واصل الاف المتظاهرين العراقيين المناهضين للحكومة والتدخل الإيراني، التجمع في ساحة الاحتجاج رغم مقتل 24 شخصا في بغداد على أيدي مسلحين مجهولين، ما يثير مخاوف من تصاعد العنف في البلاد. وبعد وقت قصير من مقتل هؤلاء، استهدفت طائرة مسي رة في النجف بقذيفة هاون منزل رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الداعم للمتظاهرين المناهضين للسلطة. وشن مسلحون مجهولون هجوما على المتظاهرين في بغداد وسيطروا لفترة وجيزة على مبنى يحتلوه منذ أسابيع قرب جسر السنك، ما أسفر عن مقتل 24 شخصا على الأقل بينهم أربعة من القوات الأمنية، وإصابة أكثر من 120 بجروح، بحسب ما أكدت مصادر طبية لفرانس برس. وأشار شهود إلى أن المسلحين دخلوا المبنى وأطلقوا النار منه باتجاه جسر السنك حيث تتمركز القوات الأمنية. وأطلق المتظاهرون على الهجوم اسم "مجزرة السنك" نسبة إلى الجسر القريب من ساحة التحرير المركزية. وإثر الهجوم الدامي، انتشر أصحاب "القبعات الزرق" العز ل التابعين للتيار الصدري في محيط المنطقة لحماية المتظاهرين. وتدفقت أعداد كبيرة من المحتجين إلى ساحة التظاهرات في بغداد والمحافظات الجنوبية حيث تجري اعتصامات منذ أسابيع عدة. ويطالب العراقيون منذ أكثر من شهرين، بتغيير الطبقة الحاكمة منذ 16 عاما ويتهمونها بالفساد والمحسوبية والتبعية لإيران. ويمثل الهجوم الأخير نقطة تحول في مسار حركة الاحتجاج العفوية التي أسفرت حتى الآن عن سقوط 445 قتيلا وأكثر من عشرين ألف جريح. فسبق للقوات الأمنية المنتشرة في محيط ساحات التظاهر أن أطلقت النار مرات عدة على المتظاهرين، لكن ما جرى ليل الجمعة مختلف، إذ أن تلك القوات وقفت مكتوفة الأيدي أمام هجوم المسلحين. ويبدو أن الأجهزة الأمنية الحكومية عاجزة عن التعرف عن المهاجمين أو اعتقالهم، في بلد اكتسبت فيه الفصائل المسلحة الموالية لإيران نفوذا كبيرا ، خصوصا بعدما باتت تحمل صفة رسمية. وبحلول الظلام، أعرب متظاهر لفرانس برس عن خشيته إزاء عودة العنف قائلا إن "قوات الأمن أغلقت الشوارع المؤدية الى ساحة التحرير ولا يستطيع المتظاهرون الوصول اليها، لكن في الوقت نفسه فان الاشخاص الذين هجموا علينا يمكنهم المرور". لكن غالبية المتظاهرين تعتزم البقاء في الساحة رغم ما يطلقون عليه تسمية "مذبحة السنك". وفي الجنوب، تجمع آلاف المتظاهرين في الناصرية والديوانية تضامنا مع ساحة التحرير في بغداد، وسط انتشار أمني كثيف، بحسب مراسلي فرانس برس. وكانت الفوضى عارمة في وسط بغداد اثناء الهجوم على المحتجين الذين لم يكن بحوزتهم سوى وسائل التواصل الاجتماعي لبث صور توثق صراخهم لساعات وغالبا في الظلام بسبب انقطاع التيار الكهربائي. وقال طبيب لوكالة فرانس برس ان "قوات الامن كانت على بعد كيلومتر واحد ولم تفعل شيئا". فيما قال أحد المتظاهرين "كان إطلاق النار على المتظاهرين كثيفا لم يرحموا ولم يسمحوا بإجلاء الجرحى (…) لقد كانت مذبحة". ورغم ذلك، تقول مصادر في الشرطة إنها توصلت إلى معلومات عن الفصائل التي شنت الهجوم ضد المحتجين الذي دانته السفارات الغربية في البلاد. ويسود قلق لدى المتظاهرين الذين أحرقوا عشرات المقار الحزبية ومكاتب الفصائل المسلحة من أن تكون ليلة العنف هذه هي الأسوأ. ومثلت "مذبحة السنك" صدمة وطنية ادانتها منظمات ومؤسسات غربية. ودعا الرئيس برهم صالح إلى "حماية المتظاهرين السلميين و ملاحقة المجرمين الخارجين على القانون والقبض عليهم وإحالتهم إلى القضاء العادل لينالوا العقاب الرادع الذي يستحقونه". وأصدرت رئاسة إقليم كردستان بيانا اعتبرت فيه أن ما حصل في بغداد "جرائم غير مبررة". فيما دعا السفير البريطاني ستيفن هيكي الحكومة "لحماية المتظاهرين واتخاذ تدابير عاجلة" لمحاكمة الجناة. وحذرت الأممالمتحدة من أن "عنف العصابات المنبثق عن الولاء للخارج (…) قد يضع العراق في مسار خطير". بدورها، اعتبرت منظمة العفو الدولية ان "الهجوم الجيد التنسيق" من قبل العديد من "الرجال المدججين بالسلاح في قافلة طويلة من المركبات" يطرح "تساؤلات جدية حول كيفية تمكنهم من عبور نقاط التفتيش في بغداد وارتكاب مثل هذه المذبحة". وينتشر في ساحة التحرير أصحاب "القبعات الزرق" التابعين ل"سرايا السلام" الجناح العسكري للصدر، الذي يعتبر أول المطالبين باستقالة الحكومة. ورغم أنهم عز ل، قال أحد المحتجين إنهم كانوا يحملون العصي وقنابل المولوتوف. وفجر السبت، أطلقت طائرة بدون طيار قذيفة على منزل مقتدى الصدر" في مدينة النجف على حد قول مصدر آخر. المتحدث باسم الصدر صلاح العبيدي لفرانس برس إن ما حصل "تأجيج لحرب قد تكون أهلية". وسبق للصدر أن أعلن تأييده للاحتجاجات التي تطالب بالحد من النفوذ الإيراني. وللصدر علاقات معقدة مع طهران التي انتقدها على مدى السنوات الماضية خلال تظاهراته الداعية إلى استقلالية القرار العراقي، لكنه رغم ذلك لم يقطع علاقاته بشكل نهائي مع الجمهورية الإسلامية التي يزورها مرارا . لكن العديد من المتظاهرين الذين يؤكدون عفوية حراكهم وعدم ارتباطهم بأي جهة سياسية، كانوا حذرين من دعمه. وشهدت النجف المقدسة لدى الشيعة أعمال عنف قبل عشرة أيام، بعدما أضرم محتجون النار بالقنصلية الإيرانية. وكان المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني شدد الجمعة على وجوب اختيار رئيس الحكومة الجديدة "بعيدا عن أي تدخل خارجي". قال السيستاني في خطبة الجمعة التي تلاها ممثله الشيخ عبد المهدي الكربلائي "نأمل أن يتم اختيار رئيس الحكومة الجديدة وأعضائها ضمن المدة الدستورية ووفقا لما يتطلع إليه المواطنون بعيدا عن أي تدخل خارجي". ورغم أن عادل عبد المهدي قدم استقالته إلى البرلمان بعد دعوة المرجعية، أكدت الأخيرة أنها "ليست طرفا " في اختيار رئيس الوزراء الجديد. وأصبحت طهران في طليعة المفاوضين لاختيار رئيس وزراء جديد لكنها عرضة أكثر من أي وقت مضى لغضب المتظاهرين الذين يعتبرونها عرابة النظام القائم. p.p1 {margin: 0.0px 0.0px 0.0px 0.0px; text-align: right; font: 12.0px ‘Geeza Pro'} span.s1 {font: 12.0px ‘Helvetica Neue'} المصدر: الدار أ ف ب