اختلط الحابل بالنابل أول أمس 24/11/2015 ،في سؤال وجهه فريق من الأغلبية لوزير الداخلية حول «التقطيع الانتخابي»، والذي أجاب عنه الوزير أن «لا تغيير جديد إلا بعد الانتخابات التشريعية».وأمام هذا الجواب المختصر وغير المفسر ،اختار نواب من المعارضة ومن الأغلبية ركوب جوادهم ، كل حسب هواه فمنهم من تحدث عن تقطيع يخص العمالات في الأقاليم الجديدة ومنهم من انصرف إلى التقطيع الإداري، ومنهم من ذهب مباشرة إلى التقطيع في الدوائر التشريعية التي ينبغي أن تتسع أو تقلص حسب المقاس، إما على خارطة حجم الساكنة أو تقليص المقاعد في قراءات تتجه إلى ضبط المشهد بناء على مفاهيم تسربت إلى الخطاب السياسي كمفهومي الهيمنة والتحكم، ومواجهة ذلك بالدوائر الكبرى أو تقسيمها في زمن « المحاصصة» الذي يحتاج اليوم إلى قراءة تصحيحية تنطلق من الدستور لضبط هذا الخلط . وأمام هذا الانزياح بالجلسة إلى مرافعات في غير موضوع السؤال، فضل وزير الداخلية التزام الصمت والاستغناء عن الوقت المتبقي في حصته الزمنية، وفي الصمت الكثير من التساؤل حول موضوع يحتاج التشارك الفعلي كي لا نسقط في ما أنتجته لنا الانتخابات الأخيرة من ارتباك عصف بروح القوانين التنظيمية الخاصة بالعملية الانتخابية برمتها. ولم يجتر الفريق الاشتراكي إلى نقط النظام التي تلت هذا السؤال حول التقطيع الانتخابي، انطلاقا من قناعته أن ليس بالخلط يمكن التأسيس للعمل التشريعي. مركزا على أسئلة حقيبته الأسبوعية في قطاعات الداخلية والعدل. وحول عدم تفعيل مقتضيات المادة 69 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، وجه عضو الفريق الاشتراكي، المختار راشدي، السؤال لوزير الداخلية محمد حصاد ،منطلقا مماعرفته العملية الانتخابية لرؤساء بعض المجالس الجماعية من خرق صارخ لمقتضيات المادة 69 بعد أن تم انتخاب مستشارين جماعيين مقيمين بالخارج، رؤساء للجماعات السالفة الذكر دون تفعيل مسطرة الإقالة في حقهم كما ينص على ذلك القانون، متسائلا، لماذا لم يتم إقالة رؤساء الجماعات المقيمين بالخارج تفعيلا لمقتضيات هذه المادة من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات وما هي الإجراءات والتدابير الاستعجالية التي ستتخذها الحكومة لتدارك ذلك؟ وفي جوابه، تهرب حصاد من عمق الإشكالية المطروحة والتي سجل الخرق بشأنها، معتبرا أن المادة غير واضحة وذات مدلول عام، وأن القانون لا يدققها.كما أن الأمر يحتاج إلى اشتغال مستقبلي لكي لا يظلم أي احد حسب قوله. وفي تعقيبه قال راشدي –بعدما طلب من الوزير الإنصات بإمعان- أن المتحدث عنه موضوع التساؤل والمقيم بالخارج عندما ذهب إلى الترشيح لعضوية المجلس، علاوة على الوثائق المطلوبة منه، طلب منه شهادة السجل العدلي، مسلمة من السلطة المختصة في بلد الإقامة، وأن المعني بالأمر أتى بهذه بالشهادة وترشح للرئاسة . وأضاف المختار الراشدي مخاطبا محمد حصاد، أن هذا تأويل خاطئ للقانون التنظيمي المشار إليه، وهو قانون شاركنا فيه جميعا. وفي تعقيب إضافي، أتم عضو الفريق الاشتراكي المختار راشدي ما تبقى من رده، مذكرا الوزير قوله بأن من لم ترقه الانتخابات فليتوجه إلى القضاء الإداري، قائلا :»اننا بالفعل ذهبنا للقضاء الذي حكم بعدم الاختصاص وأن الأمر من شأن السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية» ، متمما احتجاجه على الحكومة بالقول» نحن نعرف من تسترتم عليهم بوقوفكم دون تفعيل المادة69، وبالطرق المعلومة التي نعرفها جميعا». وفي تعقيبه ،اعتبر محمد حصاد كلام عضو الفريق الاشتراكي اتهاما، مؤكدا أنه هو شخصيا لا يعرف هذه الحالات، والداخلية في شخصه معروفة ولا تتستر على أحد، مكررا أن الأمر يتعلق بعدم الوضوح ،وأن عدم تطبيق المادة عائد إلى الحيلولة دون ظلم أي أحد. وفي التعقيب الإضافي للنائب سعيد بعزيز حول المخططات الإستباقية لمواجهة عزلة الساكنة بالأقاليم الجبلية النائية خلال المواسم الباردة، أشار بعزيز إلى أن مؤسسة محمد الخامس للتضامن خلال تدخلاتها تركز فقط على مناطق دون أخرى ,مؤكدا أنها حينما تتدخل على مستوى جبال بويبلان تقتصر على إقليم واحد فقط. والحال أن جبال بويبلان-يضيف عضو الفريق الاشتراكي- تمتد إلى إقليمجرسيف وأن جبال تازيزاوت وبوناصر المرتفعة والتابعة لبويبلان توجد في إقليمجرسيف ,وأن ساكنة سيدي عيسى تاماست ,تايدة ,ومنطقة تامجيلت وبني بويلول ,وبني مقبل هي مناطق معزولة خلال فصل الشتاء ,ومؤسسة محمد الخامس للتضامن لا تتدخل بها ,ملتمسا أن تشمل تدخلاتها كل المناطق الطبيعية التابعة لجبال بويبلان التي تعرف عزلة تامة. وباسم الفريق الاشتراكي وجه النائب البرلماني عبد الخالق القروطي السؤال في نفس القطاع لوزير الداخلية حول اختلالات أسواق الجملة، للخضر والفواكه ،والوضعية القانونية لوكلاء هذه الأسواق .واعتبر عضو الفريق العمل بنظام وكلاء أسواق الجملة أحد أهم معيقات إصلاح هذا القطاع الهام ، من منطلق أن هذا النظام يكرس منطق الريع بعيدا عن مبدأ تكافؤ الفرص و المساواة المنصوص عليهما في الدستور، و كذا الامتيازات الممنوحة للوكلاء خارج قواعد الشفافية والمهنية المطلوبة، فبالإضافة إلى عدم مباشرة العديد من هؤلاء للمهام المنوطة بهم، وعدم حضورهم اليومي إلى الأسواق وغيابهم التام عن تدبير هذا المرفق رغم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم،مؤكدا ما أثارته تقارير المجالس الجهوية للحسابات في الوضعية القانونية للوكلاء بالأسواق الذين يلجؤون إلى إنابة من ينوب عنهم ضدا على القانون ،وكذا الاختلالات الإدارية والمالية العميقة التي تشهدها هذه الأسواق. وطالب عضو الفريق الاشتراكي من وزير الداخلية الكشف عن الإجراءات و التدابير التي ستتخذها الوزارة لإعادة تنظيم و هيكلة هذا المرفق الحيوي الهام، للقطع مع ممارسات وكلاء أسواق الجملة، وتدارك كافة الاختلالات والاشكالات التي تعانيها هذه الأسواق و سوق الجملة بالرباط ،خاصة، و التي سبق لجمعية تجار سوق الجملة للخضر و الفواكه أن نبهت لخطورتها. وفي تعقيبه قال الوزير أن الكل يتفق أن نظام تسيير هذا المرفق الخاص بأسواق الجملة للخضر والفواكه متجاوز بشكل كبير، ويعود إلى أكثر من 60 سنة. مؤكدا أنه لا يمكن لهذا النظام أن يكون شفافا، لان الوكيل فيه هو الذي يقوم بكل شيء ومن الصعب تحقيق الشفافية فيه رغم ما يمكن للجماعات تقديمه من مجهودات في هذا الإطار، لهذا فالقانون التنظيمي الجديد جاء بإمكانية عصرنة هذا القطاع بتدخل شركات إما خاصة أو عامة. وفي تعقيبه أعطى عضو الفريق الاشتراكي نموذجا من الرباط، الذي تقر فيه الوزارة سوء التدبير، مؤكدا أن هناك ضحايا هم عمال مياومون و»حمالة أثقال» وتجار صغار لا يتوفرون على تغطية صحية ووضعيتهم مزرية ، ناهيك عن الغموض الذي يلف مستقبلهم في مهنة لا يتقنون غيرها. وساءل عضو الفريق الاشتراكي لحسن بونواري وزير الداخلية حول تدخل القوات العمومية لقمع التظاهرات والاحتجاجات السلمية ،مؤكدا في البدء على ما قام به وزير العدل من « ذر الرماد في العيون» «بإصدار منشور لوكلاء الملك تم تعميمه عن نطاق واسع يقول فيه أن التظاهر السلمي لا يشكل إجراما»،ولكن بعدما أدى المنشور مهمته، بدأ الواقع يفضح قمع الوقفات الاحتجاجية بشكل واسع ،حيث تلجأ عناصر الأمن إلى استعمال القوة المفرطة والاعتداءات العشوائية والغير المبررة والسب والقذف في حق المشاركين في هذه التظاهرات والوقفات، وأحيانا منع الصحافيين ومصادرة بعض الهواتف قبل مسح محتواها وإرجاعها لأصحابها. الأمر الذي بات يشكل تراجعا خطير عن المكتسبات الحقوقيات وخرقا سافرا لحقوق الإنسان ومقتضيات دستور 2011، الشيء الذي يمس بالفعل بسمعة المغرب ، متسائلا عن الإجراءات المتخذة لضمان عدم تكرار مثل هذه التدخلات غير المبررة . لكن جواب حصاد كان مفاجئا ولم يكن في أفق انتظار النواب والمتتبعين، حيث اعتبر ما يقوله عضو الفريق الاشتراكي دربا من الأحلام وأن سماع قمع المتظاهرين، يحيله على بلد غير المغرب، معترفا بقمع القليل من المتظاهرين مؤكدا أن قوات الأمن تتدخل «باحترافية كبيرة جدا». الشيء الذي رد عليه لحسن بونواري بتعقيب مأخوذ من طريقة رد الوزير قائلا:» هؤلاء الذين عُنفوا بالضرب والقمع أمام البرلمان وفي الجامعات والكليات ومختلف الأحداث،ربما كانوا يحلمون... ولهذا السيد الوزير فالواقع لا يرتفع فهناك ممارسات يجب أن تعملوا على الحد منها «. وحول الإجراءات والتدابير التي ستتخذها الحكومة من أجل التنزيل السليم للدستور، واحترام استقلالية السلطة القضائية، ساءل عضو الفريق الاشتراكي نبيه شعيب وزير العدل حول موضوع التضييق على القضاة، مسجلا القلق البالغ والمتزايد من التراجعات الخطيرة في قطاع العدل الأساسي على أكثر من مستوى، منبها الحكومة في شخص مصطفى الرميد إلى ما سجله نادي قضاة المغرب في حدوث العديد من الخروقات التي مست شفافية المساطر والأبحاث القبلية للمتابعات التأديبية، من خلال مصادرة الحريات الأساسية للقضاة وخاصة حرية التعبير العلني، والمتمثلة أساسا في عدم توجيه استدعاءات تتضمن موضوع الاستماع، ناهيك عن عدم انصرام الأجل المعقول بين تاريخ الإشعار وتاريخ أول جلسة للاستماع،واستدعاء القضاة للمفتشية العامة يوم انعقاد الجلسات المكلفين بها عن طريق الجمعية العامة للمحاكم؛وعدم تمكين القضاة المستمع إليهم من الإطلاع عل وثائق الملف وأخذ نسخ من المحاضر المنجزة بعد التوقيع عليها ... إلخ.اعتبارا لكون الأبحاث التي تباشرها المفتشية العامة في قضايا معينة، تشكل تدخلا في استقلال القضاء والسلطة القضائية بشكل عام، أضاف عضو الفريق الاشتراكي إلى تساؤلاته الموجهة مخاطبا الرميد:» - ألا تشكل الأبحاث التي تباشرها المفتشية العامة لوزارة العدل والحريات في قضايا معينة، تدخلا في استقلال القضاة والسلطة القضائية بشكل عام؟ وفي رده قال الرميد، الإصلاح يستهدف جميع مكونات العدالة، يستهدف أولا ،خدمة المواطن المغربي ،مطمئنا القضاة إلى كون حقوقهم مضمونة في قدرتهم على القيام بواجبهم على أحسن وجه.مؤكدا أن هناك صعوبات ولكنها طبيعية في مباشرة أي حكومة للإصلاح.