يعتبر التصويت مؤشرا كبيرا على مشاركة المواطن في الشأن العام. "أصوتُ" ،يعني أنني أمارس حقي في المواطنة. وهو حق أكثر تعبيرا عن مواطنتي وارتباطي بوطني ، بحاضره وبمستقبله. إن المشاركة في الانتخابات مطلب للجميع، فهو حق للمواطن وواجب يقع على عاتقه، ويجب عليه أن يصوت، لأنه قبل كل شيءيعبرعن الحرية السامية ويمارسها ليس لكونه فقط مسجلا ولكنه يمارسها لاقتناعه أن له مكانة و رأيا في المسلسل عامة، هذا المسلسل، الذي ضحت الشعوب كثيرا للوصول إليه.فهو يعبر ويمارس حقا من حقوق الإنسان، ويفتخر بذلك ويترك كل ما يشغله ويذهب للتعبير عن رأيه لاختيار من ينوب عنه، إنه تعبيرعن وعي متقدم لدور أساسي للمواطن في تقدم مجتمعه وفي مسلسل التغيير. تعتبر عملية الانتخابات أحد المكونات الرئيسية لنظام الديمقراطية التمثيلية، فمع استحالة ممارسة الديمقراطية المباشرة التي يتم بمقتضاها مشاركة جميع المواطنين في اتخاذ القرار، ظهر مفهوم "التمثيل" الذي يشير إلى قيام المواطنين بالتعبير عن مصالحهم وتفضيلاتهم من خلال انتخاب ممثلين لهم في المجالس النيابية على المستوى المحلي أو الجهوي أو الوطني العام، ومع تبلور مفهوم التمثيل، أصبح من الضروري الاتفاق على القواعد والإجراءات التي يتم وفقها "انتخاب" الممثلين عن جمهور المواطنين. لم يكن هذا الأمر سهلاً أو يسيراً، والمبدأ الساري اليوم هو"مواطن واحد له صوت واحد" والذي استقر عبر نضالات سياسية واجتماعية طويلة. فعلى سبيل المثال، لم يكن حق التصويت متاحاً للجميع، وإنما ارتبط تطبيقه بعدد من القيود: منها قيد الثروة أي ربط الحق في التصويت بنصاب معين من الملكية (الأراضي أو العقارات) أو الدخل، ومنها ربطه بحصول الإنسان على قسط من التعليم كما كان عليه الأمر في حالة الدستور الأمريكي ودساتير كافة الولايات عند الاستقلال، وكان التبرير "الليبرالي" لهذا القيد هو أن حق التصويت ينبغي قصره على الذين يستطيعون التعبير عن مصالح الشعب وحمايتها،.وإن الملكية أو الثروة هي التي تربط الإنسان ببلده، وأن الأغنياء الذين يدفعون الضرائب ويتحملون الأعباء العامة هم الأكثر قدرة على التعبير عن مصلحة المجتمع. لكن اليوم الأوضاع تغيرت وبفضل الانتخابات ،يسمح للمواطن بالتمثيل في المؤسسات الدستورية، وهو عقد يربط الناخب بالمترشح عن طريقه يحصل المترشح على ولاية زمنية لتمثيل هذا الناخب مقابل أن يقبَل أن يقدم الحساب لفترة تحمله مسؤولية تمثيل هذا الناخب. والانتخابات أصبحت وسيلة متميزة للتواصل بين المحكومينوالحاكمين. وهي أحسن طريقة يتم من خلالها اختيار وتفويض الأمر لمسؤولين عن التدبير سواء على المستوى المحلي الوطني أو الجهوي، حيث إن السلطة تمارس عن طريق إرادة الشعب. إذن فالتصويت الديمقراطي،آلية أساسية عن طريقه يعبر الشعب عن ارادته، وعن اختياراته، وعن حكومته وعن نمط عيشه ولكن أيضا على نمط تفكيره وتصوره للمجتمع الذي يريد العيش فيه كجيل وللأجيال اللاحقة من بعده.