وليد الركراكي وحسين عموتة نموذجان دالّان على التقدم الذي تحققه الرياضة الوطنية ولا سيما كرة القدم في السنوات الأخيرة. الإنجاز الذي حقّقه الناخب الوطني مع أسود الأطلس في كأس العالم كان إنجازا غير مسبوق على الصعيد الإفريقي والعربي. ترك الركراكي بصمته في مونديال قطر 2022 وأدخل القارة السمراء تاريخ المربع الذهبي لأول مرة منذ بدء مسابقات كأس العالم. واليوم يصنع الإطار الوطني حسين عموتة مجدا آخر للكرة العربية عندما نجح في إيصال المنتخب الأردني لكرة القدم لأول مرة في تاريخه إلى المربع الذهبي، ثم النهائي. وفي ظل الحظوظ الكبيرة التي يحتفظ بها منتخب النشامى للفوز بالكأس الآسيوية لأول مرة في تاريخه، فإن من المحتمل أن يكون حسين عموتة ثاني مدرّب عربي يفوز بكأس آسيا مع منتخب عربي بعد المدرب السعودي خليل الزياني. حسين عموتة الإطار المجتهد الذي يجرّ وراءه خبرة طويلة في الكرة العربية والخليجية على الخصوص، وصل مرحلة متقدمة جدا من النضج الكروي الذي يسمح له اليوم بمنافسة كبار المدرّبين العالميين على رأس منتخب عربي واعد مثل المنتخب الأردني الذي دخل هذه البطولة دون أن يكون مرشحا حتّى للتأهل للدور الثاني فإذا به يصل إلى المباراة النهائية ويصنع تاريخا جديدا لكرة القدم الأردنية. وما زاد هذا الإنجاز عظمة وأهمية أنه لم يكن بالنتيجة فقط، بل بالأداء أيضا. لقد قدم لاعبو المنتخب الأردني في مباراة نصف النهائي أمام منتخب كوريا الجنوبية القوي مباراة تاريخية واستطاعوا بفضل الجمع بين المواهب الفنية والالتزام التكتيكي أن يحقّقوا الهدف المطلوب الذي رسمه المدرّب حسين عموتة. هذا المدرّب العصامي الذي استطاع أن يشق طريقه وسط الكبار ويحفر اسمه على تراب الكرة العربية بأظافره وكفاحه. لقد واجه الرجل حملة شعواء قبيل انطلاق البطولة الآسيوية وتعرّض إلى انتقادات واسعة بسبب نتائج المنتخب الأردني خلال المباريات الإعدادية، لكنّ الرجل ظل ثابتا واحتفظ بهدوئه المعهود لأنه كان واثقا تمام الثقة من عمله وجهده. وقد استطاع بفضل ذلك الثبات أن يؤكد صحة اختياراته التكتيكية والبشرية. ما يقدّمه حسين عموتة اليوم على صعيد بطولة آسيا ليس مجرد تألق شخصي يستحقه الرجل لأن لكل مجتهد نصيب، بل هو أيضا تشريف لكرة القدم الوطنية والجهود التي بُذلت في الأعوام الماضية من أجل تأهيل الأطر الوطنية ودعمها لتقديم أفضل ما لديها على كافة الأصعدة العربية والقارية. لقد استفاد ابن الخميسات من خبراته المتراكمة منذ أن كان لاعبا حتّى أصبح مدربا في البطولة الوطنية ثم مشرفا على المنتخبات الوطنية المحلية وصولا إلى هذا المجد العربي والآسيوي الذي سينضاف إلى مشواره وخزانته الشخصية. وها هو قد علا نجمه اليوم على الصعيد العربي واستطاع أن يقدّم ملحمة أخرى على أرض قطر على غرار تلك التي قدمها نظيره وليد الركراكي. يحقّ للأردنيين أن يفخروا بمنجزهم الرياضي ووصولهم لأول مرة في تاريخهم إلى المباراة النهائية للتنافس على اللقب الآسيوي، ويحقّ لنا أيضا في المغرب أن نفخر بالإطار الوطني المتألق وطاقمه الذي حرص على أن يكون أيضا من خريجي المدرسة المغربية. وبفضل هذا الحرص الوطني يواصل حسين عموتة حكاية النجاح الذي حقّقته كرة القدم المغربية في كأس العالم بقطر 2022. ومن المؤكد أن أفضل المنتخبات العربية والآسيوية تفكر اليوم جديا في التعاقد مع هذا البطل الذي أكد كفاءة الأطر العربية والإفريقية وقدرتها على المنافسة والعطاء حتّى في مواجهة المدرّبين العالميين الكبار من أمثال يورغن كلينسمان وروبرتو مانشيني.