"ضيف خاص" العنوان الذي اختارته قناة الجزيرة لما يبدو أنه الجزء الثاني للحوار الذي أجرته القناة مع الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بعد الحور الذي بث يوم 22 مارس الفارط. تبون، الذي لم يعد في واقع الأمر، "ضيفا خاصا" على قناة الجزيرة، لأنه اعتاد أن تتم استضافته كل مرة لكيل التهم للمغرب، و مهاجمة وحدته الترابية، لم يخرج في الحلقة التي بثت أول أمس الخميس، عن خطابه العدائي المقيت ضد المملكة المغربية. في هذه الحلقة ذهب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بعيدا في خطابه، و "عاد على رجليه"، كما يقول المثل الشعبي المغربي، حيث قدم المغرب هذه المرة ك"خصم في مالي"، فيما يبدو أن الحلقة سجلت قبل شهر رمضان، كما يتضح من المكان الذي جرى فيه الحوار ومن ملابس الصحفية ومحاورها، التي لم تتغير. الحوار مع الرئيس تبون، الذي بث في جزئه الثاني، في اطار برنامج آخر "بودكاست"، لم يأتي بجديد يذكر، بل اجتر الرئيس الجزائري، ذات الأسطوانة المشروخة، وهي "الاستفتاء"، الخيار الذي لم يعد مطروحا في ملف الصحراء المغربية، وفي أجندة الأممالمتحدة والمبعوث الخاص لأمينها العام الى الصحراء. بالعوة الى القرار رقم 2548، الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء المغربية، في نونبر 2020، سنجد أن القرار لا يتضمن أية إحالة على الاستفتاء، بينما يشير ست مرات إلى الحل السياسي، بما يفيد أن من يواصلون طرح خيار الاستفتاء هم خارج القرار الأممي، الذي يرسخ الشرعية الدولية ويعبر عن إرادة المجتمع الدولي. الصحراويون المحتجزون في مخيمات تندوف، تخلوا هم أيضا منذ فترة طويلة على الاستفتاء، وهو ما يعني بأنهم سيكونون مجبرين بالبقاء معذبين في التراب الجزائري، طالما استمر كابرانات النظام العسكري الجزائري في استعمالهم ك"سلاح سياسي" سياسي في مواجهة المغرب. كما أكد مسؤول دبلوماسي كبير في الأممالمتحدة تحدث إلى Columna Digital، التي أعدت تقريرا ميدانيا بمقر البعثة: "في الصحراء، أنه " من السذاجة التفكير في إمكانية إجراء استفتاء غدا في الصحراء"، مضيفا: "يبدو أن مركز الثقل يتحول نحو أنواع أخرى من الاتفاقات السياسية غير تلك المتوقعة في بداية التسعينيات". الخطابات الرنانة المدغدغة لمشاعر المحتجزين في مخيمات تندوف، التي يروج لها كابرانات قصر المرادية، أضحت أسلوبا مفضلا للرئيس عبد المجيد تبون، منذ وصوله الى الرئاسة الجزائرية، حيث لم يخرج خطاب "قصر المرادية" عن متلازمة العداء ضد المغرب، وزاد الأمر بعد الاعتراف الأمريكي بالسيادة على الأقاليم الجنوبية واستئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية، ثم تقدم الموقفين الإسباني والألماني من الصحراء. وقطعت الأممالمتحدة مع قضية الاستفتاء بالصحراء المغربية، بعد وقوفها على عدم إمكانية تطبيقه، وفقا ما أكده الأستاذ بجامعة نيويورك، محمد بوتجدير، في غشت 2014، حينما أوضح في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن " المغرب قبل بالاستفتاء وعمل على التعاون مع الأممالمتحدة لتنفيذ الاستفتاء بين عامي 1991 و 2000″، مبرزا أن " استحالة جمع كتلة ناخبة قادت الأممالمتحدة إلى الاستنتاج بأن الاستفتاء غير قابل للتطبيق بالصحراء المغربية لأسباب واضحة". وأكد الخبير أنه "حينما لا تستطيع تحديد الكتلة الناخبة لا يمكنك إجراء استفتاء حقيقي"، ومن هنا "ليس من الممكن إجراء استفتاء بحوالي 50 في المئة من الكتلة الناخبة وتجاهل 49 في المئة". بعيدا عن الخطابات العدائية للنظام العسكري الجزائري، يتعامل المغرب دوما وفق خلاصات الأممالمتحدة، وظل متمسكا بمواكبة جهود الأممالمتحدة ، والمساهمة بجدية للتوصل إلى تسوية سياسية عادلة ودائمة ومقبولة من الأطراف، وخاصة من خلال مقترح الحكم الذاتي الذي حظي بالاعتراف كونه واقع وذو مصداقية، وجدي"، وهو واقع لا يريد كابرانات النظام العسكري الجزائري، استيعابه.