أعلن جلالة الملك محمد السادس، في خطابه السامي بمناسبة الذكرى ال 48 للمسيرة الخضراء، عن بداية مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي والاستراتيجي مع دول القارة الإفريقية، و كشف خارطة طريق الورش الأطلسي الذي يقوده المغرب في إفريقيا. وفي هذا الصدد، أكد محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء يمثل ترسيخا لنهج التنمية والبناء في الصحراء المغربية ورؤية مرجعية لخلق شروط نموذجية للعمل الأطلسي المشترك. وأضاف بودن في تصريح خص به موقع " الدار "، أن الرؤية الملكية السامية ترسم اتجاها طموحا ومبتكرا للفضاء الأطلسي، وتؤسس لدعائم الازدهار المشترك في الواجهة الأطلسية للقارة الأفريقية وجعلها فضاء للشراكة من أجل التقدم والسلام لمصاحبة مختلف الديناميات الجديدة، من منطلق أن 46 في المائة من سكان القارة الأفريقية يتواجدون في البلدان المطلة على الواجهة الأطلسية. وحسب رئيس المركز ، فإن الخطاب الملكي يعكس عزما على الاستفادة بشكل أمثل من الموارد البشرية و الاقتصادية في إطار جماعي ومن التواصل الجغرافي بين شمال ووسط وجنوب القارة الافريقية وهو طموح من شأنه أن يمكن هذا الفضاء الواعد بدولة ال 23 من لعب دور أكثر نشاطا في تقوية محركات النمو ومواجهة التحديات التقليدية و الناشئة بفعالية في العقود القادمة فضلا عن إعطاء الأولوية لتطوير البنية التحتية الإقليمية و روابط النقل البري و البحري و الجوي لزيادة الاتصال الذي من شأنه تسهيل حركية أكبر للبضائع و الأشخاص و السلع و الخدمات و الاستثمارات. وأشار بودن إلى أن الخطاب الملكي يتضمن قراءة جيو – استراتيجية عميقة لمقومات ونقاط قوة الواجهة الأطلسية باعتبارها بوابة المغرب نحو أفريقيا ونافذة انفتاحه على الفضاء الأمريكي والطموح الأساسي هو جعلها تتبوأ مكانتها كفضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري. وأضاف رئيس مركز أطلس، أنه بفضل الرؤية الدبلوماسية لجلالة الملك محمد السادس تستمر المملكة المغربية في تعزيز خياراتها وبدائلها بما يمكن من تحقيق صور أخرى للزخم متعدد الأبعاد ويوسع مجال تحركها كدولة أفريقية رائدة ويمكن من إغناء التفاعلات والروابط الممتدة بين رأس سبارتيل ورأس الرجاء الصالح في فضاء تتركز فيه 55 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الافريقي وتحقق اقتصاداته نسبة 57 في المائة من التجارة الحرة بالقارة. وأكد بودن، أن الموقع الاستراتيجي للمغرب يتيح إمكانية الوصول إلى العديد من الجهات الفاعلة و المهمة في المحيط الإقليمي و القاري و خارج القارة الافريقية ، لذلك يرى المتحدث ذاته ، أن التنمية على مستوى الصحراء المغربية تأخذ نسقا تصاعديا منذ سنة 2015، وفق معادلة تنموية ثلاثية لا يمكن إعادة عقارب زمنها إلى الوراء، حيث تركز على الإنسان و الجاذبية و الفرص باستثمار مؤهلات المنطقة و تعزيز الفرص الاستثمارية في مجالات الطاقة المتجددة و الاقتصاد الأزرق و السياحة الشاطئية و الصحراوية و التنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر . وفي ذات السياق، يؤكد رئيس مركز أطلس أن جلالة الملك محمد السادس جعل لمسألة تكوين أسطول بحري تجاري وطني ، قوي و تنافسي كأفق للتفكير من شأنها أن تحول المغرب لمركز بحري دولي وموطن لمجموعة متنوعة من الأنشطة البحرية في طبيعتها اللوجستية و القانونية و التجارية و الرقمية و البيئية، ومن الواضح أن الصحراء المغربية تتوفر على إمكانات المدن البحرية الرائدة كما أن تحولها إلى قطب قنصلي و تنموي و ترسخ مغربيتها دوليا بفضل الاتجاه الدولي الواسع لدعم السيادة المغربية و مبادرة الحكم الذاتي وممارسة عدد من أصدقاء المغرب للإيمان بالحقوق السيادية المغربية مكن من إنهيار مناورات الخصوم المكشوفين و المخفيين الذين تمكن المغرب من رؤيتهم و تحديدهم وفق قاعدة الصحراء المغربية نظارة استراتيجية. وفي ختام حديثه ، اكد بودن أن التوجه الأطلسي للمملكة المغربية ينسجم مع القناعات الجوهرية في نطاق التعاون جنوب – جنوب الذي يعتبر نهجا ثابتا في الرؤية المغربية من منطلق الالتزام والتضامن المغربي تجاه العمق الافريقي الذي تجسد في إبراز جلالة الملك محمد السادس لأهمية تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.