خاضت النقابة الوطنية للتعليم العالي بكل مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث (15 جامعة وأكثر من 175 مؤسسة) إضراباً وطنياً إنذارياً يوم أمس الأربعاء 17 فبراير . وقد تميز هذا الإضراب بانخراط كبير ومتميز بمسؤولية ووعي تامين للسيدات والسادة الأساتذة الباحثين ، بفضل التعبئة والمسؤولية التي اتسم بها عمل كل الأجهزة المحلية والجهوية والوطنية. وسيدعو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي اللجنة الإدارية في دورة استثنائية يوم الأحد 7 مارس 2010 لتقييم المرحلة واتخاذ المواقف المناسبة لتطور مسار هاته الملفات. و بهذه المناسبة كان للجريدة الحوار التالي: - هل لكم أن توضحوا لنا أسباب هذا الإضراب الذي تخوضه النقابة الوطنية للتعليم العالي؟ - بخصوص الأسباب التي دفعت إلى اتخاذ هذا القرار الذي نتخذه في النقابة الوطنية للتعليم العالي ونحن مضطرون ومكرهون لأننا نعي كل الوعي انعكاساته وسلبياته. لكن هذا الأمر لا يكفي لأنه على الحكومة أن تعمل كل ما في وسعها على تجاوز أسباب الإضراب بالعمل بشراكة تامة مع النقابة الوطنية للتعليم العالي ،يمكن أن نجملها في ما يلي : منذ الاتفاق الذي حصل بين السيد وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي والصادر بشأنه بلاغ مشترك يوم 30 يونيو 2009 والذي جددت الوزارة الوصية تأكيدها على الالتزام بمضمونه يوم 5 نونبر 2009 ونحن نتصل بمصالح الوزارة الوصية للتسريع بإنجاز ما تم الاتفاق بشأنه وبالفعل تم ذلك واتخذت الوزارة الوصية التدابير المرتبطة بكل هاته الملفات وبعد أن تأكدنا من ذلك وتبين لنا بالملموس بأن القطاع الوصي ملتزم التزاماً تاماً بتنفيذ ما تم الاتفاق بشأنه مع النقابة الوطنية للتعليم العالي في حين هناك تعثر وتأخر في معالجة ملفات السيدات والسادة الأساتذة الباحثين على مستوى قطاعات أخرى وهذا تذكير ببعض الملفات: 1- ملفات الترقية لسنة 2006 وتحديداً جزء كبير من السريع تأخر معالجتها وتصفيتها بوزارة المالية مع ضرورة تصفية ترقيات سنوات 2007-2008-2009 خلال هاته السنة. 2- مجموعة من قرارات حملة الدكتوراه الفرنسية متعثر تصفيتها بوزارة المالية. 3- ملف استرجاع 6-9 سنوات بالنسبة لحملة دبلوم الدراسات العليا أو دبلوم مهندس الدولة متأخر في معالجته من قبل الحكومة 4- حل مشكل المجنسين ويتعلق الأمر بسبع حالات يعاني أصحابها من حيف غريب من نوعه 5- مشروعا مرسومي الانتماء والمهام الخاصين بنقل المدارس العليا للأساتذة إلى الجامعات الذي تأخرت مصادقة مجلس الحكومة عليهما. 6- مشروع مرسوم الثلاث سنوات اعتبارية الذي يتعثر بسبب موقف وزارة المالية منه وهو بالمناسبة يعني 360 أستاذاً باحثاً تقريباً. 7- تعميم سن التقاعد في سنة 65 اختيارياً على كل الأساتذة الباحثين. 8- مشكل الأساتذة الباحثين المنتقلين من وزارة الثقافة إلى التعليم العالي استجابة لمطلب النقابة الوطنية للتعليم العالي. 9- مشكل السنة السباعية الذي صدر بشأنه مرسوم ولا يفعل في أغلب المؤسسات إن لم نقل كلها. 10- الوضعية القانونية للكليات المتعددة التخصصات والمدارس العليا للتكنولوجيا التي تحرم الأساتذة الباحثين بها من ممارسة البحث وإعداد الدكتوراه 11- وضعية المراكز التربوية الجهوية ومركز تكوين المفتشين والأساتذة الباحثين بها مع المطالبة بإخضاع هاته المؤسسات لكل مواد القانون 01.00 بمؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعات. 12- معالجة ملف أساتذة التعليم الثانوي والمتصرفين والمهندسين العاملين بمؤسسات التعليم العالي والذين يمارسون مهنة التدريس والبحث بها والحاصلون على الدكتوراه - إلى ماذا تهدف النقابة بخوضها هذا الإضراب - إن النقابة الوطنية للتعليم العالي بخوضها لهذا الإضراب الوطني الإنذاري تريد إثارة انتباه المسؤولين إلى : - حالة الاستياء الشديد التي تعم أوساط الأساتذة الباحثين وإلى خطورة ورهانات المنعرج الذي يوجد عليه التعليم العالي والبحث العلمي في بلدنا وإلى الرهان والتحدي المطروحين علينا جميعاً (حكومة ونقابة ) لجعل التعليم العالي والبحث العلمي قاطرة حقيقية للتنمية الأكاديمية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية والبشرية. - الوضعية غير الطبيعية التي تعيشها بعض المؤسسات جراء تهور بعض مسؤوليها (وجدة، تازة، الدارالبيضاء، القرويين ) إعمالاً لمبدإ استقلال الجامعة. «الحق الذي يراد به الأباطيل» نظراً للثغرات التي يعرفها القانون 01.00. لذلك نتمنى أن تستجيب الحكومة لمطالب السيدات والسادة الأساتذة الباحثين التي نعدها قضايا في طور الإنجاز لننكب جميعاً على التفكير وإيجاد حلول مناسبة (نقابة ووزارة) لما يعرفه التعليم العالي من مشاكل - ما هي مآخذ النقابة علي بعض الجامعات؟ - ما يقع اليوم ببعض المؤسسات من تصرفات لا مسؤولة ولا تربوية ولا علمية ولا علاقة لها بالأستاذ الباحث، فنذكر أن المسؤولين اليوم على الجامعات والمؤسسات هم أساتذة باحثون. لكن تصرفات بعضهم لا علاقة لها بالأستاذ الباحث ودعني أخبرك بما يقع اليوم بجامعة القرويين مثلاً التي تعيش خارج تاريخ الإصلاح الجامعي : - رئيس بالنيابة لأزيد من 9 سنوات وهو نفسه عميد كلية الشريعة فاس 10 سنوات. - عميد كلية اللغة مراكش لأكثر من 18 سنة. - عميد كلية الشريعة أكادير بالنيابة. - عميد كلية أصول الدين بتطوان متقاعد ومسؤول. - انقسام جغرافي بتباعد المدن الجامعية فاس، مراكش، تطوان، أكادير. - عميد يعمل على إقفال الكلية على الطلبة والأساتذة الباحثين والإداريين في سابقة خطيرة من نوعها. كيف يسمح مسؤول لنفسه بإغلاق مرفق عمومي في وجه من بنيت لهم هاته المؤسسة. إنه قرر تعطيل كلية بكاملها في تغييب تام للقانون وللأعراف. إننا نستنكر وندين هذا التصرف اللامسؤول واللامعقول. إنه العبث بعينه. لا يمكن لمسؤول عن مؤسسة للتعليم العالي أن يفعل مثل هذا الأمر مهما كانت الأسباب. نحن أهل العقل والحوار والنقاش نربي الأجيال، نعلمهم، نلقنهم، نحن المثل. فكيف يجوز مثل هذا ؟؟ وأخبرك بما يقع بمدينة وجدة : الأساتذة الباحثون بكلية الطب والصيدلة في إضراب مفتوح. ومسؤولون يجرون هاته الخيوط أو أخرى بحسابات معلومة ومشاكل بكلية الحقوق. وفي سابقة من نوعها عمداء ومدير ينشرون خلافاتهم مع الرئيس على أعمدة الجرائد الوطنية وأساتذة يكذبون وآخرون يؤيدون والطلبة يضيعون. إنه العبث !!! ولك قصة مسؤول آخر يلجأ إلى عون قضائي ليسائل الأساتذة الباحثين ومسؤول بتازة يصعب التواصل بينه وبين الأساتذة الباحثين... - ما هي تخوفاتكم علي مستقبل الجامعة المغربية؟ - يغيب الحوار والنقاش والإقناع والحجة وكل ما يرتبط بما تعلمناه في الجامعة المغربية وغيرها. بل تغيب أخلاق الباحث... إن ما تعرفه بعض مؤسسات التعليم العالي يدق ناقوس الخطر على مصير تعليمنا العالي بالمغرب. لذلك وجب أن ننكب جميعاً على الجواب على أسئلة نذكر منها : 1- أي تعليم عال نريده لمغرب القرن 21 ؟ 2- أي مشروع مجتمعي نشتغل عليه لمستقبل الأجيال القادمة ؟ 3- جغرافية التعليم العالي ببلادنا اليوم والغد. فهل نحتاج إلى 15 جامعة كما هو حاصل اليوم ؟ وهل نحتاج لجامعتين بمدينة الرباط ؟ وهل نحتاج لجامعات بمسافة 40 إلى 100 كلم بينها وبين مثيلاتها ؟ هل من الضروري إتباع سياسة المراكز الجامعية التي أبانت عن فشلها في تجارب دولية ؟ وما يترتب عنه من انعكاس يمس القدرات المالية والبشرية والجغرافية حتى نتمكن من خلق جامعات قوية بإمكاناتها المالية والبشرية والعلمية حاضرة في المسار التكنولوجي والعلمي على المستوى العالمي. 4- أي مؤسسات للبحث وبأي تأطير حتى نكون في مقدمة الدول العالمة ؟ 5- كيف يمكن تجاوز المراتب المتأخرة للمغرب من جراء صعوبة ظروف البحث العلمي وشروطه وتحفيز الباحثين تحفيزاً حقيقياً ؟ 6- كيف يمكن تقدم التعليم العالي والبحث العلمي بمساطر مالية معقدة وبطيئة ؟ 7- أي لغة للعلوم في التعليم العالي والبحث العلمي ؟ 8- هل نريد جامعة مغربية بتكوين أكاديمي يساهم في تكوين الإنسان المغربي الباحث العالم، صاحب المبادرة، المؤطر، المؤثر، المنتج، المفكر في قضايا العصر والوجود والكون والتكنولوجيا والأنطلوجيا والابستمولوجيا والعلوم والإنسان بكل أبعاده البشرية والكونية أم نريد جامعة للتكوين المهني بظروف وشروط الثانويات التقنية أو أقل ؟ وقضايا أخرى مما لا يسع المجال لذكره، إنها أسئلة وأخرى حارقة تحملها النقابة الوطنية للتعليم العالي وتحمل بعضاً من الأجوبة عليها بل إننا مستعدون للاشتغال بشراكة تامة مع الوزارة الوصية لإيجاد الصيغ الملائمة لكل الأسئلة التي تشغل بالنا وبال المسؤولين على التعليم العالي والبحث العلمي. - ما هي كلمتكم الأخيرة؟ - قبل الختام دعني أقول لك وللرأي العام عبرك وعبر الجريدة إن ما قلته اليوم بشأن التعليم العالي والبحث العلمي ببعض المؤسسات لا يعني أن هذا الأمر معمم على كلها. بل إن الوضع في أغلب مؤسسات التعليم العالي غير ذلك إذ فيه أساتذة باحثون ومسؤولون علماء ومفكرون أجلاء بأخلاق عالية ليس فيها أنانية بل فيها تضحيات جسام بوقتهم ومصالحهم الشخصية وعائلاتهم وحبهم لهذا الوطن الذي نريد له جميعاً التقدم والخير لأن في خيره خيرنا وتقدمه تقدمنا وازدهاره ازدهارنا وإشعاعه إشعاعنا. إنه وضع مفيد لأبنائنا وأبناء أبنائنا وكل الأجيال القادمة. وفي آخر كلمة أقول إن النقابة الوطنية للتعليم العالي لا ترغب في خوض أي إضراب. إنها اضطرت لذلك، وأتمنى أن لا نضطر مرة أخرى لممارسة هذا الحق. لأن مشاريعنا الوطنية والدولية أكبر من ذلك وهذا رهين بمدى استجابة الحكومة للطي النهائي لملفات عددناها جميعاً (نقابة ووزارة وصية) في طور الإنجاز منذ 30 يونيو 2009. وفي الختام أوجه تحية خاصة لكل أعضاء المكاتب المحلية والجهوية والمكتب الوطني واللجنة الإدارية وعبرهم إلى كل السيدات والسادة الأساتذة الباحثين على انخراطهم الجدي في الإضراب بوعي وبمسؤولية وعلى نقاشاتهم العميقة في التجمعات المحلية والجهوية لقضايا التعليم العالي والبحث العلمي بمؤسساتنا وللنظام الأساسي والترقية وغيرها من الملفات التي تؤرقنا جميعاً. كما أوجه شكراً خاصاً باسم النقابة الوطنية للتعليم العالي إلى كل وسائل الإعلام على متابعتها واهتمامها وانشغالها بقضايا التعليم العالي والبحث العلمي بالمغرب.