انتهت العطلة بكل مضامينها وعاد الجميع الى الحياة العملية. قطاع التعليم وقع رجاله ونساؤه على العودة الى الفصول في انتظار أن يضع هذا القطاع الحيوي المهم وأساس نهوض الأمم، قاطرته في سكة الإصلاح بما يحقق إقلاعا علميا يفيد في نهوض أمة المغرب من واقع التخلف والجهل، وخاصة في المجالات العلمية والتقنية التي نحتاجها في كل نهضة منشودة وكذا في باقي القطاعات الاجتماعية وغير الاجتماعية. لكن ولأن المناسبة شرط، فحتى رجال ونساء السياسة عادوا ومنهم من أعيد من العطلة لمباشرة الشأن العام الوطني والمحلي في ظل سنة تعرف عادة بأنها سنة الاستعداد لما بعد الخماسية البرلمانية، حيث يجري الاستعداد لسنة انتخابية تمثل في الدول الديمقراطية مدخلا لتعزيز برنامج وتجديد الثقة أو إعادة بعث برنامج حكومي جديد بأغلبية جديدة. لكن الحقل السياسي المغربي لا يشي بشيء من ذلك، فحتى قواعد اللعبة الانتخابية مازالت مثار نقاش، بل مطلبا إصلاحيا والمبرر هو نفسه كيف نتجاوز العبث والتزوير وشراء الذمم والوصول الى قواعد صارمة دون الانتباه الى أن الفاعل الرئيسي الذي هو الناخب هجر صناديق الاقتراع، واكتفى بالفرجة من جديد على مباراة مملة ، جزء منها مزور ومتحكم فيه من قَبلُ، رغم كل محاولات «الماكياج» التي يسعى البعض الى ذرها في وجوهنا عبر محاولة شرعنة أحزاب سياسية مازالت لم تقطع بعد حبلها السري مع الادارة التي صنعتها، وخلق أحلاف لا يجمع بينها سوى الحبل السري إياه وهو ما أفقد السياسة معناها كآلية لإنتاج النخب، والتعبير عن تطلعات المجتمعات، بل وتجسيدها وممارستها كحق للشعب الذي يختارها. وضع جعل الأحزاب «بحال بحال» ورجح كفة أصحاب الاموال التي لم يسألهم أحد من أين أتوا بها، ومن استغل البؤس والفقر الذي صنعه أصحاب الاموال أنفسهم... سياسة تقهر الناس مرتين: حين إفقارهم وحين استغلال فقرهم. إن كل وطني صادق لابد أن يضع يده على قلبه من الفراغ الذي يتجذر في السياسة المغربية اليوم، إذ يتوارى الوطنيون خلف عقيدتهم الوطنية وحبهم للوطن رغم جراحهم وآلامهم ، ليتقدم السياسة اليوم أناس ما أنزل الله بهم من سلطان، ولم يسبق أن كانوا في أية لحظة غير نكرات في الوطن. إن مغرب الجهوية الموسعة ومغرب استكمال طي ملف صحرائنا والتنمية الشاملة يتطلب مواجهة الحقائق، اعتمادا على القوى الوطنية الحقيقية، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.