يحظى ملف تبادل الأسرى بين روسياوأوكرانيا، بأهمية قصوى في المقاربة الإنسانية التي تنتهجها دولة الإمارات العربية المتحدة لإنهاء الصراع بين موسكو وكييف. للحيلولة دون تفاقم الأوضاع الإنسانية الى ما هو أسوأ، حرصت الإمارات منذ اندلاع الصراع الروسي-الأوكراني على تغليب الجوانب الإنسانية من خلال إبداء استعدادها للقيام بدور وساطة لتبادل الأسرى بين روسياوأوكرانيا، وكذا من خلال مناشدتها المتكررة للتدخل العاجل حقنا لدماء المدنيين، وتسهيل عمل وكالات الاغاثة الدولية. مقاربة إنسانية لحل الأزمة وحافظت الإمارات منذ اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية، على موقفها الراسخ إزاء المبادئ الأساسية للأمم المتحدة والقانون الدولي وسيادة الدول ورفض الحلول العسكرية، إذ تتمثل أولوية الإمارات في الأزمة الأوكرانية، في العمل على تشجيع جميع الأطراف لتبني خيار الدبلوماسية، والسير نحو التفاوض من أجل إيجاد تسوية سياسية، خاصة أن الإمارات لديها علاقات مع كل من روسياوأوكرانيا، و تتبنى موقفا محسوبا في دعم الحوار والحل السلمي لهذه الأزمة، بعيدا عن الاصطفافات المؤدية إلى تفاقم وتأجيج الأوضاع. كما أن ما يقوي مكانة الإمارات في لعب أدوار كبيرة لإنهاء الأزمة بين روسياوأوكرانيا، خاصة في ملف الأسرى، هو بقاؤها على صلة بجميع الأطراف، ومحاولتها التوفيق بين التزاماتها الدولية وبين مصالحها الوطنية، في علاقة توازن ومواءمة، فضلا عن رصيدها الإقليمي والدولي ومصداقيتها، وكلها عوامل تؤهل الإمارات للعب دور إيجابي مرغوب فيه لدى جميع أطراف الأزمة، لاسيما أنها عضو في مجلس الأمن الدولي و تتولى رئاسته الدورية. المقاربة الإنسانية الإماراتية للحرب الروسية-الأوكرانية تتضح، أيضا من خلال مناشدة الإمارات للمنتظم الدولي من أجل السماح للمساعدات الإنسانية بالوصول للمحتاجين دون عوائق، وهو ما تجلى في إعلانها، الأربعاء 2 مارس 2022، عن تقديم مساعدات إغاثية للمدنيين المتضررين في أوكرانيا بقيمة خمسة ملايين دولار أميركي، وذلك استجابة لنداء الأممالمتحدة العاجل، وخطة الاستجابة الإقليمية للاجئين في أوكرانيا. وفي ذات السياق، وجهت مندوبة دولة الإمارات لدى الأممالمتحدة، لانا نسيبة، في 3 مارس 2022، دعوات بضرورة حشد الجهود الدولية لوقف الأعمال العدائية في أوكرانيا، مشيرة إلى أن "الوضع الإنساني في أوكرانيا يسوء يوما بعد يوم". جهود إماراتية في ملف تبادل الأسرى من أهم المخرجات التي تمخضت عن الزيارة التي قام بها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الى روسيا، هو تجديد استعداد الامارات للعب أدوار طلائعية في ملف تبادل الأسرى، وهو ما يمكن أن نستشفه من خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أشاد بدور رئيس دولة الإمارات في حل القضايا الإنسانية في أوكرانيا، بما في ذلك تبادل الأسرى. في وقت يحاول فيه المنتظم الدولي الدفع قدما نحو انهاء الأزمة الروسية-الأوكرانية، التي ترخي بظلالها على المشهد الجيو استراتيجي العالمي، تنزل الإمارات بكل ثقلها في مساعي دبلوماسية إنسانية حثيثة لتقريب وجهات النظر، والدفع بالمفاوضات بين موسكو وكييف نحو وضع حد للأوضاع الإنسانية المتدهورة في ميدان الحرب. خطاب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كان واضحا وحمل إشارة قوية من أن موسكو تعول كثيرا على الوساطة الإماراتية، حيث قال بوتين خلال مؤتمر صحفي عقب قمة "رابطة الدول المستقلة" في كازاخستان، إنه "منفتح" على المفاوضات مع كييف وعلى وساطة دول مثل الإمارات العربية المتحدة"، مؤكدا أن "الجانب الروسي يقدر هذه الجهود التي تقوم بها دولة الإمارات والتي أكدت استعدادها لمواصلة جهود الوساطة". تحاول الامارات، و رئيسها الشيخ محمد بن زايد، استغلال علاقاته القوية مع المنتظم الدولي، والعلاقات الوثيقة التي تجمعه مع روسيا، وكذا المصداقية التي يتمتع بها على المستوى العالمي في مجال إحلال السلام، وانهاء الأزمات العالمية، للقيام بدور الوساطة في أزمة الحرب الأوكرانية. ما يؤهل، الامارات ورئيسها الشيخ محمد بن زايد، للعب أدوار كبيرة في ملف تبادل الأسرى، هو كونه أول رئيس عربي يزور موسكو ويلتقي بوتين منذ اندلاع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ومن ثم ستُبنى عليها توجهات سياسية كبيرة في الفترة المقبلة، لإحداث حراك لحل هذه الأزمة بالنظر لمصداقية الرئيس الإماراتي في الأوساط الدولية. بالرجوع الى المؤتمر الصحفي، الذي عقد في أستانا بروسيا، نستشف اهتمام روسي ملفت للانتباه بالوساطة الإماراتية في ملف تبادل الأسرى مع كييف، حيث قال الرئيس الروسي :" روسيا ممتنة لرئيس الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد آل نهيان، لدوره كوسيط في حل القضايا الإنسانية في أوكرانيا، بما في ذلك تبادل الأسرى". وأضاف :" دولة الإمارات بالطبع مستعدة للعب دور الوساطة، ولا بد لي من القول إن رئيس الإمارات مهتم ومشارك بذلك، بما في ذلك القضايا الإنسانية وتبادل الأسرى، وما إلى ذلك.. نحن ممتنون له".