تتواصل الدينامية الدولية الإيجابية تّجاه السيادة المغربية على الصحراء بمزيد من المواقف الدبلوماسية المعترفة بهذه السيادة، والداعمة لمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب منذ سنة 2007. فبعد الموقف التاريخي الذي عبّرت عنه فنلندا في شهر غشت الماضي أعلنت الدنمارك اليوم أنها تعتبر "مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في 2007 مساهمة جادة وموثوقة في المسار الأممي الجاري وأساسا جيدا من أجل حل متوافق عليه بين جميع الأطراف". وتكمن أهمية هذا الموقف في أنه جاء في بيان مشترك، تم اعتماده عقب محادثات أجراها، أول أمس الاربعاء بنيويورك، وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة، مع وزير الشؤون الخارجية الدنماركي لارس لوكي راسموسن، على هامش الدورة ال 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة. ووصف هذا البيان المشترك مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب ب "المساهمة الجادة والموثوقة في المسار الأممي الجاري وأساس جيد من أجل حل متوافق عليه بين جميع الأطراف". وجدد الطرفان في البيان المشترك دعمهما للمسلسل الذي تقوده الأممالمتحدة والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء استافان دي ميستورا، وكذا للجهود من أجل التوصل إلى حل سلمي مقبول من جميع الأطراف لهذا النزاع، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتكمن أهمية هذا الموقف الدنماركي في أنه يعزز الدينامية التي تشهدها الدول الاسكندنافية فيما يتعلق بمساندة قضية الوحدة الترابية، ولا سيّما بعد الموقف الذي عبّرت عنه الخارجية الفنلندية في غشت الماضي. وكانت فنلندا قد اعتبرت المخطط المغربي للحكم الذاتي "أساسا جيدا لحل" للنزاع الإقليمي حول الصحراء. وتم التعبير عن هذا الموقف في البيان المشترك الصادر، يوم الثلاثاء 6 غشت بهلسنكي، عقب اللقاء الذي جمع وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة، ووزيرة الشؤون الخارجية الفنلندية، إلينا فالطونينو. لذا؛ فإن الموقف الدنماركي الذي أعلن اليوم يؤكد أن الأمر يتعلق بنفَس جديد تشهده هذه الدينامية الدولية الداعمة للسيادة المغربية، ولكن في منطقة ذات أهمية استراتيجية كبرى، وتضم دولا وازنة لطالما عُرفت في الماضي بمواقفها المتشددة في تناول قضايا النزاعات الإقليمية في مناطق مختلف من العالم. نحن نتحدث عن عواصم مؤثرة مثل كوبنهاجن وهلسنكي وستوكهولم وأوسلو. ويحظى موقف الدنمارك بأهمية أكبر بالنظر إلى دورها المحوري في كتلة دول شمال أوربا، وعلاقاتها المتينة مع دول أخرى مثل السويد والنرويج، وانخراطها المعروف في جل المبادرات الدولية سواء السياسية أو الأمنية أو العسكرية، إلى جانب دول حلف شمال الأطلسي (الناتو). وقد يشكل هذا الموقف الدنماركي مدخلا إلى اختراق دبلوماسي أوسع في المنطقة، قد يحقق المزيد من المواقف الإيجابية في المنطقة. لذلك يمكن أن نقول إن هذا التدرج في استقطاب تأييد دول شمال أوربا للقضية الوطنية يعِد بالكثير مستقبلاً ومن الممكن أن نشهد قريبا مواقف مشابهة لدول أخرى في المنطقة، ويمكن أن يكون لهذه المواقف تأثير وازن في المنتظم الدولي، ولا سيّما في الأممالمتحدة ومجلس الأمن. لا يعزّز هذا الموقف الدينامية الإيجابية حول قضية الصحراء المغربية فحسب بل يؤكد أيضا فعالية الدور الذي تؤديه الدبلوماسية المغربية في حشد المزيد من التأييد والمناصرة لقضية وحدتنا الترابية. ويكشف أيضا ضرورة مواصلة هذا الزخم الدبلوماسي الذي تمكن في ظرف بضع سنوات من تحقيق مكتسبات مهمة لصالح القضية الوطنية، بدأت باعتراف أميركي تاريخي ثم تلته مواقف دول أخرى وازنة مثل إسبانيا وفرنسا مؤخرا. ولعل انضمام الدنمارك إلى هذه الدول الأوربية يمثل مرحلة جديدة في هذا الزخم لأنه يفتح الباب على مصراعيه لإمكانية تليين مواقف دول أخرى لطالما انخدعت بالمقول الانفصالية بدعاوى تقرير المصير المزعومة.