بعد سلسلة من الحلقات الإذاعية التي أنصبت حول رموز ورواد الإذاعة والتلفزيون والغناء والرياضة المغاربة... خصصت الإعلامية سميرة الأشهب حلقة ، من برنامجها النصف شهري «حتى لا ننساهم» للإذاعي المرموق الراحل يحي الكوراري، الذي بصم اسمه في العمل الإذاعي الجاد بمداد الذهب، أحبه مستمعو الداخل والخارج من خلال صوته وخصاله النبيلة التي ميزته عن غيره قرابة ثلاثين سنة وراء الميكروفون خدمة للمستمعين. حلقة الأحد، استضافت لها سميرة الأشهب عددا من زملاء المرحوم يحي الكوراري وأصدقائه وأقاربه، لأجل إعطاء الصورة الشاملة عن الإذاعي والإنسان «سي يحي»، وكانت الشهادة الأولى من تلميذه الوفي حسين البيطاري، الذي خبر وعايش يحي الكوراري عن قرب، وعلمه أصول العمل الصحفي والإعلامي في وقت كانت فيه الإمكانيات التقنية جد محدودة، أو غير مستساغة، لكن كان العمل الإذاعي متميزا وناضجا، وكانت الرسالة الإعلامية تصل بإتقان. وجاءت شهادة أخته حليمة الكوراري، التي تحدثت عن يحي الشاب، الذي كان يعشق الإذاعة بالاستماع وتمني النفس أن يصبح في المستقبل إذاعيا مشهورا، فكان حينها يستمع لبرامج إذاعية كانت تبث على الأمواج الوطنية منها: برنامج «اخترنا لكم» الذي كان يراسله، وفي نفس الوقت يستمع لمساهماته عبر المذياع، هذا بالإضافة لمشاركته في «مجلة الأطلس» التي كانت تظهر له بعض المقالات الصحفية، وكان رحمه الله يحب الأنشطة الصيفية والمخيمات، ودخوله عالم الكشافة خير دليل على عشقه لهذا الميدان الذي تدرج فيه صغيرا ? شبلا ثم مؤطرا فيما بعد- بالإضافة لحبه الشديد لتربية الطيور. اختارت الإعلامية سميرة الأشهب بالمناسبة حلقة مسجلة بصوته وأذاعتها من جديد، وهي فرصة لإظهار حسن وسلوك الراحل، وحسه الإعلامي الوازن، واحترامه لكل الفئات من المجتمع المغربي، خاصة ممن كان يسمعه عبر الأثير أو احتك به عن قرب، وهو الشيء الذي أكده الحاج عبد الحميد لحسيني الإذاعي المرهف والمخرج المقتدر، عند شهادته في حق «سي يحي»، وكانت أغنية «أمي» لعبد الهادي بلخياط من الأغاني المختارة لديه والبارزة في مخيلته، وفي جل حلقاته من برنامجيه «تهاني وأماني» و« بالأحضان يا وطني»، الثنائية الإذاعية الراقية التي غيرت مجرى الإعلام الإذاعي المغربي حين اشتغاله بمحطة وجدة، وبالرغم من مجايلة عدد من الإعلاميين المغاربة البارزين آنذاك أمثال: الأستاذ الماجدولي وعمر بلشهب مديرا المحطة سابقا في فترة اشتغال يحي الكوراري كان فارضا نفسه بقوة، ثم شهادة صديقه ورفيق دربه قاسم اجدايني الإذاعي الفذ ذو الصوت المرخم، الذي كون مع الراحل ثنائي متميز بإذاعة وجدة القديمة والجديدة حتى وافته المنية رحمه الله بمدخل الإذاعة في يوم جمعة بعد الظهر، وقد سمي أحد استوديوهات البث بمحطة وجدة على سمه، وكان مبرمجا أن يشهد نفس الشارع المقابل للإذاعة أن يطلق عليه اسم الراحل، لكن المجالس البلدية المتعاقبة غيبت اسم يحي الكوراري، وهو الشيء الذي أكده عبد الحميد لحسيني في البرنامج. «سي يحي الكوراري»، شخصية إذاعية قل نظيرها في وقتنا الحالي، لأنه رجل حمل الوطن في قلبه وفكره وأحب عمله حتى النخاع، لم يفكر أبدا في المال أو التعويضات أو الترقيات، بل كان يفكر كيف يسعد الناس والمستمعين المكلومين على فقدان حبيب أو رفيق درب أو أحد الوالدين، من خلال لقائه بالأحباب والأقارب في برنامجيه الشهيرين «بالأحضان يا وطني» و«تهاني وأماني».