صدرت للزميلة بديعة الراضي رواية جديدة اختارت لها عنوان «غرباء المحيط»، وهي رواية مستوحاة من واقع مغربي صرف، يعكس أزمة وجود من خلال شخوص روائية مأزومة. وهي تجربة جديدة في مسار الزميلة بديعة الراضي، بعد أن سلخت سنوات من العمل في مهنة المتاعب، مما أنضج لديها حسا نقديا للقضايا الإجتماعية، مؤطرة بتجربة سياسية رصينة ضمن صفوف اليسار المغربي. في إحدى مقاطع تلك الرواية نقرأ: « ركبنا الباخرة بعد إجراءات المرور المعقدة، المسافة بيننا وبين اسبانيا تتقلص عندما تهدأ أمواج المتوسط، لم يكن على ظهر الباخرة ركاب كثيرون، هؤلاء تركناهم هناك قرب الميناء يتصيدون فرصة الهجرة سراً إلى اسبانيا. كانت عيونهم جد يقظة، يلتفتون يمينا وشمالاً، وكأن الفضاء يضيق بهم، قال أحدهم كان على مقربة من مدخل الميناء وهو يتحدث إلى صديقه: ميناء طنجة، اصبح محضي، علاش أصحبي مانحاولوش في باب مليلية... أجابه صديقه: هاذو ولاد لحرام سادين علينا مزيان، وحارمينا حتى من سبتة ومليلية اللّي هي بلادنا... أشوف أخويا ماينفع في هاذ شي غير حراك صحيح... هؤلاء حالمون بمستقبل أفضل، إنهم آتون من جنوب مضطهد، لا يحملون في ذاكرتهم الصغيرة إلاّ كل شيء سيء عن وطنهم، الحرمان، البطالة، القمع، الظلام، رغم شمس الجنوب الجميلة... تذكرت في السنة الماضية عندما حملتني غيرتي على أهل الجنوب إلى باب مليلية، لأتضامن مع إخواننا الأفارقة الآتين من جنوب الصحراء والذين زحفوا بالآلاف من أجل الهجرة سرا إلى الشمال، فارون من الجوع والفقر والمرض، بشرتهم السمراء تميزهم عن بشرة أهل الشمال البيضاء، عيونهم حمراء دامعة، وبطونهم ملتصقة مع ظهرهم، كانوا بدون أحذية وقليل منهم ينتعلها، نظراتهم حادة، هجموا على السياج الحديدي وهم يصيحون: إننا أصحاب حق».