، فإن الأساتذة المتدربين واصلوا تظاهرتهم الاحتجاجية خارج القاعة برفقة هيئات نقابية وحزبية رددوا فيها شعارات قوية تدين استعمال القوة من طرف السلطات العمومية والأمنية. ومن جانب آخر أدانت خمس نقابات تعليمية بجهة سوس ماسة واستنكرت الاعتداء الأمني الهمجي السافرعلى الأستاذات والأساتذة المتدربين،ودعت إلى خوض إضراب جهوي عن العمل يوم الخميس14 يناير2016. ودعت أيضا إلى تنظيم وقفة احتجاجية يوم الخميس القادم أمام المركز التربوي لمهن التربية والتكوين بإنزكان ابتداء من الساعة العاشرة صباحا. كما حملت النقابات التعليمية الخمس الحكومة المغربية تبعات وعواقب الإصرار على تنفيذ مقتضيات المرسومين المشؤومين ونتائجهما الكارثية التي من شأنها مفاقمة حالة العطب المزمن التي يعيشها النظام التعليمي بالمغرب. وفي السياق ذاته، أصدرت الشبيبة الاتحادية بإنزكَان بيانا تضامنيا مع الأساتذة المتدربين على إثر الاعتداء الأمني الخطير والشنيع الذي تعرض له الأستاذات والأساتذة المتدربين يوم الخميس الأسود. وعلمت الجريدة من مصادرموثوقة أن لجنة مركزية من إدارة الأمن الوطني بالرباط حلت بمدينة بإنزكَان، لإجراء تحقيق حول الأحداث الدامية التي عرفتها المدينة،ومعرفة كيف تم تنفيذ التعليمات الأمنية التي عرفت تجاوزات خطيرة من المحتمل أن تعصف بعدد من الرؤوس الأمنية بالإقليم والجهة.