أكد جوهر النفيسي، رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، اليوم الخميس بالرباط، أن " المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب قد عرفت خلال الأربع سنوات الأخيرة طفرة نوعية كان لها أثر جد إيجابي في مجال الملاءمة مع المعايير الدولية ذات الصلة وذلك باعتراف خبراء مجموعة العمل المالي باعتبارها الهيئة الدولية المختصة في مجال وضع المعايير الدولية ذات الصلة ومراقبة احترامها من طرف الدول وكذا مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي يعتبر المغرب عضوا مؤسسا لها منذ سنة 2004″. وأوضح جوهر النفيسي، في كلمة بمناسبة التوقيع على اتفاقية التعاون بين رئاسة النيابة العامة والهيئة الوطنية للمعلومات المالية، أن " ورش التعديلات التشريعية والتنظيمية التي تم تتويجه بنشر القانون رقم 18-12 بتغيير وتتميم القانون الجنائي والقانون رقم 05-43 المتعلق بمكافحة غسل الأموال بالجريدة الرسمية في يونيو 2021، قد ساهم في تعزيز الالتزام الفني بالتوصيات والمعايير الصادرة عن مجموعة العمل المالي، وهو ما يجسد على أرض الواقع الالتزام السياسي الذي عبرت عنه السلطات المغربية لتنفيذ خطة العمل المتفق عليها مع مجموعة العمل المالي وتدارك أوجه القصور التي أثارها تقرير التقييم المتبادل". وأشار ذات المتحدث الى أن " القانون الجديد قد كرس المقاربة الوقائية التي تقتضي تعزيز التدابير الاحترازية وتعميم النهج القائم على المخاطر بهدف تحصين الأسواق والمؤسسات المالية ومنع استغلال الأشخاص الاعتباريين والمنظمات غير الهادفة للربح لأغراض غير مشروعة أو إخفاء العائدات المتحصلة من الجريمة، كما غطى هذا القانون الجديد إحدى الثغرات التي كانت تعتبر استراتيجية في المنظومة الوطنية وتتعلق بإحداث آلية قانونية وإجرائية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع لمنظمة الأممالمتحدة المتعلقة بالعقوبات المالية المستهدفة الخاصة بالإرهاب وانتشار التسلح وتمويلهما". وأضاف جوهر النفيسي في هذا الصدد :" إذا كان تأهيل النظام القانوني والمؤسساتي قد مكن من تعزيز درجة الالتزام الفني بالتوصيات الأربعين لمجموعة العمل المالي، فإن فعالية المنظومة تقاس على أساس معايير مضبوطة ومحددة من طرف مجموعة العمل المالي تنصب على التأكد من التطبيق الفعلي للنصوص القانونية من خلال عدد التصاريح بالاشتباه والإحالات على المحاكم المختصة والمتابعات والأبحاث والتحقيقات المالية الموازية والإدانات وحجم المتحصلات الجرمية المجمدة والمحجوزة أو المصادرة". وذكر رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية في هذا الإطار، بإصدار العديد من النصوص التنظيمية توخيا للفعالية المنشودة لعل من أهمها المرسوم المتعلق بتوسيع نطاق الاختصاص الترابي للنظر في قضايا غسل الأموال ليشمل محاكم الدارالبيضاء وفاس ومراكش، بعد أن كان الاختصاص منحصرا في المحكمة الابتدائية بالرباط، والمرسوم المتعلق بالهيئة الوطنية للمعلومات المالية الذي ينص على توسيع التمثيلية في مجلسها ليشمل جميع الإدارات والمؤسسات المعنية بمكافحة غسل لأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية وعلى رأسها رئاسة النيابة العامة". وتابع جوهر النفيسي بأن " رئاسة النيابة العامة قامت في ذات السياق بإصدار دوريتين هامتين: الأولى بتاريخ 14 نونبر 2019 تدعو فيها السادة الوكلاء العامون ووكلاء الملك للتقيد بالعديد من التدابير والإجراءات منها على الخصوص إجراء الأبحاث المالية الموازية لجرد ممتلكات المتهمين والاستفادة من تحليلات الهيئة الوطنية للمعلومات المالية وتفعيل إجراءات الحجز والتجميد والتعاون القضائي الدولي؛ والثانية بتاريخ 30 أبريل 2021 تؤكد على ضرورة التقيد بالتدابير والإجراءات السالفة الذكر، مع حث جميع النيابات العامة بمحاكم المملكة على الرفع من أدائها في مجال مكافحة غسل الأموال، تنفيذا لالتزامات بلادنا الدولية وتنزيلا لتوجيهات السياسة الجنائية الوطنية". ولفت المتحدث ذاته الانتباه الى أن " تفعيل هذه الإجراءات قد مكن من مضاعفة عدد قضايا غسل الأموال المعروضة على المحاكم المختصة والرفع من حجم المتحصلات الجرمية المجمدة والمحجوزة والمصادرة، باعتبارها معطيات تؤكد نجاعة وفعالية المنظومة الوطنية في هذا المجال"، موردا أن " رئاسة النيابة العامة قد ساهمت بفعالية في ورش يكتسي أهمية بالغة بل يعتبر العمود الفقري لتوصيات مجموعة العمل المالي، ألا وهو ورش التقييم الوطني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث تتولى رئاسة النيابة العامة الإشراف على فريق عمل من ضمن فرق العمل الموضوعاتية الأربعة المحدثة لهذا الغرض وهو الفريق المكلف بتحديد مخاطر غسل الأموال. فبعد التقرير الأول لمخاطر غسل وتمويل الإرهاب المعتمد في أبريل 2019، أنجزت بلادنا تقريرها الثاني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتم اعتماده من طرف الحكومة في أبريل 2022″. وتابع رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية :" ولعل من بين أهم أوجه التعاون بين الهيئة الوطنية للمعلومات المالية ورئاسة النيابة العامة في مجال الفعالية واعتماد التقنيات الحديثة في تبادل المعلومات، يتمثل في التطبيقية التي قامت رئاسة النيابة العامة بوضعها رهن إشارة مصالح الهيئة الوطنية والتي تمكن من تتبع قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية. كما قامت الهيئة الوطنية بتوفير الولوج لقضاة النيابة العامة بالمحاكم الابتدائية المختصة ومحكمة الاستئناف بالرباط، إلى النظام المعلوماتي goAML الخاص بالهيئة واستعماله لتبادل المعلومات ذات الصلة بقضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما يسمح بتوفير الوقت والجهد وترشيد الموارد البشرية واللوجستيكية، ويضمن عنصر السرية والتحفظ الواجبين". وسجل جوهر النفيسي بأن " المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب قد عرفت تطورا نوعيا في الآونة الأخيرة حيث استطاعت بلادنا رفع درجات الالتزام الفني بتوصيات مجموعة العمل المالي لتصبح ملتزمة ب 34 توصية من أصل 40، وذلك خلال الاجتماع العام الأخير لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المنعقد بالمنامة في ماي 2022 وهذا راجع أساسا للإصلاحات القانونية والمؤسساتية والإجرائية التي تمت خلال السنوات الأربع المنصرمة. وأبرز بأن " هذه النتائج الإيجابية المحققة ارتبطت بسياق خاص يتميز بترأس المملكة المغربية لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أن تحصينها يقتضي من جميع الشركاء والمتدخلين في المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والذين يستشعرون جيدا أهمية المرحلة، تظافر الجهود للاستمرار على نفس النهج في تنزيل المعايير الدولية والممارسات الفضلى والمتمثلة في تبني المبادئ الإرشادية المشتركة و المذكرات التوجيهية الموجهة لسلطات إنفاذ القانون في مجال مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية وإعداد وتعميم أنماط وأساليب واتجاهات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بهدف مساعدة هذه المصالح على التطبيق الفعال والسليم للمقتضيات القانونية ذات الصلة، دون إغفال أهمية التعاون في مجال تبادل الخبرات والتجارب. وشدد جوهر النفيسي في هذا الإطار بأن " الهيئة الوطنية للمعلومات المالية ستستمر في تفعيل دورها كمنسق وطني في مجال محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتكثيف اللقاءات مع السلطات القضائية وسلطات إنفاذ القانون بهدف تعزيز التنسيق والتعاون وتحقيق فعالية المنظومة الوطنية في مكافحة الجرائم المالية، وذلك في أفق استكمال تنفيذ برنامج العمل الذي التزمت به بلادنا مع مجموعة العمل المالي في الاجل المحدد نهاية شتنبر 2022 وتحضيرا للزيارة الميدانية لخبراء المجموعة بعد ذلك ثم الخروج إن شاء الله من اللوائح السلبية للمجموعة. وخلص جوهر النفيسي في كلمته الى أن " هذه الاتفاقية الهامة التي نبرمها اليوم تعتبر تكريسا للتعاون الوثيق وتتوجا لمسار حافل من العمل المشترك بين المؤسستين، كما أن من شأنها أن تعزز الشراكة الاستراتيجية بينهما خدمة للأهداف المتمثلة في محاربة الجريمة المالية المنظمة وتلبية المتطلبات الدولية في هذا المجال. بالمقابل فإن تفعيل مقتضياتها يستدعي منا مزيدا من التعبئة لرفع التحديات ومواكبة التطورات التكنولوجية السريعة، ونهج سياسة استباقية لمحاربة هذا النوع من الجرائم، وهو ما من شأنه أن يوفر الحماية والمناعة اللازمتين للاقتصاد الوطني، وأن يعزز الثقة في نظامنا المالي وأن يساهم في تحسين مناخ المال والأعمال. واعتبر رئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية أن " هذا التنسيق بين المؤسستين ليس وليد اليوم، فبالإضافة الاختصاص المنصوص عليه في القانون رقم 05-43 والمتعلق بإحالة الملفات من طرف الهيئة الوطنية على النيابة العامة المختصة، تعتبر هذه الاتفاقية اليوم تتويجا للدينامية الحثيثة والمضطردة التي أصبح يعرفها التنسيق الوطني خاصة مع السلطات القضائية، والذي تعزز منذ انطلاق عملية التقييم المتبادل للمنظومة الوطنية في مارس 2018، حيث شاركت رئاسة النيابة العامة وبشكل فعال في كل مراحل مسلسل التقييم المتبادل بما فيها اللقاءات المباشرة مع خبراء مجموعة العمل المالي ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما باشرت العديد من الإصلاحات ونظمت العديد من ورشات العمل والدورات التكوينية والتحسيسية، حيث كان لهذه المبادرات عظيم الأثر فيما تم التوصل إليه من نتائج ملموسة". يشار الى أن الاتفاقية الموقعة اليوم تهدف بالأساس الى وضع إطار للتعاون والتنسيق بين رئاسة النيابة العامة والهيئة الوطنية للمعلومات المالية بهدف ضمان التبادل السريع للمعلومات المتعلقة بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وكذا الجرائم الأصلية ذات الصلة بالإضافة الى وضع أسس لشراكة فعالة في مجال التكوين والتحسيس وتعزيز التنسيق والتشاور وتقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب والحد منها.