كان مستحبا أن يسمى الفيلم "بلطية و البحر" لمخرجه على رجب وهو فيلم مصري مشارك في الدورة الثانية عشرة لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة مدته ساعة وثلاثة وثلاثون دقيقة ومن سيناريو بلال فضل وتمثيل علاء مرسي، عبلة كامل، مي كساب، سعيد طرابيك، إدوارد، سامي العدل، شوقي شامخ، عطف عمار... والقصة محلية وجهوية وعالمية يعيشها معظم سكان العام وخاصة البلدان الفقيرة والنامية والمتمثلة في بطش المستثمرين غير النزهاء والمتعطشين للربح السريع والوفير على حساب الضعفاء والمساكين للاستيلاء على أراضيهم ومساكنهم ومصادر رزقهم وخاصة وأنها في مواقع جميلة وجذابة تطل على البحر وتعطي أرباحا مهولة إن استطاع المستثمرون الحصول عليها. ويستعمل هؤلاء الذئاب والثعالب جميع الوسائل اللائقة وغير اللائقة للحصول على هذه الممتلكات كالإغراء بأثمنة باهظة (ولكن لاتساوي الثمن الحقيقي للأرض) ولكنها مغرية بالنسبة للمالك الفقير، كالتهديد بشتى الوسائل والمعاملات الوحشية والعنيفة لإخلاء المساكن ووسائل أخرى.... والقصة قصة امرأة مع زوجها ومع أولادها ومع أختها ومع والدتها ومع جيرانها وسكان حومتها. فهي الزوجة الوفية لزوجها بعد غيابه الطويل وهي الأم الحنون العطوف على أبنائها وعلى جيرانها. وهي المرأة المكافحة المناضلة المحترمة لمبادئها السامية الجامعة لعائلتها وأولادها. والأخت الطامحة لما هو أحسن المتمردة العاشقة للمال والجاه ولو بطرق غير سليمة وحرام. الابن الفحل/الرجل الابن العربي الرجل العربي الذي يحكم ويتحكم في الجنس الآخر (الأخت والخالة) ويصرخ في وجوههن. حكايات حب متشعبة ومعقدة تجمع بين أفراد العائلة والحارة والمدينة بأكملها. المستثمر الرجل الشرير (ولكن ليس كل المستثمرين أشرار) الذي يريد أن يستولي على المكان بجميع الوسائل. حاول الوساطة، الرشوة، العنف بجميع مراحله، تلفيق التهم والحبس. وهنا نلاحظ لقطات في الفيلم تذكرنا بالعهود السياسية التي كانت ولازالت (ولو بشكل اقل) مسيطرة على الشعوب وخاصة شعوب العالم الثالث وهو القهر والاختطاف والتعذيب وخاصة فيما يتعلق بأمن الدولة وبأمن الطبقة الحاكمة ولا يمكنهم أن يعتبروا أن المرأة مسالمة تريد أن تشكو آلامها ومصائبها على الحاكم الأكبر لان المعاملة التي لقتها من رجال الدولة ورجال المكاتب لم تجد ولم تأت بنتيجة. المصور/الفنان لعب دورا مهما في الفيلم فهو مثال للفنان بصفة عامة فدوره غير واضح استغل المرأة لاقتناء صور مقابل مال، ساعدها في محنتها للخروج من السجن. رافقها وحدثها وارتاحت له. حقق مبتغاه الذي يطمح له وهو معرضا، حضره وزراء وشخصيات مهمة وانتظرت أن تكون الهدية مادية لأنها السبب في نجاحه ولكنها أصيبت بالخيبة بقلب كبير ونفس مطمئنة لايساورها الشك بان الله سيفتح أبوابا كثيرة عندما ينسد باب وان رحمته واسعة وان عطفه كبير. وحتى بعد دهم بيتها بكت ونحت وولولت وسخطت ولكنها في الأخير سكنت واطمأنت . وهروبها دائما إلى البحر فاللقطة جميلة وراقية ورهيبة ومؤثرة فالبحر واسع وجبار. وجغرافيا يشغل البحر مساحة من سطح الأرض اكبر مما تشغله اليابسة وهو موطن للملايين من الكائنات وتعيش في البحر حيوانات ونباتات من مختلف الألوان والأحجام. ويعتبر البحر مصدر عيش ورزق وطعام البشر ويلتجأ الناس إلى البحر للاصطياف والتمتع و إلى الاستلقاء والاسترخاء أو إلى الكتابة والحصول على الوحدة. وهروبها إلى البحر دلالة كبيرة إلى اتجاهها نحو الأعظم الجبار نحو مصدر الرزق والقاهر للسفن والمراكب. واللقطة جمالية المكان وجمالية الزمان وجمالية الوجه بعد غسله. وطلب الأم وهي في اللحظات الأخيرة من حياتها وفي سيارة الإسعاف أن تلقي نظرة على البحر لدالة على أهمية شخصية البحر. والصورة الوحيدة للأم في الفيلم صورة أساسية و معبرة. وأصبح البحر الشخصية البطلة في الفيلم بأمواجه ومراكبه الفقيرة (الصيادين) والفاخرة (المستثمرين) بحفلاته وأفراحه وبمصائبه وانتصر البحر في الأخير الدكتور بوشعيب المسعودي خريبكة 24 يوليوز 2009.