تعيش البرازيل التي كانت قبل اكثر من عام بقليل محط انظار العالم كبلد مضيف لمونديال ,2014 اسوأ ايامها الكروية ليس على صعيد النتائج بل على الصعيد الاداري وتهم الفساد الموجهة الى اخر ثلاثة اشخاص تولوا رئاسة الاتحاد المحلي للعبة. تلقى بلد "كرة القدم" ضربة موجعة تضاف الى غرقه في الازمات الاقتصادية والسياسية الناجمة عن تباطؤ النمو والتهم الموجهة الى رئيسته ديلما روسيف, اذ تأكدت شكوك الفساد التي كانت تحوم حول مسؤوليه الكرويين مع اضافة رئيس الاتحاد المحلي الحالي ماركو بولو دل نيرو (موجود في منصبه منذ 2015) وسلفه ريكاردو تيكسييرا (استلم المنصب من 1998 حتى 2012) الى لائحة الاتهامات الاميركية بالرشوة والفساد, وذلك في ظل وجود الرئيس السابق الاخر جوزيه ماريا مارين (استلم المنصب من 2012 الى 2015) في السجون الاميركية للاسباب نفسها. "بعد ريكاردو تيكسييرا وجوزيه ماريا مارين, اكملت البرازيل +ثلاثية كأس العالم في الاحتيال+ بحسب مكتب التحقيقات الفدرالي والقضاء الاميركي", هذا ماقاله الصحافي الرياضي البرازيلي الشهير جوكي كفوري في مدونته الخاصة. وشهدت زيوريخ, حيث مقر الاتحاد الدولي "فيفا", يوم الخميس الخميس الماضي مداهمة جديدة للشرطة السويسرية الى فنادقها في مشهد مشابه تماما لما حصل اواخر ماي, والمؤكد حتى الان اعتقال عضوين جديدين في اللجنة التنفيذية للفيفا هما البارغوياني خوان انخل نابوت رئيس اتحاد اميركا الجنوبية والهندوراسي الفريدو هاويت بانيغاس رئيس اتحاد الكونكاكاف بالوكالة (كلاهما نائبا لرئيس الفيفا). واعتقل المسؤولان البارزان في الفيفا في اليوم الثاني لاجتماعات اللجنة التنفيذية لدراسة اقتراحات لجنة الاصلاحات برئاسة المحامي السويسري فرانسوا كارار التي تم اعتمادها قبل التصويت عليها في الجمعية العمومية في شباط/فبراير قبل الانتخابات الرئاسية. كما اعلن القضاء الاميركي الخميس ايضا عن اتهامات بالجملة شملت 16 شخصا جديدا بتهم التورط في الفساد, بينهم نابوت وبانيغاس اضافة الى ثلاثي الاتحاد البرازيلي تيكسييرا ومارين ودل نيرو الذي يواجه تحقيقا داخليا في فيفا. وقد قرر دل نيرو التخلي موقتا عن منصبه من اجل "الدفاع عن نفسه" امام لجنة الاخلاق في فيفا والقضاء الاميركي, معينا نائب الرئيس ماركوس انطونيو فيسنتي بدلا منه "بصفة موقتة". وكان دل نيرو استقال في 26 نوفمبر الماضي من عضويته في اللجنة التنفيذية لفيفا واتحاد اميركا الجنوبية. وبحسب موقع "اي اس بي ان" الرياضي بنسخته البرازيلية, فان القضاء الاميركي يتهم المسؤولين البرازيليين الثلاثة بالحصول على رشوة من رئيس شركة "ترافيك" مقابل الحصول على حقوق البث لكأس البرازيلي بين 2013 و,2022 فيما كشفت المدعية العامة الاميركية لوريتا لينش بانها تحقق في رشاوى تتعلق برعاية الاتحاد البرازيلي من قبل احدى الشركات الاميركية الكبرى المتخصصة بالمستلزمات الاميركية, وبعملية التصويت للبلد المنظم لمونديال 2010 اي جنوب افريقي, وبانتخاب رئيس فيفا عام 2011. وخرجت لينش بكلمات قاسية خلال مؤتمرها الصحافي يوم الخميس حيث قالت: "كل واحد من الاشخاص ال`16 الجدد متهم بالابتزاز المنظم وغيره من الجرائم المرتبطة بانتهاكات ارتكبت في ممارسة مهامه على مدى فترة طويلة", مضيفة: "ان مستوى خيانة الثقة في هذه القضية مثير للاشمئزاز حقا وحجم الفساد لا يمكن تصوره". لكن هذه الاتهامات لا تفاجىء الجمهور البرازيلي لان الشخصيات الثلاث المتهمة هي محط شبهات في كافة انواع المخالفات الممكنة وخصوصا مارين (83 عاما) الذي دائما ما يتذكر البرازيليون ماضيه كرجل سياسي خلال فترة الحكم الدكتاتوري بين 1964 و1985. اعتاد البرازيليون على سماع كلمة الفساد في الاوساط الكروية المحلية لكن دون ان يتم تجريم احد بسبب غياب الادلة كما كانت الحال مع تيكسيرا (68 عاما), العضو السابق في اللجنة التنفيذية للفيفا الذي تنحى موقتا عن منصبه كرئيس للاتحاد المحلي بحجة المرض قبل ان يستقيل تحت وطأة تهم الفساد. واتهمت مجلة "وورلد ساكر" الاميركية تيكسييرا بحصوله على مبلغ 30 مليون يورو من اجل التصويت لقطر في السباق على استضافة مونديال 2022 لكنه نفى هذا الامر بطبيعة الحال وقال بان تصويته لمصلحة الدولة الخليجية كان مقابل تعهد بمساندة ملف الترشح المشترك لاسبانيا والبرتغال من اجل استضافة مونديال 2018 الذي حصلت عليه روسيا في نهاية المطاف. ولا ينحصر فساد تيكسيرا بالمسائل الكروية بل انه تحت مجهر السلطات المحلية التي تتهمه بتبييض الاموال والاحتيال خلال الفترة الممتدة بين 2009 و,2012 علما بانه سبق لصهر الرئيس السابق للاتحاد الدولي جواو هافيلانج ان خضع للتحقيق من قبل السلطات السويسرية في اوائل الالفية الجديدة بسبب فضيحة شركة التسويق "اي اس ال" لكن دون ان توجه اليه اي تهمة. اما بالنسبة لديل نيرو الذي قرر التخلي عن منصبه "من اجل الدفاع عن نفسه" امام لجنة الاخلاق في فيفا والقضاء الاميركي, فهو كان حريصا منذ بدء الشرارة الاولى في ايار/مايو الماضي على عدم مغادرة البرازيل التي لا تربطها بالولايات المتحدة اتفاقية تسليم المطلوبين, ولهذا السبب غاب عن اجتماعات اللجنة التنفيذية لفيفا ثم قرر الاستقالة من هذا المنصب ومن اتحاد اميركا الجنوبية ليكتسب بسخرية لقب "ماركو بولو الذي لا يسافر ابدا".