كشف إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن هذه المؤسسة الوطنية تابعت مجمل الأحداث التي شهدتها البلاد في الأسابيع الأخيرة، والتي لاتزال تفاعلاتها مستمرة، ومكنت من إثارة النقاش مرة أخرى عن قضايا الحريات الشخصية والحق في التعبير والحق في الإبداع وتدبير الاختلاف، وحماية النساء في الفضاءات العمومية واحترام كرامتهن، ودور مؤسسات الدولة في حماية القانون، وأنه قد تقرر على إثرها تشكيل فريق عمل عهد إليه بإعداد تقرير خاص حول كل الحالات. وقال ادريس اليزمي «لم تعد ولاية المؤسسات المهتمة بحقوق الإنسان بالبلاد مرتبطة حصريا بالحماية والنهوض في شكلهما الكلاسيكي، إذ أن الديناميات المرافقة للتحولات العميقة التي يشهدها المغرب، وحجم الانتظارات المواطنية داخل هذا المجتمع لتوطيد الديمقراطية، تحتم على هذه المؤسسات إعمال التفكير للمساهمة في سياسة عمومية لحقوق الإنسان تتسم بالنجاعة.» وحدد اليزمي، الذي كان يتحدث في افتتاح الدورة العاشرة العادية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان المنعقدة يوم الجمعة الماضي بالرباط، هذه المساهمات في ثلاثة عناصر كبرى، الأول يتمثل في المساهمة في وضع منظومة تشريعية وطنية متلائمة مع دستور البلاد ولتطور المجتمع ومطابقة لقواعد العدل والإنصاف، ومتلائمة مع مقتضيات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، والثاني يتجسد في إشاعة ثقافة حقوق الإنسان وتملكها من قبل الدولة والمجتمع وتعزيز قدرات المتدخلين، وتعزيز آليات الوساطة والتأطير المجتمعي والتدبير السلمي للاختلافات، والثالث ينحصر في إحكام التنسيق والتعاون بين كل المؤسسات ذات الصلة بحقوق الانسان، وتقاسم الأدوار والمسؤوليات في ما بينها بما يحقق الأهداف المشتركة، ويحفظ استقلالية كل مؤسسة على حدى. وذكر اليزمي بنفس المناسبة أن البلاد مقدمة على تحديات هامة ومصيرية تستوجب تعبئة كل الطاقات، بغية استكمال المسار الإصلاحي وتوطيده عبر استكمال الورش التشريعي في الآجال المحددة دستوريا وبالجودة المطلوبة، وذلك من خلال إخراج مختلف القوانين التنظيمية والقوانين العادية. وأكد رئيس المجلس الوطني أن من بين هذه القوانين التنظيمية، تلك القوانين ذات الصلة بإصلاح منظومة العدالة وإخراج القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، وكذلك الأمر بالنسبة للتشريع الجنائي والمدني، ثم إخراج القوانين ذات الصلة بحماية حقوق النساء وخاصة منها القانون المحدث للهيأة المكلفة بالمناصفة، ومكافحة كل أشكال التمييز، وقانون مكافحة العنف ضد النساء بالإضافة الى إخراج القانون الإطار المتعلق بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، فضلا عن إخراج كل القوانين ذات الصلة بممارسة الحريات العامة (الجمعيات، التجمعات العمومية، التظاهر السلمي والصحافة) حتى تكون متلائمة مع الضمانات الدستورية، والالتزامات الدولية. ودعا اليزمي في السياق ذاته الى استكمال إصدار القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور، خاصة منها تلك المتعلقة بالحق في تقديم العرائض والملتمسات والحق في ممارسة الإضراب والحق في الوصول إلى المعلومة، وإخراج القوانين التنظيمية ذات الصلة بتكريس الطابع الرسمي للأمازيغية، وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة. أما بخصوص استكمال البناء المؤسسي، فالمجلس يتطلع إلى التسريع بإحداث المؤسسات المنصوص عليها دستوريا والتي من شأنها تعزيز وتقوية الديمقراطية التشاركية والمشاركة المواطنة، ويتعلق الأمر بالمؤسسات المعنية بالمناصفة ومكافحة التمييز والشباب والعمل الجمعوي واللغات والثقافة المغربية والأسرة والطفولة، وكذا اعتماد قوانين جديدة للمؤسسات القائمة بما فيها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ومجلس الجالية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وأوضح اليزمي أن هذه الدورة العاشرة التي تشارف نهاية الولاية الحالية للمجلس بعد أربع سنوات من العطاء، ستنكب على مدارسة مذكرة متعلقة بمشروعي القانونيين التنظيميين المرتبطين بممارسة الحق في تقديم الملتمسات، والحق في تقديم العرائض وتقديم مشروع تقرير المجلس السنوي برسم سنة 2014، ومشروع تقرير المجلس الموضوعاتي حول مساواة النوع.