تتجه أنظار الطبقة السياسية والرأي العام في المكسيك صوب الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة، في الخامس من نونبر الجاري، بالنظر إلى تأثيراتها المرتقبة على العلاقات والشراكة مع البلد الجار والشريك التجاري الرئيسي في أمريكا الشمالية. إذ لطالما كان لانتماء قاطن البيت الأبيض السياسي تأثير بالغ على المكسيك، وخاصة ما يتصل بقضايا الهجرة والأمن الحدودي والمبادلات التجارية والاستثمارات. وبينما يحتدم التنافس بين الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية كامالا هاريس، يترقب الشارع المكسيكي نتائج هذا الاقتراع الهام باهتمام كبير. يشهد التاريخ بأن العلاقات المكسيكية-الأمريكية تأثرت كثيرا بمواقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بدءا من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، التي دخلت حيز التنفيذ سنة 1994، والتي أعادت، حسب المراقبين، هيكلة الاقتصاد المكسيكي، أو السياسة المتشددة التي اعتمدها دونالد ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى والتي شملت بناء جدار حدودي مع المكسيك وتضييق الخناق على المهاجرين السريين. وبالنسبة للمكسيك، لا تعني الانتخابات الرئاسية الأمريكية مجرد تنافس سياسي داخلي، فالنخبة السياسية والمواطنون بشكل عام يدركون مدى التأثير المرتقب للنتائج على قضايا حيوية تمس معيشهم اليومي. دونالد ترامب والمكسيك.. تاريخ من السياسات "الصارمة" شكل تولي الجمهوري جورج دبليو بوش الرئاسة الأمريكية في العام 2001 دفعة قوية للعلاقات المكسيكية-الأمريكية، حيث منحت سياسات إدارته زخما إيجابيا للتعاون بين البلدين في مجالات رئيسة مثل الأمن والطاقة، قبل أن تساهم أحداث ال11 من شتنبر في تشديد سياسة واشنطن في مجال الهجرة والحدود. ويرى الخبير المكسيكي في العلاقات الدولية، إدواريو كورييل، أن "المرشح الجمهوري الحالي يثير مخاوف المكسيكيين بشكل مباشر، إذ أن سياساته المتشددة في مجالي الهجرة والأمن تعيد إلى الأذهان واحدة من أصعب الفترات على الحدود المكسيكية، لاسيما بفعل جهوده المتواصلة لتعزيز ما يعرف ب"أمريكا أولا"، من خلال فرض رقابة صارمة على الحدود وتهديد المكسيك بفرض رسوم جمركية على صادراتها إلى السوق الأمريكية إذا لم تتحمل مسؤولية كبح تدفقات الهجرة". وأوضح الأستاذ في جامعة باناميريكانا بمكسيكو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن "هذه السياسات تخلق حالة من عدم اليقين في المكسيك تذكر بسيناريو سنة 2018 عندما أجبرت إدارة ترامب الحكومة المكسيكية على توقيع اتفاقيات أمنية وتجارية تحت ضغط فرض الرسوم". وأضاف الخبير في العلاقات الدولية أن مكافحة تهريب المخدرات والجريمة المنظمة، عبر سياسات أمنية أكثر صرامة، تعد أحد أهم محاور برنامج ترامب الانتخابي، والتي تتطلب من المكسيك تعاونا أكبر، مسجلا أنه وفيما قد تدعم بعض القوى السياسية المكسيكية هذا التوجه لحفظ الأمن الداخلي، فإن البعض الآخر يرفض ضغوطا سياسية تنتهك السيادة الوطنية. هاريس والمكسيك.. آفاق واعدة في مقابل "تشدد جمهوري" في قضايا الأمن والهجرة والحدود، تعهدت الديمقراطية كامالا هاريس بتبني مقاربة أكثر "تعاونا وإنسانية" في حال فوزها بالانتخابات الرئاسية الأمريكية. المصدر: الدار- وم ع